يتساءل البعض ممن يريدون التعرف أكثر على الثقافة البدوية لشبه الجزيرة العربية عن قصة من التراث البدوي اسمها قصة العفري وهطيل، و يريدون معرفة قصة العفري وهطيل كاملة، تلك القصة البدوية التي تناقش في طياتها العديد من الأفكار التراثية والمجتمعية التي كانت منتشرة في فترة قديمة نسبياً في تاريخ شبه الجزيرة، وتناقش قصة العفري وهطيل قصة فتاة جميلة تدعى العفري، التي تنافس علي خطبتها رجال القبيلة، والتي تملك منها الحب رغم شجاعتها وقوة شخصيتها، من هطيل ضعيف الشخصية، وتعاهدا على الزواج، وتدور أحداث القصة حول مقاومة هطيل للمشكلات والصعوبات التي تواجه حتى يصل إلى العفري، والذي انتهي بعقد القران بينهما.
تجري أحداث القصة منذ حوالي مائة عام من الزمن ويزيد، والتي تعود لقصة حقيقة تمكن فيها أبطالها الحقيقيين من الانتصار على الافكار والموروثات الاجتماعية والفكرية القديمة في المجتمع القبلي، وسنعرض لكم أحداث تلك القصة فيما يلي
تبدأ أحداث القصة بصدام مع العرف المجتمعي، بفتاة شجاعة صاحبة شخصية قوية ينادونها العفري، كانت العفري لجمالها يأتي إليها أبناء عمومها لجمالها الآخاذ طالبين يدها للزواج، والأمر الذي كان معتاداً في تلك المجتمعات قديماً، في إشارة إلى عادة قبلية هي أن الفتاة لا تتزوج إلا من أبناء عمومها، أو من غريب عنهم بعد أخذ الإذن منهم، وكانت العفري ترفض أبناء عمومتها وشجعان وأبطال وفرسان قبيلتها ممن يريدون الزواج بها، وتبدأ الأحداث في التتابع بعد إعلان هطيل رغبته في الزواج من العفري.
تنتهي القصة بانتصار عظيم لهطيل والفوز بحبيبته العفري وإتمام القران بينهما، ضاربين أروع المثل في التضحية والدفاع عن الحب الحقيقي الذي تولد بينهم، وزادهم حباً كل ما تعرضوا إليه في رحلتهم للدفاع عن حبهم ذاك، واكن أغار على قبيلتهم الشيخ مدياح البرازي المطيري، وتحمس هطيل للدفاع عن أهله وقبيلته ضد المغير مدياح، وقاتل قتال الفرسان وكان بطل القبيلة حتى لقي مصرعه، وعند وصول الخبر للعفري، طلبت من ذويها حفر قبرها بجوار قبر هطيل، ولكي تصل إلى حبيبها الميت قررت أن تنتحر بشرب السم، وانتحرت وتم دفنها بجوار زوجها هطيل.
قصة العفري على واقعيتها، وأنها من أحداث حقيقية، ولكن عند النظر إليها من وجهة نظر نقدية أدبية نرى فيها العديد من القضايا التي تمت الإشارة إليها، ومنها ما يلي
تدور القصة حول قدرة العفري في اختيار شريك حياتها، كم المصاعب التي مر بها هطيل للفوز بها، وعرض لتدخل أبناء العموم والعائلة في تحديد مصير العفري، فلو تم رفض هطيل من أبناء العموم ما استطاع أن يصل إلى حبيبته، حتى بعد موافقتهم، رغبت الأم في مناقشة ابنتها وردها عن هذا الشخص القبيح المذموم، وظلت تسرد وتطيل في عرض مميزات ما تملك العفري من جاه وقوة وشجاعة، مع ذكرها عيوب هطيل، للحد من رغبة ابنتها في الارتباط بهطيل.
فقد وافقت العفري على الزواج بهطيل في بداية الأمر لتحقيق التحول الكامل، وإبراز مدى قدرتها على التأثير بشكل إيجابي قوي على شخصية هطيل بحبه لها، وتحويله إلى ما وصل إليه في النهاية إلى بطل مغوار، مقبل على الحروب بقلب وعزيمة الأسود، الأمر الذي في نهاية الأمر ساهم في رفع شأن هطيل في القبيلة كلها، وصارت العفري شهيدة الحب في ظنها بانتحارها ذاك.
عانت شبه الجزيرة العربية على مدى عصور من القبلية، الذي يبعد عن الحكم الإسلامي العام على شبه الجزيرة، والحجاز، فقد كانت القبائل الأقوى تغير على القبائل الأضعف؛ لأسباب اقتصادية أو سياسية، وكل تلك الحروب أدت في النهاية بوفاة بطل القصة لدينا وهو هطيل، على الرغم من أنه لم يفعل شيئا يستحق هذا المصير إلا رغبته الشديدة في الدفاع عن قبيلته ووطنه وزوجته، وهو حق مشروع لكل إنسان، ولكن الحرب لا تفرق بين أحد ممن فيها،
قصة العفري وهطيل تعد من القصص الرومانسية المليئة بالأحداث المثيرة، ولكن لها حبكة درامية قوية كونها قصة حقيقية، ويتمتع التاريخ الأدبي العالمي بعدة قصص مماثلة لقصة العفري وهطيل، ومن نوعية قصص الحب الخالد، مثال “عنتر وعبلة” و” مجنون ليلى” و” مصرع كليوباترا”و”روميو وجولييت” والكثير الكثير من القصص الرومانسية العالمية.
الأدب البدوي يحتوي على العديد من القصص التي تروي ثقافته وأفكاره، وتناقش العديد من القضايا والمشاكل التي عانى منها المجتمع القبلي والذي مازال يتواجد من تلك المشاكل بعض الظواهر المختلفة ومنها ما يلي.
كانت العفري بطلة القصة من قرية الرديفة، الموجودة حالياً في مدينة دومة الجندل، التي تتبع منطقة الجوف، داخل المملكة العربية السعودية، والعفري هي ابنة مغيرين بن زويمل الشمري، فهي من قبيلة شمر، القبيلة التي كانت أو القبائل التي حائل من نجد، والتي تكونت من عدة قبائل طيء وزوبع وعبدة والأسلم.
تحتوي قصة العفري وهطيل على العديد من العبر والعظات التي جعلها تدرس للأجيال، تلك القصة التي واجهت العادات القديمة بالرغبة والتمسك بالوصول للهدف دون حياد عنه، الأمر الذي أوصل بطلي القصة إلى هدفهما الأصلي، ولكن جاءت النهاية بشكل مأساوي الأمر الذي حث على الاهتمام بالشباب ومحاولة العناية باختياراتهم، بدون تحكم فيهم أو اعتراض لقراراتهم.