وفقا لما أورده الفقهاء، فإن المستحب في الوضوء وتحديدا عند ركن غسل الوجه، هو أن يقوم العبد بملء كفي يده بالماء، وذلك كي يتمكن المتوضئ من الاستحواذ على كامل الوجه، علاوة عن كون أنه يبدأ من أعلى الوجه ونزولا منه للأسفل غاسلا إياه كاملا.
ومن الواجب بالتنويه هو أن غسل الوجه في الوضوء، هو أحد فروض الوضوء التي لا يصح الوضوء بدونها، وهذا نظرا لقول الله تعالى في كتابه الكريم بسورة المائدة في الآية السادسة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ “.
بالإضافة إلى الحديث الذي حدثه الإمام البخاري وأرفقه في صحيحه، والذي روي عن عبد الله بن زيد.
قبل البدء في تحديد حدود الوجه في الوضوء، فوجب التعريف بأن الوجه هو ما تحصل به المواجهة، أما فيما يتعلق بالحدود فهي الأتي ذكرها.
يكون حد الوجه أثناء الوضوء من حيث العرض، هي المسافة الواقعة فيما بين الأذنين.
بينما حدود الوجه أثناء الوضوء من ناحية الطول، فتمتد الحدود منذ أعلي الرأس وتحديدا من منابت الشعر، وحتي منطقة أخر الذقن.
هل اللحية من الوجه في الوضوء
وفقا لما أجمع عليه جمهور العلماء، فإن اللحية في حالة ما إذا كانت خفيفة غير كثيفة، يمكن من خلالها رؤية بشرة الوجه والوصول إليه، ففي هذه الحالة يجب غسل اللحية من الداخل والخارج، أي اللحية وما تحتها.
بينما في حالة لو كانت اللحية كثيفة، ففي هذه الحالة وجب غسل اللحية فقط، أي ظاهرها، والجدير بالذكر هو أن هذا ما اجتمع عليه جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة من الشافعيين والمالكيين والحنابلة والحنيفيين.
حتى إن برهان ودليل أهل العلم على هذا الحكم هو استدلالهم بقول الله تعالى في سورة المائدة في الآية السادسة والتي قد ذكرناها سلفا، بقوله ” فاغسلوا وجوهكم “.
بالإضافة إلى ما قد رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه عن حبيبنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه قائلا ” تَوَضَّأَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً “، وكان دليلهم من هذا الحديث عن رسول الله هو أن المصطفي كان كثيف اللحية، وكما هو معلوم فإن غرفة واحدة من الماء ليست بالكافية لغسل كامل الوجه وتخليل الماء بين اللحية.
علاوة عن كون أن العينين جزء من الوجه، ويجب غسلهم، إلا أنه لا يجب إيصال الماء إلى ما تحت الأجفان وإنما أعلاها.
تقديم غسل الوجه على المضمضة والاستنشاق
من الواجب بالتوضيح هو أن المستحب في الوضوء هو اتباع الترتيب الصحيح والذي نص عليه رسول الله صل الله عليه وسلم، فكما هو معلوم فإن المضمضة والاستنشاق وفقا للترتيب يأتين قبل غسل الوجل.
علاوة عن كون أن هذا هو ما كان يقوم به رسول الله صل الله عليه وسلم، فقد كان يقوم بالمضمضة والاستنشاق، ومن ثم يقوم بغسل الوجه، إلا أن الجدير بالذكر هو أنه في حالة تقديم المتوضئ لغسل الوجه علي المضمضة والاستنشاق، فلا يبطل وضوءه، ويظل وضوءه وضوءا صحيحا لا خطأ فيه.
فالمستحب في الوضوء هو اتباع الترتيب الصحيح ولكن ليس من الواجب، فتبديل أركان الوضوء هو أمرا جائز صرح به جمهور الفقهاء، ولا يعد من مبطلات الوضوء.
هل شحمة الأذن من الوجه
في السطور الفائتة كنا قد أشرنا إلى أن حدود الوجه في الوضوء من ناحية حيث عرض الوجه، تتمثل في الأجزاء القابعة فيما بين الأذنين، أي أن حدود الوجه من الأذن اليمني وحتى الأذن اليسرى.
وهذه هي الأجزاء الواقعة فقط في حدود الوجه من حيث عرضه، أي العينين والأنف وخلافه، أما شحمة الأذن أو كما تعرف أيضا باسم غضروف الأذن، فلا يجب غسله مع الوجه.
خصوصا وأن الأذنان مسحهما مستحب، وذلك علي أرجح قول الفقهاء أي أنه من ترك مسح الأذنين لم تبطل طهارته أو وضوءه.
عدد مرات غسل الوجه في الوضوء
بناء على ما أجمع عليه جمهور الفقهاء، فإن العدد الواجب لغسل الأعضاء في الوضوء هو مرة واحدة، فقد كان حبيبنا أشرف خلق الله صلوات ربي وسلامه عليه يتوضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا.
حيث أن المرة الواحدة هي الفرض والواجب الذي لا غنى عنه، فيغسل الوجه مرة واحدة، ويتمضمض العبد مرة واحدة ويستنشق مرة واحدة، حتى أن الذرعان يعممان بالماء مرة واحدة، ويمسح بالرأس والآذان مرة واحدة، علاوة عن القدمين يسمحان ويعممان بالماء مرة واحدة، وهذا هو الكافي في حالة عموم الماء على العضو.
إلا أن روس الله صل الله عليه وسلم كان في الأغلب يغسل ثلاثا ثلاثا، وهذا هو الأفضل، إلا أنه يجب معرفة أنه في حالة ما إذا كان يتوضأ بغسل الأعضاء ثلاثة مرات، فإنه كان يمسح الرأس والأذن مرة واحدة معا.
غسل الشفتين في الوضوء
أجمع العلماء على أن الظاهر من الشفتين، وخصوصا ما يكون ظاهرا عند ضم الشفتين ضما طبيعيا بغير تكليف أو مبالغة، هو جزء لا يتجزأ من الوجه، وبناء على هذا يجب غسله، وذلك اقتداء بقول الله تعالى ” فاغسلوا وجوهكم “.
بالإضافة إلى أن ما لا يكون ظاهرا من الشفتين عند ضمهما، فهو جزء من الفم ولا يجب غسله في حالة الوضوء، وهذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء ن المالكيين والشافعيين والحنابلة، وإنما يسن فعل ذلك.
ومثله في الغسل عند المالكيين والشافعيين علي عكس الحنيفيين والذين اتجهوا إلى القول بأن غسل الفم والأنف فرض من فروض الغسل، بينما الحنابلة قد اتجهوا إلى أن الفم والأنف أجزاء من الوجه فيجب المضمضة والاستنشاق في الطهارة سواء كانت الصغرى وهي الوضوء، أو الكبري وهو الغسل.