بحث عن علم التفسير ، أعظم العلوم وأجلها، وأعظمها بركة، وأحسنها أثرًا، وأوسعها معرفةً، أهله في أرفع درجة، وطالبه مرابط في سبيل الله، هو الوسيلة المثلى لفهم كتاب الله تعالى خير الكلام وأشرفه، ومنهج الإسلام و مستشرفه، المعين الذي لا ينضب، والمحيط الذي لا يفرغ، وطريق الهدى المستقيم، لمزيد من التفاصيل تابعونا على موسوعة.
التفسير هو:
اختلف العلماء في الفرق بينهما، ولكن الراجح من ذلك أن التفسير ما كان راجعًا إلى الرواية، والتأويل ما كان راجعًا إلى الدراية.
لأن التفسير هو الكشف والبيان، والكشف عن مراد الله تعالى لا يكون إلا بالنقل الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن بعض أصحابه ممن شهد الوحي.
أما التأويل فيشتمل ترجيح أحد محتملات اللفظ بدليل، والترجيح يعتمد على الاجتهاد، ويتوصل به إلى معرفة معاني الألفاظ، واستعمالاتها، ومناسبتها للسياق.
كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وكل العلوم في شرف خدمته.
بدأت عناية المسلمين بتفسير القرآن الكريم من أول نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زالت مستمرة حتى قيام الساعة.
ولم يسيروا على نهج واحد في ذلك، فالناس متفاوتون في الإدراك والنظر.
وقد بدأ تفسير القرآن الكريم على صورة ضيقة؛ فقد كان القوم أهل العربية والفصاحة والبيان، فلم يحتاجوا إليه كثيرًا، ثم بدأت تتسع دائرة التفسير كلما ازداد الغموض على الناس وكلما ذهبت اللغة منهم، وذلك على النحو التالي.
كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا خفي عليهم شيء من القرآن الكريم يسارعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيبين لهم ما غمض عليهم، أو يذهب الواحد منهم إلى من هو أفقه منه من الصحابة.
وقد كان تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصًا بتفسير بعض المغيبات التي أخفاها الله عنهم، فلم يفسر التفسير الواضح البين لكل أحد، ولا الذي استأثر الله تعالى بعلمه.
أما ما لم يأخذوه عنه، فقد أعملوا فيه نظرهم، واعتمدوا على اللغة والعقل والحوادث التي نزلت فيها الآيات.
فكانت مصادر التفسير في تلك المرحلة:
وكان من أشهر المفسرين من الصحابة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.
مميزات هذه المرحلة:
وهم الذين تتلمذوا على الصحابة، وقد كانت مصادرهم في التفسير:
وقد كان التابعون في التفسير مدارس يسيرون فيها على نهج صحابي من الصحابة، ومن ذلك:
مميزات التفسير في هذه المرحلة:
من ظهور التدوين إلى أوائل العصر العباسي بدأ تدوين الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان التفسير مما دون ضمن الحديث فيما فسره النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن.
بعد ذلك انفصل التفسير عن الحديث في التدوين، ووضع تفسير لكل آية على ترتيب المصحف، وممن قام بذلك: ابن ماجة، وابن جرير الطبري.
ثم توسعوا في ذلك؛ فاختصروا الإسناد، فدخل الوضع على التفسير المأثور، واختلط الصحيح بالعليل.
ثم من أوائل العصر العباسي حتى يومنا دخل التفسير العقلي بصورة كبيرة مع التفسير النقلي، وكان في البداية محاولة لترجيح قول على قول، أو للفهم الشخصي، ثم اتسع المجال بعد ذلك على النحو الحالي.
فدخلت الفلسفة والعلوم والمذاهب واللغة والتاريخ، وصار كل صاحب فن يفسر القرآن بما يتناسب مع فنه.
يمكن القول أنها تنحصر في خمسة أنواع من التفسير، وهي:
وهو ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما نقل عن صحابته رضوان الله عليهم، وما نقل عن التابعين من كل ما هو بيان وتوضيح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم.
وقد اختلفوا في إدراج التابعين مع التفسير المأثور أو بالرأي، والصحيح مع المأثور.
وبدأ بالرواية، ثم التدوين كما ذكرنا، وتسرب إليه الضعف منذ عصر التابعين بعد تعدد المذاهب، فظهر الوضع، والإسرائيليات، واختصار الأسانيد وحذفها.
وأشهر المؤلفات في التفسير المأثور:
هو تفسير القرآن باجتهاد بعد معرفة المفسر لكلام العرب، ومناحيهم في القول، ومعرفته للألفاظ العربية ووجوه دلالتها، واستعانته في ذلك بالشعر الجاهلي، ووقوفه على أسباب النزول، ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن الكريم…وغير ذلك من الأدوات التي يحتاجها المفسر.
وقد ظهر التفسير بالرأي في عصر التدوين كما سبق، وقد اختلف العلماء في جواز التفسير بالرأي، فمنهم من قال لا يجوز وأنه قول على الله بغير علم ويجب الاكتفاء بالمأثور.
وفريق آخر قال بجوازه، وقد أمرنا بتدبر القرآن ولجواز الاجتهاد كالصحابة، وذلك لمن كان ملمًا بالعلوم والأدوات التي يحتاجها المفسر.
ومن أهم كتب التفسير بالرأي المحمود:
وهو تناول جانب واحد من جوانب القرآن الكريم بالبحث والدراسة، وغالبًا ما تكون الدراسة لموضوع معين متناولةً له من كل جوانبه، مستوعيةً لكل ما فيه من جزئيات ربما لا يتاح تناولها في التفسير العام.
وغالبًا ما يجري هذا النوع على يد من برعوا في نواحٍ معينة من العلوم، ومن أمثلة الكتب التي اعتمدت على التفسير الموضوعي:
هو تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ما يظهر منها بمقتضى إشارات خفيفة تظهر لأرباب السلوك، ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة.
ويرتكز على رياضة روحية يقوم بها الصوفي للوصول إلى المعنى الآخر الذي تحتمله الكلمة من معنىً آخر، وهو المعنى المراد الأول من وجهة نظره.
واشترط العلماء فيه أن يكون موافقًا للمقاصد العربية، وأن يشهد له نص أو ظاهر في محل آخر.
ومن أهم الكتب التي وجهت عنايتها نحو التفسير الإشاري:
هو التفسير الذي يحمل الاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن الكريم، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها.
عند أصحاب ذلك المنهج القرآن يحوي كل العلوم، وكان أكثر من اهتم بذلك الغزالي، والسيوطي.
وأنكره الشاطبي؛ إذ لا يعقل أن يجع كل مجالات العلم بمختلف نظرياتها، وإن كان قد حوى طرفًا من تلك العلوم، فالقرآن هدفه الإنساني الاجتماعي في إصلاح الحياة، ورياضة النفس، والرجوع بها إلى الله.
وقد أيد ذلك النوع من التفسير من المحدثين الشيخ طنطاوي جوهري في (الجواهر في تفسير القرآن الكريم).
وعارضه: الشيخ المراغي، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ أمين الخولي.
من فضائل علم التفسير أنه:
لم يزل التفسير بحرًا لا ساحل له، ومهما جد المفسرون لاستخراج أسراره والبحث عن حكمه، فلن يبلغوا النهاية، بل سيظلون على ما هم فيه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن القرآن: “لا يخلق على كثرة الرد”.
وهو علم متصل بين الماضي والحاضر، فظلت المناهج فيه واحدة الهدف متعددة المسالك، وكل يوم يصل المفسرون إلى معنىً جديد، واكتشاف عظيم في القرآن الكريم، وهم مهما كشفوا وبينوا؛ فإن ذلك ليس إلا قطرة من علم الله تعالى، فهو كما قال تعالى: “قل لو كان البحر مدادًالكمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا”.
كان ذلك حديثنا في بحث عن علم التفسير. تابعونا على موسوعة ليصلكم كل جديد، ودمتم في أمان الله.