تمكّن الإباطرة الرومان من فرض السيطرة والقوة العسكرية التي عملت على رضوخ المصريين لها وخاصةً مع تصّدي الرومان لأي من الثروات المُقامة ضد الاحتلال الروماني، حيث شهد المصريين أسوأ معاملة من قبل الرومان ناهيك عن تحّول كامل المقاطعات الرومانية لسيطرة وسيادة الرومان بشكل أحدث تأثيرات جمة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن خلال موسوعة سنتعرف على ذلك.
بحث عن مصر الرومانية
لقد أصبحت مصر مُقطاعة رومانية بعام 30 قبل الميلاد يُطلق عليها إيجبتوس وبالاتينية اسم “Αἴγυπτος” وكانت عاصمتها الإسكندرية، وحدث ذلك عقب هزيمة “مارك أنطوني” على يد “أوكتافيوس” والذي أصبح بعدها الإمبراطور الفعلي لمصر الرومانية، ذلك بالإضافة إلى:
تمكن أوكتافيوس من الإطاحة بشكل كامل بعرش الملكة كليوباترا وعليها قام بضم المملكة البطلمية إلى مُقاطعة مصر الرومانية.
ثم أصبحت مُقاطعة مصر الرومانية يحّدها غربًا مُقاطعة “كريت وبرقة”، في حين يجاورها شرقًا يهودا العربية.
تمكّنت مقاطعة مصر الرومانية من ضم جميع مناطق مصر الحديثة فيما عدا “شبه جزيرة سيناء”، حيث تعرضت للغزو لاحقًا من قبل “تراجان”.
كان نظام الحكم السائد بمصر الرومانية “الحكم الإمبراطوري”.
اللغة الرسمية لمُقطاعة مصر الرومانية اللغة المصرية والقبطية واللاتينية إضافةً إلى اللغة اليونانية العامية.
عُرف أوكتافيوس حينئذ باسم “أغسطس قيصر” حيث يُعتبر أول امبراطور فعلي على مصر، وامتدت فترته بدايةً من عام 30 قبل الميلاد وحتى العام الرابع عشر الميلادي.
توالى الأباطرة الرومان على حكم مصر حتى قدوم “هرقل” باعتباره آخر الأباطرة البيزنطيين على مصر الرومانية وذلك بدايةً من عام 610م وحتى 641م بزوال الأمبراطورية الرومانية.
العملة الرسمية لمُقاطعة مصر الرومانية كانت الديناريوس “الدينار الروماني”.
حاكم مقاطعة مصر الرومانية
بالبحث عن مصر الرومانية تجدر الإشارة إلى الآتي:
توالى على مصر الرومانية العديد من الحُكام المُتتابعين بدايةًا من كورنيليوس غالوس باعتباره الحاكم الروماني الأول على مصر، والذي استمرت فترة حكمه بدايةً من 30 قبل الميلاد وحتى عام 26 قبل الميلاد.
ثم جاء يوليوس يوليناوس كأول حاكم فعلي على مصر البيزنطية.
بعد ذلك وبدايةً من عام 618 وحتى 621 حكم “شهربراز كأول حاكم فارسي على مصر الساسانية.
نهايةً تولى مقاليد حكم مصر البيزنطية “قورش السكندري” وكان ذلك بدايةً من عام 630 وحتى 624.
الحكم الروماني في مصر
لقد مرت مصر بالعديد من المراحل المُتتابعة إبان فترة الحكم الروماني في مصر وخاصةً عقب تحقيق روما انتصارات فعلية للقضاء على نظام البطالمة في مصر ومن ثم مُعاودة إدخال العديد من التغيرات على نظام الحكم عقب الغزو الروماني لمصر، حيث:
على الرغم من الاحتفاظ ببعض المناصب والاسماء ذات الصلة بحكم البطالمة الهلنستي إلا أنه تم تغيير بعضها الآخر، حتى المناصب غير المُتغيرة تم تعديل بعض الوظائف الفعلية لها والطرق المُتبعة في الإدارة.
كانت التغيرات الإدارية المُدخلة من قبل الرومان تهدف بشكل أساسي إلى الوصول إلى أعلى مستوى من الفعالية لرفع إجمالي نسبة الإيرادات الناجمة عن التنظيمات المُدخلة على نظام الضرائب والشؤون المالية وغيرها..
استمرت كامل المُقاطعات المصرية قديمًا خاضعة بالكامل لحكم المملكة البطلمية إلى حين قدوم “أغسطس ديوكلتيانوس” مُدخلًا تعديلات إدارية جوهرية أحدثت تأثيرات جلية بالقرون الأولى الثلاثة من مصر الرومانية.
بالإشارة إلى النظام الاجتماعي الروماني نجد أن مصر الرومانية تُعد بدورها تلك المُقطاعة الوحيدة الرومانية التي كان حُكامها من طبقة إكوايتس مقابل بقية الحكام المُنتمين إلى طبقة مجلس الشيوخ.
تمكن حاكم مصر الرومانية من الحصول على العديد من السلطات العسكرية “الإمبريوم” والمدنية كذلك والتي جاءت مُكافئة لسلطة نائب القنصل.
كان على حاكم مصر الرومانية كامل المسؤوليات المالية بالعمل على تحصيل الضرائب ومُعاودة التنظيم الفعلي لبعض الشحنات ذات الأهمية القصوي وخاصةً “الحبوب”.
أما بالإشارة إلى “هرم المناصب الروماني” نجد أن منصب حاكم مصر يُعتبر يحتل الترتيب الثاني من حيث أعلى المناصب المُتاحة لأي من أفراد طبقة إكوايتس، حيث يصل إجمالي الراتب المُتحصّل عليه من قبل الحاكم إلى جوالي 200.000 سيستيرشي.
مجتمع مقاطعة مصر الرومانية
بمُتابعة البحث عن مصر الرومانية يُمكننا القول بأن الحياة الاجتماعية بمصر الرومانية كانت سيئة للغاية، حيث:
كان يُعاني المجتمع المصري بالكامل إبان الحكم الرومان من سوء الإدارة والسلطة، إذ كانت أغلب الوظائف والمناصب الإدارية مُتخذة من قبل الرومان وبعض اليهود واليونان.
عاش المصريين في فترة أشبه بالحرمان من الحصول على أقل حقوقهم في بلادهم والاستمتاع بخيراتها.
لم يكتفي حكام مصر الرومانية من استمرار فرض الضرائب الباهظة بل تم العمل على حرمان المصريين من الاشتراك في الجيش وتم التعامل معهم على أنهم غرباء ودُخلاء على البلاد.
انقسمت الأفراد نتيجة تلك التأثيرات السلبية إلى فريقين حيث اتجه البعض لأعمل السطو والجريمة والنهب، والبعض الآخر قام بالفرار بعقائده الدينية إلى أي من الأديرة المُنتشرة بجميع أنحاء مصر.
جراء ذلك يُمكن تقسيم المجتمع المصري في فترة الحكم الروماني إلى طبقتين (طبقة الرومان/ طبقة المصريين).
لقد شهدت الإمبراطورية الرومانية العديد من المراحل المؤثرة باقتصاد البلاد بتتابع الحُكام على مصر، والذي عمل على:
مُعاودة التنظيم الإداري للتمكّن من الاستغلال الأمثل لكامل ثروات البلاد من قبل الإباطرة الرومان بما جعل أموال المصريين أكثر تعرضًا للابتزاز من قبل التُجار والصناعيين والمُزارعين.
تأخرت الحياة الزراعية بشكل كبير إبان الحكم الروماني مما أدي إلى كساد التجارة مع انخفاض الموارد وإصابة كامل العمليات الإنتاجية بالضعف الشديد بشكل نجم عنه تقهقر الصناعة.
الاستمرار في فرض المزيد من الضرائب الباهظة على المصريين سواء أكانت على الحدائق أو أي من الأراضي القابلة للزراعة والحيوانات وغيرها من المتاجر وأصحاب المصانع.
كما كان يتم جمع “ضريبة التاج” حيث تم إرهاق المصريين بجميع أموال للتطرق لشراء تاج للإباطرة الرومان.
الحياة الدينية بمصر الرومانية
على الرغم من أن الحياة في مصر في العصر الروماني كانت أكثر صعوبة وظلمًا إلا أن الرومان عملوا على ترك حرية اختيار العقيدة للمصريين دون الإجبار على اعتناق أي من الأديان، حيث:
كانت أغلب مُقطاعات مصر الرومانية تُدين بالوثنية مثلها مثل الولايات الرومية.
ثم بتوالي السنوات ظهر الدين المسيحي الذي انتقل من بلدته الأم “فلسطين” إلى مصر من قبل الجهود التبشيرية التي قام بها القديس “مرقص الرسول” بمنتصف القرن الأول الميلادي.
وصل الدين المسيحي في البداية إلى الإسكندرية ومن ثم تابع انتشاره السريع بالوجه البحري ومنها انتقل إلى جميع أنحاء مصر وصولًا إلى القرن الثاني الميلادي.
عقب ذلك تدخل الأباطرة والحكام الرومان في شنّ العديد من الحملات الاضطهادية على كل من يعتنق الديانة المسيحية في مصر للدفاع على الوثنية كديانة رسمية للبلاد.
توالت حينئذ عصور الاضطهاد على المصريين الأقباط من قبل الرومان حتى وصل الأمر إلى ذروته إبان حكم الإمبراطور “دقلديانوس” إذ عُرف عصره بعصر الاستشهاد لكثرة الأقباط الذين أمر بقتلهم لترك المسيحية.
على الرغم من ذلك تمكّنت الأقباط المصريين من الصمود أمام كافة العذابات والاضطهادات بشكل أدى إلى ثبات الإيمان بالأكثر بالكنسية القبطية، ولن يؤثر بها الاضطهاد بل انتشرت المسيحية انتشارًا واسعًا أكثر من ذي قبل بكامل محافظات مصر.
ثم انخفضت وطأة الاضطهادات بشكل فعلي حينما جاء الملك قسطنطين الأول مُعترفًا بالديانة المسيحية والسماح باعتناقها بحرية وتأمين الأقباط في مصر وذلك بعام(306- 337م).
انقلبت أمواج الاضطهاد المُنصّبة على المسيحية لتُصبح مواجهة للوثنية في مصر وخاصةً عقب صدور الأمير “تيودوسيوس الأول” مرسومًا فعليًا يُفيد بجعل المسيحية الديانة الرسمية الوحيدة بكامل أنحاء المقطاعات المصرية.
