الحياة الاجتماعية خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان محباً للتآلف والاختلاط مع غيره من بني الإنسان، فلا يمكن للإنسان السوي أن يحيا بمفرده دون أنيس أو رفيق، فالحياة الاجتماعية تعتبر أحد أهم الجوانب الحياتية لدى الإنسان التي لا يمكننا أن نتجاهلها أو نتجاوزها، فالله سبحانه حينما خلق بني البشر جعلهم ذوي درجات متفاوتة في قدراتهم الجسدية والعقلية، كي يكونوا بحاجة دائمة لبعضهم البعض بشكل مستمر.
ويرتبط الإنسان مع الأفراد الذين حوله بعلاقات يسودها التفاعل والتعاون والحب سواء كانت علاقات أسرية أو علاقة صداقة أو علاقات عمل وما غير ذلك من العلاقات الاجتماعية المختلفة التي تفرض على الإنسان أن يختلط مع من غيره، ويقوم الناس بتقديم خدماتهم المختلفة إلى بعضهم البعض، لذا على كل منا أن يتصف بحسن الخلق، ومعاملة من حوله بلطف وصدق وأمانه وأن يكون مخلصاً في تقديم العون لهم، وأن يبتعد عن أفعال النميمة والغيبة وكل ما يؤذي به غيره، إذ أن الحياة الاجتماعية السوية لابد أن يسودها أخلاق حسنة وفاضلة، وأن يعرف كل شخص منا حدوده مع الأخر، وأن يعي جيداً مساحة الحرية المسموح له أن يتمتع بها، كل هذا ضروري من أجل تكوين شبكة من العلاقات الاجتماعية السوية التي تحلو من الصراعات والنزاعات.
ومن أجل أن يستمتع الإنسان بحياته ويستطيع الوصول إلى غاياته وتحقيق طموحاته وأحلامه، فكان عليه إتباع نهج معين بالحياة وهو الاهتمام بالعديد من جوانبها، وإلا فأنه سيعرض نفسه أن يحيا حياة بائسة لا جدوى ولا فائدة منها، يقون بتقليد من حوله حتى يصبح نسخة مطابقة منهم، فتعتبر الحياة أحد سبل العيش التي شرعها المولى لعباده لذا عليه أن يستمتع بكافة الأعمال الإيجابية الموجودة بها من أجل الشعور بحب الحياة.
ويعتبر حب الحياة واحداً من أهم الأسباب التي تدفع إلى الاستمتاع بها، بعكس الثقافة السائدة بأغلب مجتمعاتنا والتي تتعمد التقليل من قيمة الحياة بعيون الإنسان، حيث أن هناك بعض الثقافات التي تصور الحياة على أنها موطن للتعب والضنك إلا أنها بالواقع هي المكان الذي يتطلب من أن نقوم فيه بالأعمال الصالحة، فالحياة هي مقدمة لنعيم أبدي، لذلك فالحياة تمتلك لكل المقومات التي تساعد الإنسان على أن يكون محباً لها، وأن يحرص على قضاء وقته بها وتقديم كل ما هو نافع ومفيد بها، وأن يحرص على استغلال الفرص بشكل أفضل بكل قوة وجهد شرط ألا يلحق بالآخرين من حوله أي ضرر.
وقدم نظم إلينا الدين الإسلامي الحنيف كافة الوسائل والطرق التي تضمن لبني الإنسان أن يحظى بحياة اجتماعية لها رونقها الجمالي المزدهر لطالما كان الشخص ملتزماً بالصفات الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها الإنسان المسلم فإنه سوف يحياه سليمة وممتعة مع عدم مخالفة الضوابط الإسلامية والتي تتلخص في:
وفي نهاية مقالنا لابد وأن نشير إلى دور الأسرة في الحياة الاجتماعية كونها من العناصر الرئيسية لتكوين المجتمعات، وأنها تعتبر الحاكم الأقوى للروابط الاجتماعية، وبرغم من أهمية الحياة الاجتماعية التي على الآباء غرسها بأبنائهم منذ الطفولة، إلا أنه عليهم أن تقوم الأسرة بتعليم الطفل كيف يختار البيئة والمجتمع الذي ينخرط فيه، وتعليمه كيف له أن يبني علاقات سليمة وجيدة، وذلك لأنه في الغالب ما ترتبط الحياة الاجتماعية بالتعرف على بعض الأسرار والخصوصيات، لذا لابد من بناء علاقات مع الأشخاص ذوي الثقة والقدرة على احترام أسرار غيرهم.