ليتك لم تكن شيئا ، عندما ينهار صرحك الأعظم أمام عينيكِ، عندما تُحبي من صميم قلبك و تجدين أن الحب قد صار غباراً يتلاشى في الهواء، عندما تُعطي أكثر مما تأخذي، عندما يخفق قلبك أملاً ثم يبيت يخفق ألماً، عندما تصرخين فلا تجدين من يسمع الصراخ، عندما تريدين الهرب من العالم و من الناس و من الأقربين و حتى من نفسك فلا تستطيعين، عندما يرقص الجميع على لحن أنينك، فأنتِ هنا أمام حالة انهيار و انسحاب واضحة، و أعلم أن ما يردده لسانك الآن و ما يدور في عقلك هي جملة ” ليتك لم تكن شيئاً”، لذلك أكتب لكِ اليوم على موسوعة فلتتمعني في كلماتي لعلها تُهدأ من قلقك و تُشفي غليلك. تابعيني في الأسطر التالية.
أول ما سوف تقوليه عندما يهجرك الحبيب هو سؤال لماذا ظهرت في حياتي، ألم يكن من الأفضل أن تظل سراباً أو هواءً أو حتى لا شئ على الإطلاق، ولكنه في الواقع لن يُجيبك و سيظل يذكر المبررات السخيفة التي أصبحت كالأغاني المُستهلكة لم تعد تُطربنا و لم نعد نُصدقها ولا حتى نستمتع بها، ولكن عندما يبدأ في قول تلك الترهات فلا تُجبري نفسك على السماع و الاهتمام، لأنه بهذا يُضيع الوقت ليس إلا فهو لن يتغير و لم يكن يحبك بصدق من البداية، لذلك و بكل هدوء إذا وصلتي معه إلى تلك المرحلة قولي له أن وقتك و مشاعرك و فكرك و اهتمامك أثمن من أن يُضيّع في اللاشيء أو أن يضيع على الأرض، و أخبريه بانسحابك و أنك لم تعودي قادرة على استكمال تلك اللعبة السخيفة فإذا بدأها هو فقد حان دورك لتُنهيها.
بعد أن ترحلين عنه سوف تدخلين في مرحلة أعراض الانسحاب تماماً كالمدمنين، وهنا يأتي دور الإرادة لذلك لا تسمحي لنفسك أن تنهاري أو أن تحني له و تطلبي وده من جديد، و تذكري دائماً أن من باعنا بأرخص الأثمان فنحن أبداً لن نشتريه، لذلك اغلقي على قلبك كل الأبواب التي يحاول حبه القديم أن يفتحها، و ربتي على قلبك بقوة و قولي له يا قلبي لن تكون إلا مقبرة لحبه و أبداً لن أهوى في شرك هدم الكرامة، و في تلك الفترة حاولي أن تُشغلي نفسك كثيراً بالعديد من الأعمال لأن أول ما ستفكرين فيه هو حبيبك السابق، لذلك اغمسي نفسك أكثر فأكثر في عملك و قولي أنك سوف تنجحين فيه أكثر من ذي قبل، أو تعلمي العزف على آله أو تعلمي الطبخ أو تعلمي حتى الخياطة، المهم أن تتعلمي شئ جديد و الهدف هو الدخول في تحدي يُنسيك جرحك الغائر، و إذا حاول هو العودة للتلاعب من جديد فلا تُعطيه الفرصة و أخبريه أن حياتك أصبحت أفضل بدونه و أن الحب الذي كان بينكما لم يكن سوى وهم من نسج خيالكما، أو حتى قولي له أنه كان حقيقة و لكنه تلاعب بتلك الحقيقة و حولها لأضحوكة كبيرة و أنك لا تقبلين بالمزاح في الحب.
تماماً كما قرأتي التماثل للشفاء، فكل الآلام التي شعرتي بها نتيجة لفقدانه لم تكن مجرد آلام عادية فأنت لم تصابين في ذراعك مثلاً بل أُوصيبتِ في قلبك و جوارحك لذلك فالألم كان كبير و الجرح كان عميق و كان لابد من وجود فترة لتتعافي من هذا المرض اللعين، و ها أنتِ الآن قد تعافيت و شُفيتي، و أعلم أن رحلة وجعك و علاجك لم تكن سهلة إطلاقاً، ولكن كان لابد منها حتى تعودين لممارسة حياتك كما السابق، والحق أنك لن تعودي كما السابق بنسخة طبق الأصل لأنك الآن أصبحت واعية و مدركة لأشياء كثيرة و مررت برحلة من الألم وحدك حتى تخرجي منها واقفة على قدميك باسمة و مشرقة، لذلك أقول لكِ لا بد أن تُكافئِ نفسك كأن تُسافرين إلى أماكن جديدة و بعيدة و مُثيرة أو أن تذهبي لحضور الحفلات و الاستمتاع بالحياة من جديد و الخروج مع الأصدقاء و التنزه أو الذهاب إلى مدن الملاهي و استرجاع ذكريات الطفولة، أو حتى الدخول في حب جديد من يعلم، ولكن هذه المرة يجب أن يكون صادقاً.
و أخيراً أقول أن مرحلة التعافي قد تطول و قد تقصر و ذلك راجع إلى مدى عمق العلاقة و نوعها و شكلها الاجتماعي بالإضافة قوة الحب و مدى قوة المرأة ذاتها أيضاً، فقد تأخذ فترة التعافي شهر أو سنة أو أكثر من ذلك، لذلك أنصحكِ صديقتي ألا توقفي حياتك على شخص أياً كان و أن تُكملي المسير، و لا تقولين ليتك لم تكن شيئاً لأن الواقع يقول أن كان شيئاً موجوداً بالفعل، بل قولي لولا هذه التجربة لم أكن لأصل إلى الخبرة و الصلابة و المكانة التي أنا عليها الآن، ولا تقلقي فكل شئ سيء سيمر فقط ثقي بالله و كوني دائماً مُقيمة للصلاة و أخبري الله بكل شئ يؤلمك في سجودك فهو أعلم بألم القلوب التي في الصدور، ولا تنسي أن تدعي الله بشكل مستمر أن يقف لجوارك و يمنحك القوة و الصبر والسكينة.