تعبير عن القدس ومكانتها الدينية عند المسلمين وعند اليهود، اليوم سنتحدث عن مدينة القدس التي تضم المسجد الأقصى الشريف الذي اُسريَّ بنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام إليها في رحلة الإسراء والمعراج والذي كان القبلة الأولى التي صلى إليها كل المسلمين في بداية الإسلام، ولكن الأهمية الدينية لمدينة القدس لا تقف عند هذا الحد، بل إن أهميتها ومكانتها عِند المسلمين كبيرة جدًا وسنتحدث عنها من خلال موضوعنا على موقع موسوعة، كما سنتحدث عن تاريخ مدينة القدس وأهم معالمها ومكانتها عِند المسيحيين واليهود.
تعبير عن القدس ومكانتها الدينية
مدينة القدس هي إحدى أقدم المدن في العالم فإن تاريخها يعود إلى 4000 عام قبل الميلاد أو أكثر من هذا، وهي من المدن التي كانت مأهولة بالسكان بشكٍ دائم في الفترة الزمنية من 3000 إلى 2800 قبل الميلاد.
أهمية القدس الدينية عِند المسلمين واليهود والمسيحيين كذلك كبيرة جدًا، مما جعل تاريخها حافلًَا بالأحداث، وكانت دائمًا محط أنظار القوات في العالم، وكانت مركزًا إداريًا ودينيًا لجميع الحضارات التي احتلت فلسطين على مر العصور.
سُميت مدينة القدس بالعديد من الأسماء المختلفة على مر العصور، فقد سُميت يبوس على أيدي اليبوسيين، ثم اُطلِق عليها مدينة داوود في عهد نبي الله داوود عليه السلام، ثم في عهد البابليين سُميت أورسالم، ثم سماها الإسكندر الأكبر يورشاليم.
أما اسم القدس أو بيت المقدس هو ما أطلقه عليها المسلمين في عهد الفتوحات الإسلامية، ثم قامت الخلافة العثمانية بتغيير هذا الاسم قليلًا حتى أصبح القدس الشريف.
بناء مدينة القدس
بُنِيَت مدينة القدس أول مرة على تلال الظهور، وهي منطقة تَطُل على بلدة سلوان، وتقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى، ولكن هذا البنيات قد تغير كثيرًا بمرور الزمن، فأصبحت مدينة القدس تمتد على مرتفعات أخرى مثل: مرتفع بيت الزيتون الواقع في شمال شرق المدينة، ومرتفع صهيون الواقع في الجنوب الغربي من مدينة القدس، ومرتفع ساحة الحرم في الشرق، مع العلم أن تلك المرتفعات تقع في منطقة سور القدس والتي يُطلق عليها في زمننا هذا بالقدس القديمة.
القدس عاصمة فلسطين
مدينة القدس هي عاصمة دولة فلسطين، وذلك بناءً على ما جاء في الوثيقة التي أعلنت أن فلسطين دولة مستقلة، كذلك اشتمل القانون الأساسي المُعدل حسب نص المادة 3 من القانون على اعترافًا وتأكيدًا بأن مدينة القدس هي عاصمة دولة فلسطين وستظل هكذا حتى آخر الزمان.
تاريخ القدس حتى يومنا هذا
تاريخ فلسطين مزدحم بالأحداث، وكذلك تاريخ مدينة بيت المقدس، فقد مر عليها العديد من الحضارات والأمم الكبيرة التي برز اسمها في التاريخ القديم والحديث، وفي تلك الفقرة سنتحدث عن أبرز الأمم التي مرت بمدينة القدس بالترتيب:
تاريخ القدس قبل الميلاد:
اليبوسيون: يُقال أنهم سكان القدس الأصليون، وهم أول من سكن في مدينة القدس وجعلها قابلة لسكن الناس، ويعود تاريخ بقاء اليبوسيون في مدينة القدس إلى العام 2500 قبل الميلاد، وقيل أنهم سكنوها قبل هذا العام بفترة كبيرة، اليبوسيون هم أحد القبائل الكنعانية وكنعان هم قبائل عربية الأصل، ومن هنا نؤكد على أن القدس كانت منذ نشأتها ملكًا للعرب.
العصر الفرعوني: يعود وقوع القدس تحت الحُكم الفرعوني إلى 16 قرن قبل الميلاد، وظلت خاضعة لحكمهم حتى بداية حُكم اخناتون حيث غزت قبائل الخابيرو البدوية القدس واستولوا عليها، ولكن حُكمهم لها لم يَدُم، فقد عادت القدس للحكم الفرعوني مرة أخرى في عهد سيتي الأول، واستمر الحُكم الفرعوني لمدينة القدس طويلًا، يُقال حتى القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
البابليون: بدأ غزو البابليون على بلاد شبه الجزيرة العربية في القرن الآخير قبل الميلاد، وقد استولوا على بلاد الشام وفلسطين من عام 977 حتى عام 583 قبل الميلاد، وقيل أن الحُكم الفرعوني المصري استمر حتى بداية العصر البابلي، كما أن تلك الفترة قد قامت فيها حملة نبوخذ نصر والتي نتج عنها احتلال القدس وسبيّ اليهود.
احتلال الفرس لفلسطين: تغلب ملوك الفرس على الحُكم البابلي في عام 539 قبل الميلاد ثم ضمت فلسطين إلى الإمبراطورية الفارسية وخضعت القدس حينها للحُكم الفارسي حتى عام 333 قبل الميلاد.
العصر اليوناني: قام الإسكندر الأكبر بغزو فلسطين في العام 333 قبل الميلاد وتخلص من الحكم الفارسي وبدأ على يديه العصر اليوناني في فلسطين، وقد تولى البطالمة والمقدونيين حثكم مدينة القدس على التوالي بعد موت الإسكندر الأكبر، وذلك حتى قام بطليموس بضم فلسطين والقدس إلى مملكته، ثم في عام 198 قبل الميلاد قام السلوقيون بضم فلسطينن والقدس إلى دولتهم في سوريا حتى أسقطها الحُكم الروماني عام 63 قبل الميلاد.
تاريخ القدس بعد ميلاد المسيح
الامبراطورية الرومانية: كانت الحُقبة الزمنية من 63 ق.م إلى 636 ميلاديًا مليئة بالأحداث التاريخية في العالم العربي، كذلك فإن تلك الفترة هي التي تغير فيها تاريخ القدس، ومن أبرز الأحداث في تلك الحُقبة:
ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام .
بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام.
طرد اليهود من القدس بسبب قيامهم بأعمال شغب وعصيان على الحُكم الروماني، لذلك قام الإمبراطور هادريان بتطهير مدينة القدس تمامًا من اليهود، ولم يبقى فيها سوى المسيحيين.
قام هادريان بتغيير اسم مدينة القدس من اسمها في هذا الوقت إلى اسم إيلياء.
العهد البيزنطي: قامت الإمبراطورية الرومانية بنقل العاصمة الرومانية من روما إلى بيزنطة، كما أعلنت أن الديانة الرسمية للإمبراطورية هي المسيحية، مما أدخل مدينة القدس في فترة راحة حيث سكنها أتباع الطائفة المسيحية في هذا الوقت، كما تم تشييد كنيسة القيامة في تلك الفترة وتحديدًا في عام 326 م.
احتلال الفرس لبيت المقدس: مرت الإمبراطورية الرومانية بفترة ضِعف وإنقسام مما دفع الفرس لمحاولة السيطرة على فلسطين مرة أخرى، وقد نجحوا في ذلك عام 614 م، ولكن هذا لم يَدُم فقد استولى عليها الرومان مرة أخرى بعد 14 عام فقط من سقوطها في أيدي الفرس.
إسلام مدينة القدس
فتح مدينة القدس: في عهد أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب تم فتح مدينة القدس ودخل الإسلام لها، وذلك بعد إنتصار المسلمين في معركة اليرموك تم فتح القدس دون نقطة دماء واحدة، فقد فتحها الرهبان وسلموها لعمر بن الخطاب بنفسه، وكتب لسكانها من المسيحيين وثيقة سلام عُرفت باسم العُهدة العمرية، وكان أبرز شروطها ألا يسكن اليهود مدينة القدس أبدًا، واستمر الحُكم الإسلامي لمدينة القدس أثناء الخلافة الاموية والعباسية، ثم الفاطميين والقرامطة، ثم حكمها السلاجقة في عام 1071 م.
الحملات الصليبية: وقعت فلسطين ومدينة القدس تحت الحُكم الصليبي بعد 5 قرون من الحُكم الإسلامي العادل، ثم أعاد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله الحُكم الإسلامي لمدينة القدس وقد حررها وطرد الصليبيين منها، ولكنها عادت لأيدي الصليبيين مرة أخرى بعد وفاة صلاح الدين، وقد حكموها 11 عام، حتى جاء نجم الدين أيوب وحررها مرة أخرى وذلك عام 1244 م.
المماليك: في عام 1243 م حاول المغول غزو فلسطين واحتلال بين المقدس ولكن المماليك بقيادة الظاهر بيبرس وسيف الدين قطز تمكنوا من صد العدوان الماغولي وحماية فلسطين، ثم ضموها لمصر وخضعت لحكم المماليك.
الدولة العثمانية: قام سليم الأول بفتح فلسطين وضمها لأراضي الخلافة العثمانية في القرن السادس عشر، وقد قام السلطان القانوني بتشييد أسوار مدينة القدس مرة أخرى وإعادة ترميم مسجد قبة الصخرة والجامع القبلي في المسجد الأقصى، وقد ظلت القدس تحت الحُكم العثماني حتى بدايات القرن التاسع عشر ثم بدأت رحلتها مع الاحتلال الإسرائيلي، واستيطان اليهود فيها.
مكانة القدس عند المسلمين
كان لمدينة بيت المقدس مكانة عظيمة عِند أهل الكتاب من المسلمين والمسيحيين واليهود، فكُلٍ يقدِس المسجد الأقصى ويمجده، مع ذلك فإن أكثر من يعتز بالمسجد الاقصى هم المسلمين وذلك لأن الله وصفها لنا بانها الأرض المقدسة، وهي الأرض التي سينزل فيها سيدنا عيسى في آخر الزمان لمحاربة المسيح الدجال وقتله، وسنشير إلى فائدة مدينة القدس عند المسلمين في النقاط التالية مع الأدلة:
هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
اُسري بنبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إليها قبل أن يُعرَج به إلى السماء.
هي موطن الأنبياء ومهبط الوحي.
المسجد الأقصى من المساجد التي يجوز للمسلمين شد الرحال إليها بجانب الحرمين الشريفين.
لن يدخلها المسيح الدجال وسيقتله سيدنا عيسى عليه السلام بالقرب منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَقتل ابنُ مريم الدجالَ بباب لُدّ” رواه مسلم، ولدّ هي مكان قريب من بيت المقدس.
وصف الله تعالى مدينة القدس بانها المدينة المقدسة على لِسان موسى عليه السلام، فقال الله تعالي في سورة المائدة: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} الآية 21.
الصلاة في المسجد الأقصى تعادل 250 صلاة، مع العلم أن الأحاديث التي تقول بأن الصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة كلها ضعيفة ولم تُذكر في الصحيحين.
كذلك فإن نبي الله يعقوب هو من بنى المسجد الأقصى، مع العلم أن بنائه للمسجد الأقصى لا يعني أنه من حق اليهود، فيعقوب عليه السلام كان مسلمًا موحدًا مؤمنًا بالله.