خطبة الجمعة كيف نستقبل شهر رمضان الكريم ، وما هي أهم الأشياء التي علينا أن نتجنبها في رمضان، وكيف نخرج منه فائزين وغيرها الكثير والكثير من الأحكام الرمضانية التي لابد من التنويه عليها في خطبة الجمعة . إذ أن بها يجتمع المسلمون من كل حدب وصوب ليؤدون فريضة الصلاة فهي خير فرصة ينتهزها الإمام لتكون الخطبة حول شهر رمضان المبارك.
إن الحمد لله نحمد تعالى ونستغفره، ونعوذ بالله عز وجل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهد الله فما له من مضل، ومن يُضلل فما له من هاد. ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه. يا أحباب الله ما هي إلا أيام قليلة ليحل علينا شهر الخير والرحمات. شهر به خير أيام وليالي الأرض ليلة القدر التي بها نزل القرآن الكريم إلى السماء الدنيا على خير أهل الأرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ”، سورة البقرة.
فرمضان يحل علينا كل عام مرة واحدة، وسرعان ما تنقضي أيامه ولياليه فاز من فاز وخسر من خسر، فعلينا أن نُشمر له جيداً، ونستعد لتلك الأيام المباركة لنكون من الفائزين برضا الله عز وجل ونعيمه في الآخرة. فالندم يا أحبابي لن يُعيد تلك الأيام مرة أخرى، ولن يُولد إلا الحسرة في القلوب عن تلك الأيام التي يعلم الله إن كانت ستنعاد عليها مرة أخرى أم لا.
فمن الآن حمس نفسك، واجعلها تعتاد على العبادات والصيام والقيام. ليأتي رمضان وأنت على أهبة الاستعداد للنيل من تلك المنحة الربانية العظيمة لتغتنمها بشكل يُحقق لك الرضا والسعادة في الدنيا والآخرة.
فهل تُصدقوني إن أقسمت لكم بأن تلك النفحات الإيمانية لا تحتاجنا، بل نحن من نحتاج إليها وبشوق. فنفوسنا الضعيفة تحتاج دموع الخشية بين يدي الله لتُقويها. وعزائمنا المفترة تحتاج الدعاء والقيام ليشد منها. وشهواتنا المتواصلة تحتاج الصيام ليحد منها. نشتاق يا رمضان إليك، فلا تجعل اللهم نصيبنا منه الجوع والعطش، واجعلنا به من الفائزين بعفوك، وادخلنا فيه في رحمتك.
ألم تنتبهوا يا إخواني لقول أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلِقت أبواب النار، وصفدت الشياطين”. نعم لا يوجد شياطين في رمضان، ليجد الإنسان نفسه في صراع مع شيطان أكبر وهو شيطان النفس، فإما أن يتغلب عليها فينال الأجر. وإما أن تهزمه فيغرق في ذنوبه لاهياً عن فضائل رمضان وكرماته.
إن الشهر للجميع ولكن يا تُرى من الفائز، من سيخرج من رمضان مغفوراً له. من سيشعر بحلاوة إيمانه بالله. من سيستشعر لذة القرب إلى الله في ركات الليل. من سيعتقه الله من النار في ليلة من ليالي رمضان. وعلى النقيض من سيخرج من هذا الشهر محملاً بذنوب جديدة فوق ذنوبه. آثام أخرى فوق آثامه. تمعن الأمر جيداً وعليك الاختيار.
فإن كنت تود النيل من كرمات هذا الشهر المبارك، عليك أن تستغله بشكل صحيح. تبعد فيه عن تلك المسلسلات الرمضانية التي من شأنها أن تفسد صومك وتُلهيك عن الذكر. وتُنظم فيه وقتك جيداً ما بين العمل والعبادة. تجتهد فيه بأقصى قدر لديك، لتنال الفضل من الله، ويُبلغك فيه ليلة القدر.
ولا تنسى أن معرفتك عن أحكام الصيام والقيام في هذا الشهر المبارك ستُفيدك كثيراً في تجنب الوقوع في المعاصي والآثام. وفقنا الله وإياكم وهدانا إلى الصواب، وبلغنا شهر الكرم وأعاننا فيه على الصيام والقيام.