كان ابن الرومي شاعرً كبيرًا، متنوع الأغراض، فسيح الشعر، ثري الروح، متفرد الصوت الشعري، كانت غايته التفوق الفني، فكان يحاول دائمًا تبوء المكانة اللائقة في عالم الشعر، فكان يبحث باستمرار عن التفرد والتميز والتجدد، فكان بحق علامةً في سماء الشعر، ورافعًا لراية الفن، ولمزيد من التفاصيل عن ابن الرومي تابعونا على موسوعة.
على الرغم من اهمية ابن الرومي، فإنه لم ينل حظه من البحث لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بشخصيته الغريبة الغير محببة معاصريه، فقد كان ناري اللسان، سريع الغضب والانقلاب.
وبعض هذه الأسباب يرجع إلى ظروفه الاجتماعية، قد كان بعيدًا عن بلاط الخلفاء، ويعيش بين عامة الشعب.
وبعضها يعود إلى أن شعره لم يكن على شاكلة أبي تمام أو نقيضه البحتري، فلم يهتم الناس بهذا التيار الثالث في ذلك الوقت.
هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج مولى عبيد الله بن جعفر بن المنصور، يرجع نسبه إلى الروم، وقد أسلم أبوه، وأعطاه العباسيون حريته، وأمه فارسية الأصل.
ولد ابن الرومي في يوم الأربعاء الثاني من رجب 221 هـ في قصر عيسى بن جعفر بن المنصور في بغداد.
مات أبوه وهو صغير، وفي الغالب أنه نشأ في جو من حنان الأم التي كان لها الأثر الكبير في شخصيته، ويبدو أنه كان في شبابه لاهيًا عابثًا؛ نظرًا لحياة الرفاهية التي عاش فيها طفولته المدللة.
وكان الحدث الأكبر في حياته هو وفاة أولاده الثلاثة؛ مما كان له أكبر الأثر عليه وعلى شعره.
وكان له العديد من الأساتذة، وقد كانت بينه وبينهم وغيرهم العديد من العداوات كما كان للمتنبي بعده، وكذلك كان له أصدقاء وتلامذة كثيرون، وكانت بينه وين البحتري منافسة وصدام، كما بين التجديد والمحافظة.
اختلفت الأقوال في ذلك، والراجح أنه توفي 283 هـ ببغداد، وقيل مات بالسم على يد القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد لهجائه إياه.
قال البعض إنه كان يتشيع للطالبيين، وكلن أبو العلاء المعري يقول أنه كان على تشيع الشعراء، أي أنه كان متعاطفًا معهم فحسب.
وذكر البعض أنه كان شيعيًا نشأةً وتطورًا، وأن تشيعه كان سبب عدم مثوله بين يدي الخلفاء، ولكن يبدو أن لك كان بسبب خوفه منهم.
ويرى البعض أنه كان معتزليًا على الرغم من تراجع مذهبهم بعد المتوكل، وكان في شعره ما يدل على ذلك، ويبدو أن اعتزاله كان له أثر كبير في تجديده في شعره لما يعتمد عليه الاعتزال من الفلسفة.
والمهم أن علاقته بالتشيع والفلسفة كان لهم أثر في شعره من قريب أو بعيد.
يبدو أن من أسباب تشاؤم ابن الرومي أنه لم يكن سويًا تمامًا في تكوينه الجسدي، وانه لحقته الشيخوخة مبكرًا كما يذكر العقاد والنقاد، كما أنه أصيب بأمراض كالسكري.
وكان أبرز ما يوصف به التطير، وهو نفسه يعترف بهذه العلة، فكان يتفاءل بكل جميل، ويتشاءم من كل قبيح.
بالإضافة إلى انه كان يودع من بجواره في مراحل حياته، وذلك في أولاده الثلاثة وأخيه الأكبر، فكان الموت دائمًا ماثلًا أمام عينيه.
كان ابن الرومي أحد كبار المجددين في العصر العباسي، وكان شعره مرآةً لعصره، وكان معارضَا للدولة منحازًا إلى الطبقة الفقيرة على غير ما عليه معاصروه.
ففي المديح اتسمت قصيدته بالطول المفرط، وعدم التقيد بالنهج التقليدي، وباللغة الخطابية، وحضور ذاته في القصيدة.
وفي الرثاء اتسمت معانيه بالعقلانية والفنية، وكان سيد الهجاء فقد اتسم بالشعبية والبذاءة المفرطة، والمنطقية واستخدام الرموز الدينية والثقافية.
وكان الغزل عنده حسيًا حينًا، ونفسيًا حينًا آخر، واتصف باتذلل، والمازوشية، والنرجسية، ووصف حالات الحب، وابتكر معانٍ جديدة، ووحد بين المرأة والطبيعة.
وفي وصف الطبيعة صور البعد النفسي لها مشخصًا إياها، وموحدًا بينها وبين المرأة.
ابتكر العديد من الموضوعات كالمناظرات الشعرية، وفن رثاء المدن، والموضوعات الشعبية، وذلك انعكاس لخلفيته السياسية والاجتماعية.
اتسمت معظم قصائده بالوحدة العضوية، وبالطول المسرف، فتجاوزت المائتي بيت أحيانًا، وكان شعره نتاجًا للذات، فاتسمت لغته بالمنطقية، والتكرار، والإسهاب، والسهولة.
كان الخيال عنده فلسفيًا عقليًا أحيانًا، فاتسم بالصورة الفكرية، و التجريدية، والرمزية، والانطباعية، والافتراضية والسريالية.
وكانت موسيقاه صدىً لروحه وحياته المضطربة، فنظم على البحور الطويلة، وأكثر من القوافي الصعبة المهجورة، فكانت الموسيقى عنده مرتبطةً بالموضوع.
كان ذلك حديثنا عن ابن الرومي. تابعونا على موسوعة ليصلكم كل جديد، ودمتم في أمان الله.