نقدم لكم اليوم قصة ماء زمزم ، فهي نعمة عظيمة من نعم الله، ودليلاً على قدرته، وإن شربتها بنية ما تُريده فيتحقق لك، لذلك قال رسول الله عنها ( ماء زمزم لمن شرب له)، ويقع بئر ماء زمزم جانب باب بني شيبة، وبينها وبين الحجر الأسود ثمانية عشر متراً، وهو من أهم ما وجد داخل المسجد الحرم، بالإضافة إلي إنه أشهر بئر على الأرض، وهذا البئر منذ أن وجد لم يخلو من الماء بل يُعطينا المزيد، و نسب الأملاح و المعادن به منذ نشأته حتى يومنا هذا كما هي لم تتغير، وهذا يعني إنه الشيء الوحيد الغير قابل للهلاك أو للتعفن، ومن خلال موسوعة سنحكي قصة ماء زمزم.
بدأت قصة ماء زمزم عندما سافر سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ وزجته هاجر وابنهما إسماعيل إلى مكان بالقرب من مكة، وكانت الصحراء لا يوجد فيها شئ يصلح لاستكمال رحلته، فتركهما وذهب، وحاولت هاجر أن توقفه في العديد من المرات ولكنه لا يبالي ولا يستمع لها حتى قالت له إنه أمر من الله، فقال له نعم، ثم ذهبت هي وابنها، وذهب سيدنا إبراهيم عليه السلام.
فلجأ سيدنا إبراهيم إلي الله بالدعاء فقال تعالى: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ)
ومضت ساعات وأشتد الضيق عليهما وبدأ إسماعيل ـ عليه السلام ـ يبكى بشدة، ولا تعلم أمه هاجر ماذا تفعل سوى إنها تصعد الجبل تبحث عن شئ له ولا تجد، حتى سمعت صوتاً حولهم وقد جاء لهم الفرج من الله تعالى بإرسال جبريل عليه السلام حيث ضرب بقدميه في الأرض بقوة فأنشقت منها عين ماء عظيم سُميت زمزم، فشربت هاجر وإسماعيل عليهما السلام، وظل البئر على حالة حتى جاء إلى مكة قبيلة جرهم وقبيلة خزاعة وكان بينهم قتال، حيث انتصرت قبيلة خزاعة وقبل أن يخرجوا دفنوا بئر زمزم في الأرض، وأصبح من الصعب رؤيته حتى عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
قبل دخول الإسلام كان عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة والسلام نائماً ورواده في حلمه أحد يوجه إلى مكان البئر، وطلب منه فتحه، عندما استيقظ من نومه ذهب سريعاً إلى مكان البئر الذي دُل عليه وقيل له المكان عند بالقرب من قرية النمل، هرول إلي هناك بدء في الحفر.
عندما بدء عبد المطلب في الحفر اجتمع حوله أهل قريش كي يمنعوا من أن يُخرب مكان النحر، ولكنه كان عازماً وعنيداً وتأكدوا من إنه لن يتراجع وقبل أن يذهبوا، حفر بعزيمة حتى تدفقت الماء من الحفرة شيئاً فشيئاً، فصاح قائلاً: الله أكبر، فاقتربوا قريش نحوه وطلبوا منه أن يعطيهم نصيباً من هذا البئر الذي وجد فيه غزالتين من الذهب و أسيافاً، فرفض جد الرسول عليه السلام، وبعد ذلك قال لهم إنهم سيضرب عليهم بالقداح وإن كان لهم نصيباً سيأخذون، وعندما ضرب القداح كان نصيبه الأسياف وكان للكعبة الغزالتين، فجعل الغزالتين والأسياف للكعبة، وكان هذا الذهب هو أولى ما يكسو الكعبة، وكان ماء زمزم شراباً للحُجاج.
ذكرت أحاديث عديدة فضل ماء زمزم علينا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم طعم من الطعم وشفاء من السقم)، وهذه الماء مُختلفة عن أي ماء على الأرض، لأنها بها مواد كيميائية تقضى على عمل الجراثيم والبكتيريا، وتعد هذه الماء هدية من الله إلى الحجاج.