إن نحر الأضاحيّ من شعائر الإسلام في أرض رب العالميّن، فقد قال الله ـ عز وجل ـ في كتابه الكريم “فصل لربك وأنحر”، كما تأتي الأضحيّة سُنة نبويَة مؤكدة عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد شرّع الله عز وجل الأضحيّة لعباده المُسلميّ، وجعلها قربةً للتقرب إليه سبحانه، وهنا يتساءل المضحون في كل عام عن مشروعيّة تقسيّم لحوم الأضاحيّ، وذلك ما يُجيب عليه المقال الآتي تفصيلًا.
لم يُحدد الله ـ عز وجل ـ كيفية توزيع لحوم الأضاحيّ للمُسلمين، فلم يتم تحديد ما يجوز لصاحب الأضحيّة الاحتفاظ به من أضحيته، وما يقوم بتوزيعه على الفقراء أو الأهل والأقارب، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، فيشرُع للمؤمن أن يأكل ويُطعم من أضحيته، فإن أخرج الثلثيّن إلى الفقراء والمحتاجيّن واكل الثُلث مع أهل بيته فلا بأس في الأمر، وإن أكل الثُلثيّن ووزع الثلث الأخير على الفقراء فلا حرج عليه أيضًا.
وقد اختلفت آراء المذاهب الفقهيّة في شأن بيان توزيع وتقسيّم الأضحيّة شرعًا، وجاء اختلافهم في ثلاثة أقوال وهي على النحو التالي:
يرى أصحاب المذهب الشافعيّ بأنه ينبغيّ على المُضحيّ أن يقوم بتوزيع غالبية الأضحيّة على الفقراء والمحتاجيّن، وألا يأكل منها سوى القليل فقط.
ذهب أصحاب المذهب المالكيّ إلى حرية المُضحيّ الكاملة في كيفية توزيع الأضحيّة، وعدم وجود قسمة شرعيّة محددة، وللمضحيّ توزيع أضحيته كما يشاء ويرغب، فله أن يأكل منها ما يشاء ويتصدق منها بما يريد، ويُهدي منها ويوزع على أقاربه ما يراه جيدًا.
شرعًا لا يجوز للمُضحيّ على الإطلاق أن يقوم ببيع الأضحيّة أو أي جزء من منها مثل الأظافر، والجلد، والشعر وما إلى ذلك، وقد قال الإمام أبي حنيفه ـ رحمه الله ـ بجواز بيع جلد الأضحية للتصدق بقيمة بيعه على الفقراء أو شراء ما يلزم البيت من حاجة.
وقد أشار علماء الفقه إلى جواز نقل الأضاحيّ من البلد الذي تم ذبحها فيه إلى بلد آخر حتى يتم توزيع لحومها على الفقراء من أهل ذلك البلد، إلا أنه لا يجوز على الإطلاق أن يُمنح القائم بالذبح بعض من لحم الأضحية كقيمة أو مقابل لقيامه بالذبح، وإنما يجوز أن يُعطى البعض منها على سبيل الهدية أو الصدقة.
اختلفت آراء علماء المُسلميّن بشأن التصدق بلحوم الأضحيّة، وقد جاءت آرائهم كما في الآتي:
يرى أصحاب المذهب الشافعيّ والحنبليّ بأن التصدق من لحوم الأضحيّة هو أمر واجب على المُضحيّ، وذلك استنادًا إلى قول الله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، ووفقًا للآية الكريمة فإن الأضحيّة لا تُجزئ لمن لم يقوم بالتصدق بأي جزء منها للفقراء والمحتاجيّن.
ذهب أصحاب المذهب الحنفيّ والمالكيّ إلى عدم وجوب التصدق من لحوم الأضحيّة، وإنما استحباب التصدق منها، وأن الأمر بالإطعام من الأضحيّة لا يُفيد الإلزام والوجوب، وقد استدلوا في قولهم ذلك على أن الله تعالى قد شرع الأضحية للمُسلميّن تقربًا إليه سبحانه، وشكرًا له على فضله، لذا فهي ليست كالزكاة التي تم تشريعها للمسلميّن لغايات عدة من بينها التصدق على الفقراء.
اختلف علماء المُسلمين بشأن توزيع لحوم الأضحية على غير المسلمين بقدر كبير ، وقد جاءت آرائهم على النحو الآتي:
هناك العديد من السُنن المؤكدة بشأن توزيع لحوم الأضاحيّ في يوم النحر وأيام التشريق، والتي يُمكن إيجازها في الآتي: