أمهات في القرآن الكريم هن: مريم عليها السلام، هاجر سيدة مكة وأم إسماعيل، وأم موسى، وسارة أم نبي الله إبراهيم- عليهن السلام-. تأتي هذه النساء كنماذج للإيمان والصبر. ويعرض الموسوعة العربية الشاملة نبذة مختصرة عن كل منهن- رضي الله عنهن جميعاً-.
تذكر زوجات النبي – رضوان الله عليهن – في القرآن الكريم في مواضع مختلفة، حيث تحدث بعض الآيات عن أمهات المؤمنين، وتناولت أخرى مواقف معينة أو زوجات بعينهن من زوجاته – صلى الله عليه وسلم.
حواء هي زوجة آدم وأم البشر. جميع البشر الذين يعيشون على الأرض ينتسبون إلى آدم وحواء. خلقها الله من ضلع آدم في الجنة أثناء نومه، وأُطلق عليها هذا الاسم نظرًا لأنها خلقت من حي، وهو آدم. قام الله بتزويجها من آدم وأمرهما بالسكن في الجنة. ومع ذلك، أوجد الله شرطًا واحدًا، وهو عدم الاقتراب من شجرة معينة في الجنة.
للأسف، أغوى الشيطان آدم وحواء وجعلهما يأكلا من هذه الشجرة المحرمة، مما أسفر عن غضب الله عليهما. عاقبهما الله بطردهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض. عاشوا في الأرض واجتازوا تجارب ومحنًا. تقابل آدم وحواء فيما بعد على جبل عرفات، ولهذا السبب يُطلق عليه هذا الاسم.
عندما خلق الله آدم ووضعه في الجنة، شعر آدم بالوحدة لعدم وجود من يشاركه فيها. ولكن عندما نام واستيقظ، وجد حواء إلى جواره. فسألها عن هويتها وغرض خلقها، وأجابت بأنها امرأة وأنها خُلِقَت لكي تكون رفيقته. طلب الملائكة معرفة اسمها وسبب تسميتها حواء، فأجاب آدم أنها تسمى حواء لأنها خلقت من حي، وهو آدم.
تحدث القرآن عن النساء ويشير إلى أهميتهن. وفي حديث نبوي، ورد توجيهات بالاعتدال واللطف في التعامل مع النساء، حيث أشار النبي محمد إلى أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وهو الضلع الذي يقع في الجزء الأعلى من الصدر. وقد جاء هذا التوجيه للرجال للتذكير بأهمية معاملة النساء باللطف والاحترام.
من بعد خروجهما من الجنة، تعرض آدم وحواء لمحن وصعوبات في الحياة على الأرض، ولكنهما توبا إلى الله واستقرا في مساكنهما على هذه الأرض، وعاشوا حياة بناءة ومعبدة لله.
شاهد أيضاً: تفسير عدم ذكر اسماء النساء في القرآن
قد وردت في القرآن الكريم قصص عديد من النساء اللواتي تم ذكرهن دون الإشارة إلى أسمائهن، وهن من نساء العالمين المخلدات. ومن بين هذه السيدات اللامعات في التاريخ الديني هي السيدة سارة، زوجة النبي إبراهيم.
سارة بنت هاران كانت زوجة النبي إبراهيم في البداية، وهي أم النبي إسحاق وأجداد النبي يعقوب، الذين يُعتبرون أجداد أنبياء بني إسرائيل. تحظى بتقدير واحترام كبيرين بين المسلمين واليهود والمسيحيين. تم ذكرها في التوراة باسم “ساراى” ولكن تغير اسمها إلى “سارة” بعد وعد الله لها بالإنجاب على الرغم من كبر سنها، وهذا الحدث ورد في القرآن دون تسمية محددة لها.
ووفقًا للتوراة، كان اسم زوجة إبراهيم في البداية “ساراى”، وعندما أعلن الله وعدها بإنجاب ولد رغم كبر سنها، تم تغيير اسمها إلى “سارة” ليُظهر ذلك وفاء الله بوعده وإشارة إلى دورها كأم. في اللغة العبرية، يعني اسم “سارة” الأميرة أو السيدة النبيلة، ويُفهم في اللغة العربية بمعنى “البهجة والسرور”.
وفقًا لسيرة سيدنا إبراهيم، كان يحب سارة بشدة بسبب جمالها الفائق ولم يكن يمانع في عدم إنجابها، بل كانت محبته لها تفوق كل شيء آخر. حين توصلت سارة إلى سن الكبر وبقيت عاقرة لسنوات طويلة، لم يتردد سيدنا إبراهيم في الاحتفاظ بمحبتها.
ثم جاءت الملائكة وبشروا إبراهيم وسارة بمولود سيدنا إسحاق، وذلك بعد أن كانوا قد فقدوا الأمل في الإنجاب بسبب كبر سنهما. وبهذه البشارة، انتهت حالة العقم التي كانت تعاني منها سارة، وقامت بإنجاب إسحاق.
هذا الولد المبارك أصبح سببًا في نشأة الأنبياء والأجيال اللاحقة من بني إسرائيل. وعبّرت سارة عن فرحتها ودهشتها حين علمت بهذا الخبر، وردت قائلة: “قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ”، ورد الجواب بالتأكيد على أن ما حدث هو بفضل رحمة الله وبركاته.
السيدة مريم عليها السلام، أم النبي عيسى المسيح، تعتبر واحدة من أفضل نساء العالمين. إنها امرأة جليلة بأخلاقها العالية، وطهارتها، وصبرها على محنة قومها. كانت معبودة لله تعالى وعارفة بعظمته، ولهذا اختارها الله عز وجل وأكرمها بكرامات ظاهرة. وقد اصطفاها الله بين جميع النساء لتصبح أمًا لنبيه عيسى المسيح دون أن يكون لها زوج أو تلامسها رجل بشر.
القرآن الكريم يؤكد على عظمة السيدة مريم عليها السلام حيث قال الله تعالى: “وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ” (آل عمران: 42). كما أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى عظمة مريم قائلاً: “وَخَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ”، مما يظهر عظم مكانتها بين النساء.
ولدت مريم عليها السلام من والدتها حنة، وكانت أمها تدعو بصدق لتكون أمًا صالحًا. وعندما ولدت مريم، تحققت دعوة والدتها بأن تصبح صالحة ونبياً. وبالرغم من أنها توقعت ولادة ذكرًا، إلا أن الله قد أمنحها ابنة صالحة ومتفوقة، وهي مريم. وقد كرم الله تعالى مريم عليها السلام بكرامات وعجائب ظاهرة تعكس عظمتها.
عندما كبرت مريم، قام النبي زكريا عليه السلام، زوج أختها، بتربيتها وتعليمها القيم والأخلاق الحسنة وأحكام الدين. وترعرعت مريم عليها السلام كامرأة عفيفة، طاهرة، ومخلصة لله. قدمت الله عز وجل لها الكرامات الظاهرة كعلامات على عظمتها، حيث رآها زكريا في المحراب وعندما كانت تتغطى بسترها، ووفرت لها الله رزقًا غير مألوف في الزمان، مما يدل على رضى الله عنها.
وعندما حان وقت ولادتها لعيسى المسيح عليه السلام، ولدته دون وجود زوج أو رجل يلامسها. وبعد الولادة، قامت مريم بحمل طفلها وذهبت به إلى قومها. وعندما سألهم عن طريقة حديث الطفل، أشارت إلى طفلها عيسى ولكنها لم تتكلم بل أشارت إلى الله عز وجل.
أم موسى أحبت ولدها ولكن الله أوحى لها بإرضاعه وعدم الخوف والحزن. الله وعد بحقيقة تتحقق. القصة تظهر قوة الإيمان والصبر والرضا في الاختبارات. تعلمنا أن الله دائمًا معنا في اللحظات الصعبة ويمنح القوة. درس في الحب والرحمة والثقة بالله، وكيف يمكن للإيمان التغلب على التحديات.