نقدم لكم قصة فنية قصيرة عن حب الوطن للأطفال والطلاب، فالقصص الفنية من الوسائل التعليمية التي تعمل على غرس القيم والأخلاق المختلفة في نفوس الطلاب، بعيدًا عن التلقين المعتاد في النواحي التعليمية في العلوم المختلفة، فالاتجاه الحديث في التعليم يعتمد على إثارة مخيلة الأطفال، وتنمية القدرات والمهارات الابتكارية لديهم، وهو الأمر الذي يعمل على تنمية شخصياتهم من الجوانب المختلفة، فيصبحوا أشخاصًا فاعلين في مجتمعاتهم، ومن الموضوعات الهامة التي يجب زرعها في نفوس الطلاب هي حب الوطن، وهو ما نقدمه لكم عبر المقال التالي من موسوعة فتابعوا معنا.
في عطلة نهاية الأسبوع ذهب عبد العزيز مع والديه لزيارة جده العجوز في منزله القديم، كان عبد العزيز يشعر بالسعادة لرؤية جده، فهو يحكي له القصص الجميلة التي يحب الاستماع إليها قبل النوم، ويحب أن ينام بجواره على سريره القديم فهو يجعله يشعر بالأمان والاطمئنان.
في هذا اليوم، وصل عبد العزيز إلى منزل جده، وتناول معه طعام الغداء الذي اشتركت أمه في تجهيزه مع زوجات عمومته، وجده، وبعد الغداء ذهب للعب في الحديقة مع أبناء عمه، حتى نامت الشمس، وجاء موعد حكاية الجد.
تحلّق الأحفاد حول الجد ليحكي لهم الحكاية، وكان بجوار الكرسي الذي يجلس عليه الجد صندوق صغير من الفضة، عليه العديد من النقوش والزخارف الجميلة.
انشغل فِكر عبد العزيز بهذا الصندوق، وما الذي يحتوي عليه، وكيف لم يراه في المرة السابقة التي كان يزور فيها الجد، لم يستطِع عبد العزيز أن يقاوم الفضول الذي يغزو رأسه، وقاطع الجد أثناء قصه للحكاية، وهو ما أثار غضب أبناء عمه، فهدأهم الجد، وقال له:
– اسأل يا عبد العزيز.
– يا جدي، ما هذا الصندوق الذي يقع بجوار مقعدك؟
انتبه أبناء العم للصندوق، وقالوا: صحيح يا جدي، ما هذا الصندوق وكيف لم نراه قبل ذلك!
ابتسم الجد، وقال لهم: هذا هو كنزي الذي حصلت عليه من الحياة.
لمعت فكرة الكنز في عقب عبد العزيز، وظن أن جده يحمل الذهب والمجوهرات في الكنز الذي عثر عليه، وظل يفكر فيه طوال الليل.
في الصباح قام بفتح الصندوق الفضي، ووجد فيه حفنة من التراب، وكتاب صغير قديم.
هنا صاح عبد العزيز:
يا جدي! لقد سُرق كنزك! إن الصندوق لا يوجد فيه سوى التراب.
فابتسم الجد، وربتّ على كتف عبد العزيز، وقال له: يا بني! هذا هو الكنز، فلا يوجد كنز أعظم من تراب الوطن.
يُحكى أن هناك في الصحراء البعيدة، عصفورتين جميلتين، تقفان على شجرةٍ خالية من الأوراق، وتعانيا من الحر الشديد، وقفت العصفورتان تتحدثان مع بعضهما عن قلة الماء، وسخونة الهواء، وقلة الطعام الذي يستطيعان الحصول عليه، وأنهما تشعران بالحر الشديد.
وفي أثناء الحديث، هبت نسمة من الهواء العليل، تحمل معها شيئًا من البرودة التي تجعل الأجواء لطيفة، وهنا فرحت العصفورتين وقالت إحداهما:
– آه، لو تصبح جميع نسمات الهواء عليلة كهذه النسمة، لشعرنا بالسعادة والبهجة.
قالت العصفورة الأخرى:
– نعم، صحيح، إن الهواء البارد العليل من الأشياء الجميلة، يا ليت اللحظات كلها تصبح هذه اللحظة.
سمعت الريح المارة بجوارهم حديث العصفورتين، فتوقفت بجوارهما وقالت لهما:
– إنني سمعت الحديث بينكما وأنا أمر في طريقي، هل تشعران بالرغبة في الاستمتاع بهذا النسيم العليل كل يوم؟
قالت العصفورتان في وقت واحد: نعم! ولكن كيف يحدث ذلك يا أيتها النسمة الجميلة؟
ابتسمت نسمة الهواء وقالت لهما:
تعرفون أنني أسافر كل يوم إلى الكثير من البلدان، أرى البلاد الصحراء، والبلاد التي بها الماء والهواء الرطب، هل تعرفان أنني يمكنني أن أحملكما معًا إلى بلد جميلة بها الماء البارد، والهواء اللطيف، والطعام الجيد، والحبوب اللذيذة التي لن تجدا صعوبة في الحصول عليها.
فكرت العصفورتان في هذه الفكرة، وبعد قليل، قالت إحدى العصفورتين: يا أيتها النسمة الجميلة، إنك كل يوم تسافرين إلى بلد مختلف، لذلك فأنتِ لا تعلمين معنى أن يكون لك أرض تحبينها كل الحب، ولا تستطيعين مغادرتها حتى إلى بلد أجمل منها، نحن نحب وطننا لأنه وطننا، وليس لأنه أجمل الأوطان.
فاندهشت الريح، وقالت: أول مرة أسمع هذا الكلام العجيب. وتركتهما وغادرت إلى بلد أخرى.
تعانقت العصفورتان وقالتا: الحمد لله على نعمة الوطن.
