القصائد الشعرية من الفنون اللغوية المميزة والفريدة من نوعها، فيكن لها قوالب خاصة بها، ولها وقع مميز على الأذن، وفي هذا المقال في موقع موسوعة سنشير إلى نموذج تحليل قصيدة شعرية والمنهجية التي يتم اتباعها عند تحليل الأبيات الشعرية والقصائد، فكل الفنون الأدبية لها منهجية خاصة في التحليل تضيف له لون خاص به.
نموذج تحليل قصيدة شعرية
القصيدة الشعرية فن من فنون الكتابة في اللغة العربية الفصحى، يكن للقصيدة هدف واضح، يرغب الكاتب في إيصاله للقارئ بصورة إبداعية مميزة.
فالقصائد الشعرية تتكون من مجموعة من الأبيات الشعرية، يكن بينهم قافية خاصة مشتركة، هذه القافية هي التي تجذب أسماع القراء.
ويستعين كاتب القصائد الشعرية بعلوم اللغة العربية، فيقم باستخدام أنواع مختلفة من الألوان البلاغية البديعة، مثل المحسنات الكلامية، وأساليب الاستعارة المكنية والاستعارة التصريحية والكناية.
ومع مرور الزمن تطورت القصائد الشعرية بشكل كبير، ولكنها ما زالت تحافظ على اللون الإبداعي الذي يميزها.
وإذا أردت دراسة نموذج تحليل قصيدة شعرية والمنهج الذي يتم السير عليه لتحليل أي قصيدة، لابد أن تدرك جيدًا أن هناك أنواع مختلفة من القصائد على مدار الأزمنة.
ومن أنواع القصائد الشعرية المتعارف عليها: القصيدة العمودية، قصيدة التفعيلة، القصيدة النثرية، الشعر الحر، السماطين، القصيدة الطويلة، القصيدة المتوسطة، القصيدة المكملة.
الشعر التمثيلي، الشعر الملحمي، الشعر المرسل، الشعر الحر، وغيرها من الأنواع.
ويختلف نوع القصيدة تبعًا لاختلاف المغزى من ورائها، وطريقة كتابة الكاتب للأبيات الشعرية.
ولكل زمن طريقة خاصة للكتابة، ويمكنك معرفة الزمن الذي كُتبت فيه القصيدة بالنظر إلى المصلطحات والمفاهيم المستخدمة وطرق الكتابة.
وإذا أردت تحليل القصيدة بطريقة علمية دقيقة، فعليك اتباع بعض الخطوات الهامة، ففي البداية على الناقد أن يدرس جيدًا الإطار العام الذي خرجت فيه القصيدة.
أي يقم بدراسة الفترة الزمنية التي خرجت فيها القصيدة، والمجتمع الذي خرج منه الشاعر.
وعلى الناقد أن يحرص على دراسة كافة الظواهر المجتمعية والمادية التي تحيط بكاتب القصيدة الشعرية.
منهجية تحليل قصيدة شعرية معاصرة
نموذج تحليل قصيدة شعرية يعتمد على دراسة الإطار العام للقصيدة يدرك الناقد جيدًا المغزى العام للقصيدة، سواء كان يسير في الإطار العاطفي، أو يسير في الإطار الكلاسيكي أو السياسي أو الاجتماعي أو غيره.
كما يدرك الناقد جيدًا البعد الثقافي لكاتب القصيدة، والبعد التاريخي أيضًا.
ويبحث الناقد جيدًا عن كافة المعلومات الحياتية والمجتمعية الخاصة بالشاعر، سواء من النشأة أو الدرجة العلمية أو غيره.
فخلفية الشاعر تؤثر بالتأكيد على كتاباته، وتجعل الناقد يدرك جيدًا هل هو مرتبط ببلدته على سبيل المثال أو لا.
وبعد دراسة الإطار العام للقصيدة تأتي مرحلة دراسة نص القصيدة، فيقوم الناقد بقراءة القصيدة أكثر من مرة.
ثم يتوقف على كافة المصطلحات المستخدمة، ويقم بتحليل البناء الخاص بها، واستخدام الأساليب اللغوية المركبة.
وكيف قام باستخدام القافية، وهل هناك كلمات محددة كررت أكثر من مرة وما الغرض من تكرارها.
و نموذج تحليل قصيدة شعرية يتم التركيز على الأسلوب اللغوي للكاتب، لمعرفة سبب استخدامه لكل أسلوب شعري ولكل مصطلح ولكل تركيبة لغوية.
كما يعتمد تحليل القصائد على قدرة الناقد على ربط الأبيات ببعضها البعض، مع توضيح الهدف العام لهذه الأبيات.
ثم تأتي مرحلة الفهم والاستيعاب، لتحديد الأفكار والقضايا العامة للقصائد الشعرية، التي توضح الهدف والمغزى النهائي للأبيات.
وتحليل الأبيات يعتمد في الأساس على تحديد المكونات الأساسية والمكونات الفرعية للقصيدة الشرعية.
عند تحليل القصيدة يكن الناقد قادرًا على التعرف على نوع الإيقاع، فإيقاع القصيدة إما يأتي في صورة إيقاع داخلي.
أي بسبب اختيار الكلمات والمصطلحات في كل بيت شعري، والتعرف على العلاقة ما بينهم، وهل هم قاموا بالفعل بخلق توازن صوتي أم لا.
فيتم البحث عن التجانس بين تراكيب كل بيت من الأبيات، للتعرف على مصدر الموسيقى الداخلية، سواء كان بسبب تكرار الكلمات أو تكرار نغمة ما.
ويحدد الناقد ما إذا كان هناك إيقاع خارجي في القصيدة، عن طريق تحديد بحر القصيد، وطبيعة القافية في كل بيت، وهل كانت القافية مطلقة، أم قافية مرسلة، أم مركبة وغيرها.
تحليل نص أدبي
سنعرض نموذج تحليل قصيدة شعرية لابن زيدون، وهي قصيدة من بحر المتقارب:
بداية من البيت: لئن قصر اليأس منك الأمل .. وحال تجنيك دون الحيل
وناجاك بالإفك في الحسود .. فأعطيته جهرة ما سأل
وحتى البيت الرابع يوجه الشاعر في هذه الأبيات الحديث بشكل مباشر إلى محبوبته، وحديثه به لمحة من الحزن واليأس وفقدان الأمل.
ويلقي الشاعر الذنب على الوشاة، وعلى من كانوا يريدون الخراب لهم، ونشر الفتنة بينهم لكي تبتعد محبوبته عنه.
وبداية من البيت الخامس: فإن ذمام الهوى لم أزل .. أبقيه حفظًا كما لم أزل، فديتك إن تعجلي بالجفا .. فقد يهب الريث بعض العجل.
والبيت الخامس والسادس تغيرت طريقة الشاعر في الحديث، فبدلًا من إلقاء اللوم على محبوبته، قام بالتحدث عن إخلاصه ووفاءه بعهوده التي كانت بينه وبين حبيبته.
فهو لم يسمح قط بدخول المنافقين والكاذبين بينهم، بل كان يسعى إلى صد محاولاتهم في الإيقاع بينهم.
وفي البيت السابع: علام أطبتك دواعي القلي ؟ .. وفيم تنتك نواهي العذل ؟.
في هذا البيت يعود مرة أخرى الشاعر ليلقي اللوم على محبوبته، فيتساءل لماذا كانت تريد البعد والهجران بشدة، ولماذا لم تتمسك بهم وبعلاقتهم الطيبة كما تمسك هو.
وبداية من البيت الثامن: ألم ألزم الصبر كيما أخف ؟ .. ألم أكثر الهجر كي لا أمل ؟، ألم أرضي منك بغير الرضى .. وأبدي السرور بما لم أنل ؟.
وحتى البيت العاشر يتحدث الشاعر في هذه الأبيات عن صبره الشديد وتمسكه القوي بمحبوبته رغم الخلافات.
فدائمًا ما كان يتحلى بالأمل وكان راضي تمامًا بقدره، وكان سعيد للغاية بوجود محبوبته بجانبه.
ولكنه وجد من محبوبته الكثير من العند والكبر، وكانت بعيدة كل البعد عن الصبر والتحمل.
وبداية من البيت الحادي عشر: وما ساء ظني في أني يسيء .. بي الفعل حسنك حتى فعل.
وحتى البيت الثالث عشر فعاد الشاعر ليبحث عن مبررات لمحبوبته أدى بها إلى هذا الفعل، فهو يثق تمامًا فيها، ويثق في حبها وإخلاصها.
ولكنها استمعت إلى الشائعات وإلى أقوال من يريد بهم السوء، رغم أنه كان يحسن الظن بها كثيرًا.
قصيدة شعرية لابن زيدون
وبداية من البيت الرابع عشر: سعيت لتكرير عهد صفا .. وحاولت نقص وداد كمل، فما عوفيت مقتي من أذى .. ولا أعفيت ثقتي من خجل.
وحتى البيت الثامن عشر فيبدي الشاعر صدمته الشديد تجاه خيانة محبوبته، ويؤكد أنه لم يكن أبدًا يتوقع هذا الفعل منعها.
فهو كان صبور تمامًا معها، وكان مخلص الوعد، ولم يخونها قط، وهي مقابل مشاعره النبيلة والغالية راوغته في الحديث، وخانته بطريقة سببت له صدمة كبير.
وبداية من البيت التاسع عشر: فلم يك حظي منك الأخس .. ولاعد سهمي فيك الأقل، عليك السلام سلام الوداع .. وداع الهوى مات قبل الأجل.
وحتى البيت الرابع والعشرين نهاية القصيدة، يودع الشاعر محبوبته، بكلمات مؤثرة، ولكن الوداع ليس وداع نهائي، فالأبيات تدل على رغبة الشاعر في الرجوع مرة أخرى إذا رغبت محبوبته في ذلك.
فهو قادر تمامًا على الصفح والعفو، وأن يعود إليها مخلصًا ممتلئًا بالأمل، إذا قررت هي العودة مرة أخرى.
نموذج تحليل قصيدة شعرية لإبن زيدون أوضحت أن الشاعر قام باختيار ألفاظه بطريقة دقيقة للغاية.
وذلك لكي يحافظ على بساطة الموضوع، وعرض الأفكار بطريقة مبسطة وواضحة وسهلة للقراء.
فلم يقم باستخدام مصطلحات صعبة غير متعارف عليها، فالشاعر يريد في الأصل أن يصل المغزى من وراء كلماته بأبسط الطرق الممكنة.
كما كانت كل التراكيب والكلمات رقيقة، لها وقع محبب على الأذن وعلى القلب.
وتم الربط بين شطري البيت بطريقة موسيقية بها تجانس خاص، وذلك عن طريق الاستعانة بكلمات لها نفس الإيقاع والقافية، واستخدام أساليب الربط، مثل حروف الجر.
وكان هناك تنوع بين الأساليب الخبرية والأساليب الإنشائية، بطريقة ساعدت على جذب انتباه القراء.
كما كان هناك تنوع بين استخدام أساليب الاستفهام وأساليب التمني، فقد كانت اختياراته موفقة للغاية، وساعد ذلك على انتشار القصيدة بشكل كبير.
وهكذا نكن قد أشرنا إلى نموذج تحليل قصيدة شعرية ، كما يمكنك الآن قراءة كل جديد من موسوعة.