الوطن .. ليس مجرد أرض نقيم عليها و لا جنسية نضعها في بطاقة أو جواز سفر ، و لكن الوطن هو شعورا داخلي يحتل كل خلية من جسدك ، شعورا يجعل من المستحيل على أي شخص أن يتخلى عن وطنه أو ينساه أو ينسلخ منه ..
الوطن هو كل ذكريات الطفولة و الشباب و أول يوم مدرسي و يوم تخرجك و أول حب تمر به ، الوطن هو رائحة الطعام و شكل الشوارع و ابتسامة الرضا على وجوه المارة ..
الوطن هو ذلك الفرح الذي يحرك أعماق أعماقك إن شعرت بأنك تحقق شيئا ما يفخر به أهلك و معارفك ، و هو تلك الغصة التي تجتاحك إن شعرت أن كل ما سبق في خطر ، أو أن هناك من يتألمون في وطنك ..
الوطن هو ما يدفعك نحو التطور و التقدم و التعلم من أجل رفعته و تقدمه ، الوطن هو كل الاشياء الجميلة و الرائعة التي يتميز بها الاشخاص و التي تفرض عليهم دائما بذل المزيد من الجهد من أجل تحقيق المزيد و المزيد ..
لذا سنجد العديد من البشر حول العالم و بالرغم من ذلك يحتفظون بالوطن بداخل قلوبهم و هذا ما نراه مع أخواننا من فلسطين و الذين تم تهجيرهم من أراضيهم و وطنهم و على الرغم من ذلك مازالوا يحتفظون بفلسطين وطنهم في داخلهم ، مازالوا يحافظون على لكنتهم و ملابسهم و أغانيهم و مأكلهم و حتى طريقة الاحتفال و طريقة الحداد ..
كذالك نجد إخواننا السوريين الذين حكمت عليهم الحرب الدائرة منذ ستة أعوام في سوريا على الهروب إلى العديد من الدول أثبتوا أن سوريا وطن مازال محتفظ بمكانته في قلوبهم ، بل و تمكنوا من تلوين كل شئ لمسوه إلى طابع سوري مميز جعلهم محل تقدير و إحترام في كل الدول و الأماكن التي حلوا بها ..
الوطن هو كل ما نتذكره عن طفولتنا و شبابنا و لحظات النجاح و الفرح و هو ما يدفعنا دفع نحو مزيدا من التقدم و مزيدا من الحب لهذا الوطن ، الوطن فكرة نحتفظ بها في قلوبنا..
الوطن لديه معان مختلفة و شعورا مختلف من شخص لاخر و كل شخص يحمل بداخلة أحلام كثيرة و كبيرة تخص الوطن ، فالوطن هو أساس رغبتنا في الانجاز و إثبات الذات و كم يفخر الشخص الذي يحقق إنجازا و ينسب هذا الانجاز إلى وطنه ، و نرى العلماء و المخترعين و المبتكرين حول العالم كله يسعون دائما للتعبير عن أوطانهم في أكثر لحظات حياتهم فخرا و نجاحا ، و حتى الرياضيين دائما ما يحتفلون حاملين علم وطنهم تعبيرا عن فخرهم و سعادتهم بأنهم رفعوا اسم الوطن عاليا و حققوا إنجازا سينسب لهذا الوطن..
فحتى ولو كان الوطن مجرد كلمة على جواز السفر أو على الهوية سنجده دائما محركا لنا ، و ستجدنا دائما نحافظ عليه في تصرفاتنا و طريقة حياتنا حتى في أصغر التفاصيل من مأكل و مشرب و طريقة مميزة في الحديث و حتى المزاح أو الحزن ..
يتداخل مفهوم الوطن مع مفهوم الثقافة التي تشمل كل ما ذكرناه من صفات مميزة تميز شعب ما أو مجموعة ما من البشر و تفردهم عن باقي العالم ، و هي تشمل عاداتهم و تقاليدهم و لباسهم الرسمي و التراثي و حتى طريقة الاحتفال أو الحداد و هي أيضا تمثل اللغة و الثقافة الشعبية و الأغاني و الحكايات التراثية ، و تقترب كثيرا الثقافة من مفهوم الوطن لدى البشر ، فالثقافة هي ما تكرس بداخلنا مشاعرنا و رؤيتنا للوطن حتى ولو لم نكن نحيا فيه ..
وحتى في أشد لحظات غربتنا عن أوطاننا سنظل دائما متعلقين بهذه الفكرة و هذه المشاعر فستجدنا نحن دائما إلى ديارنا القديمة و عاداتنا اليومية القديمة و حتى إلى الموسيقى و الفنون التي تميز هذا الوطن عن غيره ، مشاعر كثيرة مختلطة يمثلها الوطن تزرع في الانسان منذ اليوم الاول لولادته و لا تخرج منه إلا في قبره ، فالوطن أكبر من أن يوصف و أشمل و أعم من أن يتم شرحه بالكلمات ..