بدأت مجموعة من العلماء والمهتمين بالحضارات والآثار في البحث عن آثار حضارة الأنباط، حيث يبحث الفريق الأثري عن حضارة الأنباط في مساحة كبيرة تبلغ مساحتها أكبر من مساحة دولة بلجيكا، وذلك في العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية.
حيث كان الأنباط يقيمون دولتهم بالعلا “مدائن صالح” والتي تعد العاصمة الثانية لهم بعد عاصمتهم الأولى في البتراء بالأردن، وأقام الأنباط حضارتهم في القرن الأول قبل الميلاد لتستمر نحو مائتي عام.
ويضم فريق الباحثين الأثريين العاملين في مشروع البحث عن آثار حضارة الأنباط نحو 60 باحثًا وخبيرًا، ومن المقرر أن يمتد المشروع البحثي لمدة عامين للبحث والاستكشاف في منطقة تبلغ مساحتها 3300 كيلو متر.
في هذا السياق قال عبد الرحمن السحيباني المحاضر بجامعة الملك سعود بالرياض: “كنت أركز في وقت سابق على الحضارتين الدادانية واللحيانية، والآن فإن الهيئة الملكية للعلا تعمل بمنظور أوسع من أجل فهم أكبر لكيفية تطور المجتمعات المبكرة في المنطقة”. حيث توفر الهيئة الملكية بالعلا أحدث التقنيات للفريق البحثي الأثري ومن هذه التقنيات الطائرات المزودة بالكاميرات المتخصصة.
كما قالت “ربيكا فوت” عالمة الآثار الأمريكية: “إن عمليات الاستكشاف الأثرية الجديدة ستضع السعودية على خريطة التاريخ القديم، فإننا نعرف الكثير عن الفترة بين الألف الأولى والثالثة قبل الميلاد، نعرف الكثير عن مصر القديمة وبلاد الرافدين، وبالمقارنة فإننا لا نعرف سوى القليل عن شبه الجزيرة العربية في التاريخ القديم، فكيف ستؤثر اكتشافاتنا على فهمنا للتاريخ القديم، لا نعرف بعد، ولكن من المرجح أنها ستعيد تشكيل رؤية العالم في التاريخ القديم”.
وقام فريق التنقيب الجوي والذي يقوده “جيمي كوارترمين” من جامعة أوكسفورد البريطانية بالانتهاء من تغطية نحو نصف الأماكن المستهدفة والتي تبلغ 11500 موقعًا وذلك باستخدام طائرات خفيفة ملحق بها كاميرات متخصصة، وتحلق هذه الطائرات على ارتفاعات تتراوح بين 2000 و3000 قدمًا، وتم بواسطة هذه الجولات الاستكشافية اكتشاف مواقع دفن بالإضافة لمشاهد جنائزية من العصر البرونزي.
ورحبت ماريا غواغنين، خبيرة فن النحت على الصخور، بالاكتشافات التي تمت حتى الآن مبديةً إعجابها الشديد وانبهارها بقاعدة البيانات التي صارت متوفرة الآن عن الحضارات في هذه المنطقة قائلةً: “لأول مرة نتطلع للمشهد الأثري بكل جوانبه، وتعتمد معلوماتنا على توزيع أنواع الحيوانات في فترة ما قبل التاريخ وعلى مواقع الدراسة الأثرية من الجو ومواقع العصر الحجري”.