نتحدث اليوم عن قصة هارون الرشيد ، هو خامس الخلفاء العباسيين وأكثرهم شهرة، أطلق عليه أمير المؤمنين، وجاءت شهرته بسبب شجاعته وقوته، حيث شاهدت البلاد في عصره تطور وتقدم كبير، كما عُرفت في حكمه بأنها من أقوى البلاد، ولكن تعدد الروايات حول قصته؛ حتى كادت أن تتلاشى بين حقيقة الأساطير والخيال، قيل عنه إنه يلهو كثيراً ويلجئ إلى الفسق وشرب الخمور يومياً، ولكن إن نظرنا إلى هذه الأقاويل فنرى إنها ليست منطقية، وأما عن الرواية الأكثر حقيقة هي إنه كان يذهب للحج في عام والأخر كان يغزو فيه، ومن خلال موسوعة علينا أن ننقل لكم الرواية الأكثر حقيقة عن هذا الخليفة.
خاض أولى معاركه في عام 165 هجرياً ضد الروم، وعندما أنتصر؛ عينه والده خليفة ثاني من بعده، حيث تولى الخلافة في عام 170 هجرياً بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وحدث ذلك في عصر الخلافة العباسية.
ولد هارون في مدينة الريّ عام 148 هجرياً، وفي ذلك الوقت والده كان أميراً للريّ،وأمه أم الهادي التي تدعي الخيزران، ترعرع هارون الرشيد في مدينة رغد، والده أهتم بنشأته من ناحية التعليم والتربية على الأخلاق الحسنة، لينشأ نشأة قوية، فتعلم على أيدي أكبر العلماء، وعندما خطى سن البلوغ أرسله والده للحروب ليأخذ خبرات في المعارك.
والده المهدى هو الذي منحه هذا الاسم عندما أرسله إلى أولى معاركه وحقق فيها انتصار قوى مما أثبت قدرته على القتال وهو في عمره الثامن عشر.
أكترث هارون بجميع المجالات التي تساعد البلد على التطور والتقدم، حيث كان مسيطراً على الحكم بشكل قوي، وكان ذلك سبباً في تشهد البلاد في عصره ازدهاراً وتقدم، فقام ببناء المساجد والمباني، بالإضافة إلى حفر الأنهار والترع، كما إنه شارك في بناء مكتبة بيت الحكمة التي تضم أكبر عدد من الكتب حول العالم، إلى جانب إنه كان ينشر العدل بين الناس، ولمساعدة الحجاج فقد أهتم بالطرق التي تؤدي إلي مكة وتوسعتها وعمل على بناء أماكن للراحة أثناء السفر على الطريق، وأعاد بناء البلاد بعد الحرب وعين عليها قادة أقوياء.
خاض هارون الرشيد الكثير من معاركه ضد الروم والتي كانت دائماً تنتهى بفوزه، وفي يوم طلبوا الروم من هارون الرشيد بعقد هدنة، وبالفعل قد وافق وعقدت الهدنة حتى أمسك حكم بلاد الروم حاكم آخر والذي يدعي نقفور والذي قام بفسخ الهدنة وأرسل خطاباً إلي هارون أثار غضبه، فذهب بنفسه في عام 187 هجرياً لمحاربة الروم، فتراجع نقفور وطلب الصلح ودفع غرامة للمسلمين، وبعد ذلك قطع العهد وعندئذ قام هارون بالتوجه إليه لمحاربته وهزمه هزيمة قاسية.
وفي عام 190 هجرياً هجم نقفور على حدود الدولة العباسية فقامت الحرب الكبيرة بين بلاد الروم والمسلمين، أعد هارون الرشيد جيشه وذهب للقتال حيث كان عددهم كبيراً جداً، وحققوا انتصار ثمين على الروم، وبعد ذلك طلب نقفور هدنة للمرة الثالثة؛ ولكن في هذه المرة أعلن استسلامه.
كان يُعاني هارون الرشيد بعد الانتصار على الروم من مرض لا دواء له، وفي عام 193 هجرياً قرر أن يسافر إلى خراسان لينهي وضع الاضطرابات والتمرد ضد الدولة الإسلامية، وهو في طريقه كان يأخذ أنفاسه الأخيرة في حياته، وتوفى قبل أن يصل إلي خراسان.
وبعد قرأة هذه القصة عن هارون الرشيد والتي تكون نبذة مختصرة عنه، نتعلم منها الإصرار على الفوز والانتصار، والعدل بين الناس، وكل ما سبق دليلاً على إن الرواية الآخرى التي قيل فيها إنه يلجئ إلي الخمور والفسق كاذبة، لأنه إن فعل ذلك فلم يجد وقت للغزو والمعارك وتطور البلاد ليجعل بغداد أكثر ازدهاراً في عصره