تعني كلمة تصدى، وهي من الأفعال إلى معنى المواجهة والمقابلة، باختلاف الأغراض التي يمكن الإتيان بها- وهي كثيرة- ولكن بشكل عام، فالتصدي هي المواجهة، سواء كانت للمنع أو المقابلة أو التحدي أو حتى للتفكير أو التعرض، ولعل الأمثلة قد تحمل في طياتها الكثير من المعاني، والتي من بين أشهر الأمثلة التي يتم استخدام الفعل “تصدى” فيها ما يلي.
من الناحية الصرفية فكلمة تصدى هي من الأفعال الثلاثية، ولكن التي تحتوي على حرفين زائدين عن الأصل الخاص بها، يتم تسميتها في علم الصرف بالفعل المزيد الثلاثي، وهو مزيد بحرفي التاء والتضعيف لحرف الدال، فأصل الفعل وجذره هو “صدى”، وبشكل بسيط فالفعل تصدى هو من الأفعال الماضية، والذي يأتي المضارع منه على “يتصدى” أما في حالة محاولة الإتيان بالفعل الأمر منه، فيكون على “تصدَّ” وهي بهذا يشبه في تركيبه الماضي، ولكن يختلفان في المعنى من حيث استخدامهما في الجمل.
لعل من أكثر ما يميز الفعل يتصدى كونه من الأفعال الخماسية، والتي سهل الإتيان بالمشتقات الخاصة بها، وحتى مصدرها، والمشتقات هنا تعني الإتيان باسم الفاعل واسم المفعول وصيغة المبالغة منه، وهؤلاء الثلاثة هم الأكثر شيوعاً للمشتقات، بخلاف الكثير من المشتقات الأخرى المستخدمة.
لكونه من الأفعال الخماسية، فحتى نتمكن من الحصول على اسم الفاعل من الفعل تصدى، ما علينا فعله إلى أن نقوم بوضع حرف ميم مضمومة على أوله، مع كسر الحرف قبل الأخير في الفعل، فيكون الناتج النهائي لعملية الاشتقاق هي أن اسم الفاعل من الفعل تصدى هي “متصدي” أو “متصدٍ”.
جاءت كلمة “تصدى” بلفظها هذا مرة واحدة في القرآن الكريم، وذلك حدث في قول الله- تبارك وتعالى- في سورة (عبس): (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6)) وقد نزلت تلك الآيات في عتاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن قبض وجهه وإعراضه عن مقابلة الصحابي “ابن أم مكتوم” وهو كان رجلاً أعمى حرمه الله من نعمة البصر، وقد جاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طالباً منه طلباً، فأعرض عنه الرسول الكريم بغرض أن يلتفت إلى أحد ثلاثة ، وهم عتبة بن ربيعة وأبا جهل، والعباس بن عبد المطلب- وهم رجال من علية القوم في قريش- فكان الرد من المولى- عز وجل- في حينها، عندما نازل الوحي معاتباً رسول الله.
لم يأتي في السنة النبوية الشريفة، حديث استخدم فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلمة تصدى، ولكن جاءت في السنة النبوية قول أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- ذكرى تزول الآيات الكريمة من سورة عبس والتي ذكرناها فيما مضى، وكان الحديث عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع رجالٍ من وجوهِ قريشٍ فيهم أبو جهلٍ وعتبةُ بنُ ربيعةَ فيقولُ لهم أليس حسنًا أن جئتُ بكذا وكذا فيقولون بلَى والدِّماءِ فجاء ابنُ أمِّ مكتومٍ وهو مشتغِلٌ بهم فسأله فأعرض عنه فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ { أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) } يعني ابنَ أمِّ مكتومٍ رضِي اللهُ عنه) (حديث حسن صحيح)
تغنى الشعراء بالفعل تصدى، واستغلوه في الكثير من الأغراض، ما بين الحماسة والشجاعة والتهديد والتحذير وحتى وصل الحال إلى الغزل والحكمة، ولعل من أبرز الأبيات التي استخدمت فيها كلمة تصدى ما يلي.
يرجع الفعل تصدى إلى المصدر تصديًّا.