تتكون طبقة الدُبال السطحية بالأرض بمجرد الانتهاء من تحلل المواد النباتية والحيوانية بالتربة وصولًا إلى أقصى معدل تحلل يُعرف بنقطة الاستقرار، وتتكون المواد الدُبالية بشكل أساسي من أحماض الهيوميك وأحماض الفولفيك وغيرها من المواد المؤثرة على خصوبة التربة، وعبر موسوعة سوف نستعرض ذلك بشيء من التفصيل مع الإشارة إلى ترتيب الطبقات الأرضية وأنواع التربة.
نطاق التربه الذي يحوي الدبال ومعظم المغذيات
نطاق التربة الذي يحوي الدبال ومعظم المغذيات هو “نطاق التربة السطحية”، حيث تحتوي الطبقة السطحية من التربة على أكبر نسبة من المُغذيات وهي المسؤولة عن إيصال العناصر الغذائية والمعادن اللازمة إلى جميع أجزاء النبات بدايةً من الجذور وحتى الأوراق، وغالبًا ما يُشار إلى الدُبال بالطبقة السطحية من التُربة الحاوية على العديد من المواد العضوية المُتحللة مُكونّة الدبال الغني بالمعادن والعناصر.
ما هو تعريف الدبال
يُعتبر الدبال من أهم المُغذيات الضرورة لحياة ونمو النباتات بدرجة كبيرة، ويُشار إلى الدُبال بالمواد العضوية المُتكونة بالطبقة السطحية من التربة من دون أي إضافات كيميائية وتزداد نسبة الدبال بالتربة الطينية حيث يتسبب الدبال “المواد العضوية” في احتباس الرطوبة فتكون فيها الأراضي أكثر قدرة على الاحتفاظ بالمياه لفترات طويلة مُقارنة بالتربة الرملية مثلًا.
يُمكّن الإشارة إلى آلية تكّون الدبال بمصادر المواد العضوية المُضافة إلى التربة سواء أكانت الأوراق أو الأوراق الدابلة المُتساقطة من الأشجار وخاصةً في فصل الخريف وغيرها من الأعشاب، حيث إنه بمجرد سقوط تلك المواد العضوية على سطح الطبقة السطحية يتم تحللها بواسطة مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة المُفيدة والموجودة طبيعيًا بالتربة مثل البكتيريا النافعة والديدان مكونة “الدبال”.
بالإشارة إلى طبقات التربة من الأعلى إلى الأسفل نجدها تبدأ من الطبقة السطحية (الحاوية على الدبال) يليها نطاق التربة تحت السطحية (الحاوية على الصخور المفتتة)، ثم يأتي بعد ذلك نطاق المنطقة الصلبة (تحتوي على صخور التجوية)، حيث تكون كما يلي:
1- الطبقة السطحية
يبدأ سطح التربة بالطبقة السطحية الخارجية والتي تُعتبر بمثابة حلقة الوصل فيما بين المواد الغذائية والعناصر المعدنية وبين جذور التربة، حيث يتم إيصال تلك المغذيات عبر حبيبات التربة إلى الشعيرات الجذرية بواسطة خواص النقل المختلفة سواء أكانت الانتشار أو بالاسموزية أو بالنقل النشط.
بالإضافة إلى ذلك تُعتبر الطبقة السطحية المسؤولة عن إنبات الجذور نظرًا لارتفاع نسبة الدبال بها، ومن الجدير بالذكر أن لون الطبقة السطحية يختلف من تربة إلى أخرى وفقًا لنوعيها ونسبة تواجد المواد العضوية بها حيث تتخذ اللون البني الداكن أو الأسود كُلما ارتفعت نسبة الدُبال أو المواد العضوية بها.
2- الطبقة تحت السطحية
يُطلق على تلك الطبقة “باطن الأرض” أو “الأفق B” وذلك نظرًا لتواجدها مُباشرةً أسفل الطبقة السطحية، حيث:
تتخذ الطبقة تحت السطحية درجات لونية أفتح من الطبقة السطحية ويرجع ذلك إلى قلة نسبة المواد العضوية “الدبال” الموجودة بها مُقارنة بالطبقة السطحية.
أغلب مكونات الطبقة تحت السطحية تكون من المواد غير العضوية، ذلك بالإضافة إلى تواجد نسب مختلفة من أنواع المعادن القادمة إليها بخواص النقل من قبل الطبقة السطحية.
سمك الطبقة السطحية من التربة أصغر بكثير من سمك الطبقة تحت السطحية ولذا ففي أغلب الأحيان قد يصعب التمييز فيما بينهم مع التطرق لدمجهم أو خلطهم معًا أثناء مُعاملات حرث الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى اختفاء الطبقة السطحية وظهور طبقة واحدة فقط ممزوجة معًا.
3- الطبقة الصلبة
غالبًا ما يُطلق على الطبقة الصلبة اسم “حجر الأساس” حيث تُعتبر أصلب النطاقات المُتواجدة بالتربة، ذلك بالإضافة إلى:
يندر بل يكاد يختفي تواجد أي من المواد العضوية أو المعادن في الطبقة الصخرية.
أغلب مكونات تلك الطبقة يكون من الصخور متعددة الأحجام والحجارة كذلك لذا يُطلق على ذلك النطاق حجر الأساس بتمركزه أسفل الطبقة تحت السطحية أي طبقة “باطن الأرض”.
في بعض الحالات يُشار إلى تلك الطبقة بالنطاق (C).
حجم الحبيبات المنتشرة في تلك الطبقة يكون كبيرًا جدًا مُقارنة بالطبقات السابقة لها.
ما هي أنواع التربة
هناك أنواع متعددة من التربة وعليها يُلاحظ نوعيات وأشكال وألوان مختلفة من الطبقات السطحية على حسب كُل نوع، حيث تتتمثل الأنواع الأساسية للتربة فيما يلي:
التربة الرملية، والتي غالبًا ما تنتج عن التعرض المُباشر لأنواع الصخور الرملية الكبيرة إلى عوامل التعرية وغيرها من المؤثرات، وتُعتبر الأقل قدرة على الاحتفاظ بالماء والمواد الغذائية والمعادن.
التربة الطينية، وتحتوي بشكل أساسي على حبيبات الطين صغيرة القطر بالمقارنة بحبيبات التربة الرملة، وغالبًا ما تنمو فيها جذور النباتات بشكل سليم بها نظرًا لثقلها الشديد وعدم وجود فراغات تسمح بدخول الهواء وتغلغل المغذيات إلى جميع طباقاتها.
التربة الطميية، يشار إليها بتلك التربة ذات الحبيبات الأقل سمكًا من التربة الرملية، وتُعتبر من أجود أنواع التُرب والأراضي الخصبة نظرًا لارتفاع محتواها من المُغذيات والمواد العضوية والمعادن، وغالبًا ما تتواجد بالقرب من الأنهار.
العوامل المؤثرة على تكوين طبقة الدبال
هناك العديد من العوامل والمؤثرات المختلفة التي تتدخل بشكل مُباشر في آلية تكوين الدبال بالطبقة السطحية من الأرض، ومن تلك العوامل يُمكن الإشارة إلى ما يلي:
1- الكائنات الحية الدقيقة
نسبة تواجد الكائنات الحية الدقيقة في التربة تلعب دورًا رئيسًا في نسبة الدبال، ويرجع ذلك إلى:
وجود بعض أنواع البكتيريا المُفيدة في التربة مثل الاكتينومايسيتز وغيرها من أنواع الطحالب والفطريات يتدخل بشكل رئيسي في تحليل المواد العضوية وإنتاج الدبال.
الحيوانات الأرضية الصغيرة وبعض أنواع الحشرات والديدان الأرضية كذلك تدخل بشكل أساسي في التغيرات الحادثة في باطن الأرض.
جراء ذلك يختلف نسبة تكون المواد الدبالية بطبقات الأرض السطحية وفقًا لنسبة وجود الكائنات الحية الدقيقة ودرجة فعاليتها وعددها ونشاطاتها الحادثة بطبقات الأرض.
2- هواء التربة
يُعتبر الهواء من أهم العوامل المؤثرة في آلية تكوين الدبال بالطبقات السطحية من الأرض، حيث:
يُشار إلى هواء التربة بالجزء الغازي المُتواجد بالفراغات والمسافات البينية فيما بين حُببيبات التربة سواء أكان مُتواجد بشكل حُر أو ذائبًا مع الماء.
وعلى الرغم من اعتبار هواء التربة جزءًا في الأساس من الهواء الجوي إلا أنه يحتوي على كميات أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون CO2.
هناك بعض العوامل المؤثرة بخصائص هواء التربة ذاتها مثل درجة تشبع الهواء ببخار الماء إلى جانب نسب تواجد عنصر النيتروجين وعنصر الأوكسجين.
جراء ذلك نجد أن نسبة هواء التربة تلعب دورًا كبير في التغيرات والتفاعلات الأرضية المُكونة المُتسبب عنها تكون الدبال.
3- التغيرات المناخية
الظروف المُناخية المُحيطة بالتربة تُعتبر المُحدد الرئيسي لنسبة تكون الدبال بسلسلة تحلل المواد العضوية وتراكمها، حيث:
تؤثر العوامل الجوية في كمية الدبال المُتكون سواء تلك المُتعلقة بدرجة الحرارة أو نسبة الرطوبة وغيرها من الظروف الجوية.
تتكون أنواع التُرب العضوية بالمناطق التي ينشط فيها خصائص المناخ الأكثر رطوبة وبرودة ويرجع إلى ذلك إلى فعالية تلك الظروف في تثبيط وإيقاف نشاط الكائنات الدقيقة المُحللة مع استمرار ترسّب كميات كافية من المياه والمغذيات لتعزيز نمو الغطاء النباتي.
تشترك العوامل المُناخية مع طبيعية التضاريس المتواجدة في تحديد طبيعية ونوع التربة المُتكونّة.
4- ماء التربة
يُطلق على ماء التربة اسم “محلول التربة” والذي يضم بدوره المحاليل المائية التي تسري بها الغازات أو الأملاح بالتربة، والذي يتحدد بناءً على درجة رطوبة التربة والتركيب المعدني لها ودرجة عمليات الغسيل بالمواسم الزراعية المُتعاقبة، كما يلعب محلول التربة دورًا كبيرًا في نقل المغذيات إلى جميع أجزاء النبات والذي يؤثر بدوره على نشاط ونمو الأحياء الدقيقة بالتربة.
كيفية زيادة نسبة الدبال في التربة
بالإشارة إلى الأهمية الجوهرية لمواد الدبال في تحديد درجة خصوبة الأراضي الزراعية وصلاحيتها للزراعة، وجب الاهتمام بتطبيق المُعاملات المختلفة التي من شأنها تُساهم في ارتفاع معدل تكّون الدبال في التربة، وعليها يُمكن العمل على تطبيق الآتي:
عدم الإفراط في حرث الأرض دون الحاجة إلى ذلك نظرًا لتأثير معاملات الحرث على اختفاء الطبقة السطحية.
العمل على الإقلال من معدلات التسميد الكيميائية التي تضر طبيعية الأرض وتوثر سلبًا على نسبة تواجد الكائنات الحية الدقيقة.
التحّول إلى مصادر التسميد الطبيعية من المواد العضوية وعدم الإفراط في التسميد الأزوتي.
كما وجب عدم الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية التي من شأنها العمل على التخلص من البكتيريا النافعة وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة اللازمة لتكوين الدبال.
الاهتمام بري الأرض على فترات دورية وعدم إغراقها بالماء أو تركها للجفاف الشديد.
تهوية التربة بشكل جيد يسمح بمرور محاليل التربة والمغذيات إلى جميع الطبقات الأرضية.
