“حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ سِتٌّ قيلَ: ما هُنَّ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عليه، وإذا دَعاكَ فأجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ له، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ وإذا ماتَ فاتَّبِعْهُ”.
” أبو هريرة، حكمه: صحيح”.
بهذا الحديث الشريف نبدأ حديثنا عن حقوق الحار في الإسلام الحنيف، وذلك لشموله عل ى أهم ما يمكن أن يقدمه المسلم لأخيه المسلم وجاره في الحياة الدنيا، ولتزيد قوة حديثنا في أنفس الناس بالاستعانة بأقوال الرسول ” صلى الله عليه وسلم”.
الجار هو الساكن الذي يلاصقك أو يشاركك في السكن أو في التجارة سواء كان شخص بمفرده أو عائلة مكونة من عدة أفراد. ومن أهم حقوق الجار:
فيجب ابتداء الجار بإلقاء السلام وكذلك رد السلام عليه فالسلام يؤلف بين القلوب ويزيل الرهبة، ويمهد للتعارف الذي هو سب من الأسباب الرئيسية لخلق الناس في شعوب وقبائل، وهذا تبعًا لما آتي في الآية الكريمة:
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)“.
” سورة الحجرات، الآية: 13″.
أكد الدين الإسلامي الحنيف على أن معايدة الجار في أوقاتت المرض من الأمور المانحة لعدد كبير من الحسنات، وذلك في الحديث النبوي الشريف التالي:
“عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ”.
” على بن أبي طالب، حكمه: صححه الألباني في صحيح الترمذي”.
على الرغم من شرك أهل الجاهلية في الدم إلا أنهم تميزوا بالكثير من الصفات الحميدة والمليئة بالمروءة والشهامة، ويعد أهمها الإحسان للجار، ومعاونة في الأزمات، وطبقًا لدعوة الإسلام الحنيف بالتحلي بالصفات الحميدة والتخلي عن أيًا من الصفات السيئة التي يمكن أن يعاني منها الإنسان في حياته، قد ذكر لنا الرسول الكريم محمد ” صلة الله عليه وسلم” فضل التعامل مع الناس بتلك الصفات وخاصةً الجار، لكونه أقرب الناس للبني آدم في حياته من حيث السكن والمعيشة،وذلك في الأحاديث الشريفة التالية:
” ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنه سيورِّثُه”.
” عبد الله بن عمرو، حكمه: صحيح”.
“مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ ”.
” جابر بن عبد الله، حكمه: قيس بن الربيع ضعيف”.
“خيرُ الأصحابِ عندَ اللهِ خيرُكم لصاحبِه ، و خيرُ الجيرانِ عندَ اللهِ خيرُكم لجارِه”.
” عبد الله بن عمرو، حكمه: صحيح”.
بتلبية دعوته ومشاركته في الأفراح ومواساته في الشدائد وعزائه في حالة وفاة عزيز لديه، والأخذ بأزره في الأزمات التي يمكن أن يمر بها في حياته، وذلك تطبيقًا لقول النبي محمد ” صلى الله عليه وسلم”:
“مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”.
” النعمان بن بشير، حكمه: صحيح”.
بسبب تواجد الكثير من الحالات الحاجة التي يعاني منها أغلب الناس في الحياة لمختلف الأسباب والمدة، أمر النبي الكريم أصحابه بالتصدق على الجار عند مروره بفترات الحاجة في حياته، وهذا إن دل فيدل على دعوة الإسلام الأكيدة على التقرب من الجار الطيب والاهتمام بأموره في الخير وبالخير، ومراعاة ظروف حياته ومعاونته عليها، وذلك في الحديث الشريف التالي:
” أوصاني خليلي إذا طبختَ فأكثِر من المَرقِ ثمَّ انظُر بعضَ أهلِ بيتٍ من جيرانِك فاغرِف لهم منها”.
“أبو ذر الغفاري، حكمه: صحيح”.
كما أكد النبي الكريم على وجوب مساعدة الجار في أوقات المحن في عدة أحاديث نبوية أخرى، كما ربطها لنا بالإيمان والتقوى، وذلك في الحديث النبوي التالي:
“ما آمن بي من بات شبعانَ و جارُه جائعٌ إلى جنبِه و هو يعلم به”.
” أنس بن مالك، حكمه: صحيح”.
تعد ميزة حب الخير للناس من أهم المميزات التي يمكن أن يتحلى بها المرء في حياته، لما تبث في قلبه من راحة وأمان ورضا وطمأنينة، كما تزيد من قدر حياته في عينه وتزيد من راحة باله في الحياة، لذا فإن حب الخير للجار أهم الأمور التي يجب أن يراعيها الإنسان في نفسه، وذلك لكونه أقرب الناس لعينه ونفسه، وقد أكد النبي الكريم على وجوب وجود تلك الصفة في الجيران من خلال حديثه الشريف التالي:
“و الذي نفْسِي بِيدِهِ ، لا يُؤمِنُ عبدٌ حتى يُحِبَّ لِجارِهِ ما يُحِبُّ لِنفسِهِ”.
“أنس بن مالك: حكمه: صحيح”.
ما من صفة في الحياة أسوء من تتبع عورات الناس للكشف عنها أو لمعرفتها، لما في ذلك من تعدي على حقوق الغير وشيم سيئة، كما أن ذلك الأمر يعد من علامات معصية الإنسان لربه الكريم، وذلك تبعًا لما ذكره لنا النبي الكريم في حديثه الشريف والذي يؤكد فيه على عاقبة فاعل ذلك في الحيوات الدنيا:
” يا مَعْشَرَ مَن آمن بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه ، لا تغتابوا المسلمينَ ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم ، فإنه مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ، ومَن تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ، يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه”.
“أبو برزة الأسلمي والبراء بن عازب، حكمه: صحيح”.
أكد الله ” سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم على حقوق الجار على الجار في الحياة الدنيا، وذلك في الآيات التالية:
“۞ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)“.
“سورة النساء، الآية: 36”.
“۞ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)“.
” سورة الأحزاب، الآية 60″.
جاءت العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الجار، وتوصي المؤمنين بضرورة الالتزام بها، ومن أهمها:
” لا يدخلُ الجنَّةَ مَن لا يأمَنُ جارُه بوائقَهُ”.
“أبو هريرة، حكمه: صحيح”.
“مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ”.
” أبو هريرة، حكمه: صحيح”.
” لا يَمنعْ جارٌ جارَهُ أنْ يغرِزَ خشبةً في جِدارِهِ”.
“أبو هريرة وابن عباس ومجمع بن يزيد ورجال كثيرة من الأنصار، حكمه: صحيح”.
للالتزام بحقوق الجار في الحياة الدنيا الكثير من الفوائد وهي:
إلى هنا نكون قد انتهينا من توضيح كافة الحقوق التي نص عليها الإسلام الحنيف عن حقوق الجار، مع ذكر العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والتي تؤكد على كافة الأقاويل الحاوي عليها هذا التقرير.
يعد الحديث النبوي الشريف التالي اجمل ما قيل في حسن الجوار:
-” مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلْيُكرِمْ ضيفَه ، ثلاثَ مراتٍ ، مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيُحسِنْ إلى جارِه ، ثلاثَ مراتٍ ، مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلْيقُلْ خيرًا أو لِيَسكُتْ ، ثلاثَ مراتٍ”، “ رجل من قوم علقمة بن عبدالله المزني، حكمه: سنده رواته ثقات”.