تعد الحرية من أكثر النعم التي أنعم الله تعالى علينا، فلقد أعطى لكل إنسان حريته الكاملة، وأن يتصرف في أموره الشخصية كيفما يشاء، لذا علينا أن نستغل هذه النعمة بطريقة صحيحة وسوية، كالعمل الصالح والابتعاد عن أصدقاء السوء ومساعدة المحتاجين والتعاون مع الأشخاص الآخرين، أي تكون حريتنا إيجابية وليست سلبية؛ وسوف نتحدث في مقالنا هنا عن قصص متعلقة بموضوع الحرية، وعلينا التركيز على هذه القصص لكي نستفيد من محتواها وما هي الدروس المستفادة منها.
حكاية ريشة
وتتمثل أحداث هذه القصة كالتالي:
تبدأ القصة بحديث من (ريشة)، والتي تقول: “أنا اسمي ريشة، أما أمي وأبي فلا أعرفهما، فأنا صغيرة جداً وهناك أشياء كثيرة لا أعلمها لكنني أتعلم كل يوم شيئاً جديداً، بيتي كان جناح طائر صغير والريشات الكبيرات كن يحطنني بالحب والرعاية ويبالغن في حراستي لدرجة أنهن كن يمنعن عني الاستمتاع بالشمس والهواء، فأنا كنت مجرد زغب ( صغار الريش ) أبيض لا يلحظه أحد، وربما لم يكن يلتفتن إلى وجودي والي رغباتي.
وذات يوم حلق طائري الصغير عالياً وفرد جناحيه إلى أقصى مدى، واضطرت الريشات الكبيرات إلى الاسترخاء تحت الشمس والاستمتاع بنسمة هواء منعشة، فتمكنت لأول مرة أن أرى نور الشمس الوهاج وأشعتها الذهبية وزرقة السماء الصافية، لكن ريحاً شقية أرادت أن تلعب مع طائري الصغير الذي لم يكن منتبهاً لمزاحها السخيف، فاصطدم بسحابة بيضاء جميلة وباردة غطته بظلها.
حرص طائري علي ضم جناحيه واستعادة توازنه حتى لا يسقط، وانشغل بمعاتبة الريح الشقية علي مفاجأتها المؤذية، لم تنتبه الريشات الكبيرات إلى أنني انزلقت من بيتهن إلى الفضاء الواسع الرحيب، الريح الشقية أمسكت بي قبل أن أسقط والقتني عالياً لأبدو للحظات معلقة في الفضاء، كانت سعيدة بي حملتني على كفها وظلت تلعب معي، تقذفني عالياً ثم تتركني اهبط بهدوء، وهي تتعجب من عدم سقوطي السريع على الأرض.
فأنا بلا وزن تقريباً وكنت أطير بلا أجنحة، كان الفضاء واسعاً حولي والشمس المشرقة تلون الأرض بلون ذهبي جميل، كنت أنظر إلى الأرض وما عليها من بيوت وسيارات وبشر يسيرون على الأقدام واراهم من أعلى صغاراً جداً، لكنهم بالطبع ليسوا في مثل حجمي الصغير، يبدو أن الريح تعكر مزاجها فأثارت زوبعة من غبار ثم زامت وعوت وسحبت كفها ونفخت في وجهي نفخة طويلة، فطرت بعيداً عنها وظللت اهبط بسرعة أكبر كلما اقتربت من الأرض حتى التصقت بزجاج نافذة، بإحدى البنايات العالية، في تلك اللحظة قام لد صغير بفتح النافذة ودفعتني الريح من جديد فارتعد خائفاً ظناً منه أن حشرة صغيرة تداهمه، حاول أن يبعدني بعيداً عن وجهه بأصابعه الصغيرة وقال : هوف!.
فرفعتني أنفاسه الدافئة لأعلي وهو يتابعني بنظراته ورأيت ابتسامة جميلة تسكن عينيه بدلاً من نظرات الفرع حين تعرف علي وعرف أنني ريشة رقيقة لا أسبب الأذى لأحد، وبدلاً من هروبه مني حرص علي مطاردتي والإمساك بي، ويبدو أن الريح الشقية أعجبتها اللعبة فساعدتني كثيراً علي التحليق بعيداً عن يديه .. لكنها انسحبت فجأة فيبدو أنها انشغلت في لعبة أخرى من الألعاب التي تجيدها كإسقاط القبعات عن رؤوس الفتيات الصغيرات وتركتني اسقط بين يديه.
ظل الولد الصغير ينفث الهواء في وجهي فأطير عالياً ويعاود الإمساك بي لكنه كان ملولاً ولم يستمر في اللعب طويلاً، وكانت هذه اللعبة الوحيدة التي أجيدها منذ تركت سكني في جناح طائري المسكين، ولم أكن أعرف شيئاً آخر أستطيع أن أفعله .. ماذا بمقدور ريشة صغيرة أن تفعل أكثر من الطيران والتحليق عالياً ؟! لكن الولد أخرج من مكتبه الصغير ورقه كبيرة وعلبة ألوان الزيت وغمسني فيها، كانت لزوجتها وبرودتها تشعرني بقشعريرة لذيذة وقام الولد برسم لوحة جميلة فيها انهار وحيوانات وطيور محلقة في السماء، واكتشفت لأول مرة أن باستطاعتي أن أفعل شيئاً آخر جميلاً بخلاف الطيران عالياً والسقوط على الأرض.
لكنني بعدها شعرت بأنني أثقل من اللازم والتصقت بلعبة ألوان الزيت ولم تستطع الريح أن تزحزحني من مكاني، شعرت بالحزن والأسى رغم ألوان قوس قزح التي غطت لوني الأبيض بعد أن فقدت حريتي وقدرتي علي الطيران، وعرفت حينها أن أجمل ما في الحياة أن تكون حراً بإمكانك التحليق في كل وقت .. الولد الصغير ربما لمح دموعي التي سالت فحملني وقام بفتح صنبور المياه فوق جسمي، قامت الرياح بعدها بتجفيف جسمي فشعرت أنني عدت خفيفة واستعدت قدرتي على الطيران، كنت مدينة للولد الصغير الذي خلصني من الألوان التي التصقت به، كما صرت مدينة للريح التي جففتني وساعدتني علي الطيران ثانية.
ثم شكرتها، ولم أكن أعرف إلى أين أذهب مع الرياح، وحينها صرت أنا والريح أصدقاء وخضنا معاً مغامرات كثيرة جميلة واكتشفت رغم ضعفي أن بإمكاني فعل أشياء لم أتصور أن بمقدوري فعلها،
قصة الحرية والعبودية
وفي الفقرات القادمة سوف نهروي قصة تضمن الحرية والعبودية، وتدور احداث القصة كالتالي:
قصة الكلب والذئب
يروي أنه في يوم من الأيام، كان كلب سمين من الكلاب، مربوطاً بسلسلة أمام مسكنه، وكانت تظهر عليه علامات الشبع والراحة والنعيم، فقابله ذئب ضعيف جائع، لا يجد ما يكفيه من الطعام، قد ظهرت عظامه لشدة جوعه وضعفه.
سأل الذئب الكلب عن سبب راحته ونعيمه، وشكا إليه ما يحسه من الجوع الشديد، والتعب المستمر، فقال الكلب: “إنك لو عملت ما أعمل لكنت مستريحاً ومتمتعاً بالحياة، وأمكنك أن تعيش كما أعيش أنا”.
فسأله الذئب: “وما عملك يا أخي؟”، أجاب الكلب: “أني أحرس البيوت من اللصوص ليلاً، فقال الذئب: هذا ما أتمناه، وما أريده فخذني معك من فضلك، حتى أجد مسكناً أنام فيه، وغطاءً يحفظني من البرد في الشتاء”.
اقترب الذئب الجائع من الكلب السمين فرأى علامة على رقبته، فسأله الذئب عنها، فقال له الكلب: إن سيدي، يربطني من رقبتي نهاراً، بهذه السلسلة، حتى لا أترك المنزل دقيقة واحدة، ولا أعض الناس الذين يزورون صاحب البيت، وفي الليل يفك السلسلة.
تراجع الذئب إلى الوراء وقال للكلب: اتركني يا صديقي في حالي، وتمتع وحدك بهذا النعيم، وهذه السعادة، فإني أحب الحرية ولا أرضى أبداً، بالذل والعبودية، وإني أفضل أن أعيش حراً، متمتعاً بالحرية مع ما أحس به، من شدة الفقر والجوع، على أن أعيش متمتعاً بكل وسائل الراحة والنعيم، مقيداً بسلاسل من الذل والعبودية، ترك الذئب صديقه الكلب وودعه، وتمنى له مزيداً من الرغد والراحة، وانصرف بعيداً يبحث عن عيشة توفر له العيش الرغد ولا تقيد حريته.
قصة عن الحرية للاطفال
وفيما يلي سوف نعرض إحدى قصص الحرية للأطفال، ومنها ما يلي:
دقدق ومعنى الحرية
كان يعيش عصفور اسمه دقدق في الغابة، وهو عصفور جميل ريشه ملون بألوان جذابة بين الأصفر والأخضر والأبيض ومنقاره أحمر.
كما كان العصفور يستيقظ من نومه مع شقشقة الفجر؛ ليفرد جناحيه الصغيرين ويطير أمام العش فوق أشجار البرتقال، وكان العصفور يشعر عند طيرانه في السماء رغم صغر حجمه بأنه يملك العالم.
كان العصفور دقدق دائماً سعيداً باللعب مع إخوته العصافير بينما تجلب لهم أمهم الطعام.
بالإضافة إلى أن دقدق لم يكن يجيد مهارة الطيران، فهو ما زال صغيراً، وكان لا يجب عليه أن يطير بعيداً كما قالت له أمه وأكد عليه أبوه، إلا أن دقدق كان مشاغباً جداً، كما كان كل يوم يبتعد أكثر وأكثر ثم يعود فرحاً للعش. ويقول دقدق لإخوته: “لم يحدث شيء خطير، لماذا إذاً لا أبتعد أكثر وأكثر؟ أريد أن ألعب مع الفراشات عند البحيرة الكبيرة فوق أزهار دوار الشمس”.
كما كانوا إخوته دائماً يحذرونه من الابتعاد ومحاولة الطيران بعيداً، ولكن دقدق مشاغب ولا يستمع لنصائح أحد، ثم ذهب دقدق عند البحيرة، وفي الطريق رأى العم بلبل فقال له: “إلى أين أنت ذاهب يا دقدق؟”، فرد دقدق: ذاهب عند البحيرة كي ألعب مع الفراشات الملونة”.
وقام العم بلبل بنصحه بعدم الذهاب بدون أمه وأبيه؛ لأنهما سوف يغضبان كثيراً منه.
رد دقدق: “لا يوجد شيء خطير، سوف أذهب على أية حال”، وذهب دقدق، كان سعيداً جداً باللعب مع الفراشات، ولكن بعد قليل وجد نفسه داخل شبكة صياد، وظل يبكى دقدق كثيراً ولكن لم يسمعه أحد، ثم باع الصياد دقدق لمحل بيع الحيوانات والطيور والأسماك، واشتراه طفل صغير اسمه أدهم، وكان سعيداً به كثيراً، كما وضعه داخل قفص جميل ملون ولكن دقدق كان حزيناً.
بالرغم من أن أدهم كان يحبه كثيراً ويعامله برفق ويقدم له الطعام الشهي، إلا أن دقدق كان حزيناً للغاية؛ لأنه فقد أهم شيء وهو حريته، وافتقد أمه وأباه وإخوته، وقد رأى أدهم حال دقدق وحزنه فقرر أن يعطيه حريته، وفتح باب القفص الملون وتركه يعود للغابة وأمه وأبيه وإخوته، حيث طار دقدق سريعاً إلى دياره وكان سعيداً، فليس هناك قيمة أهم من الحرية.