هو أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي، هو من مواليد مرو وهي عاصمة دولة خراسان في عام 159 ه وذلك في عهد خلافة المهدي العباسي، ينتمي بن اكثم إلى قبيلة تميم وقد اشتهر وعرف بين الناس بعمله وفضله وقدرته على إدارة الشؤون، فقد كان يصنف أحد أهم فقهاء العصر وقد ولاه المأمون قضاء البصرة في عام 202ه، ثم أصبح بعد ذلك قاضي القضاة في بغداد وقد كان مع تقدمه في علم الفقه وأدب القضاء حسن العشرة وحلو الحديث، لذلك استطاع أن يستولي على قلب المأمون حتى أمر بأن لا يحجب عنه يحيي بن أكثم طوال الوقت، وقد استعان به أيضًا من أجل تدبير المملكة وكان الوزراء لا ينفذون امرأ إلا بعد الرجوع إليه.
صنف بن أكثم بأنه أحد أئمة الاجتهاد وله العديد من التصانيف من بينها كتاب التنبية وقد قال طلحة بن محمد بن جعفر في حقه: “يحيى بن أكثم أحد أعلام الدنيا، ومن قد اشتهر أمره وعرف خبره، ولم يستتر عن الكبير والصغير من الناس فضله وعلمه ورئاسته لأمره، وأمر أهل زمانه من الخلفاء والملوك، واسع العلم بالفقه كثير الأدب، حسن العارضة قائم بكل معضلة”.
قال الخطيب البغدادي: “وكان يحيى سليمًا من البدعة ينتحل مذهب أهل السنة، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: “ذُكر يحيى بن أكثم عند أبي فقال: ما عرفت فيه بدعة، فبلغت يحيى، فقال: صدق أبو عبد الله ما عرفني ببدعة قط”.
وذكر أيضاً الخطيب أن يحيى بن أكثم ولي قضاء البصرة وعمره عشرون سنة ونحوها، واستصغره أهل البصرة، فقالوا: كم سن القاضي؟ فعلم أنه استُصغر، فقال: “أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجه به النبي -صلى الله عليه وسلم- قاضياً على مكة يوم الفتح”.
[٤] “وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي -صلى الله عليه وسلم- قاضياً على أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سور الذي وجه به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قاضياً على أهل البصرة”، فجعل جوابه احتجاجاً.
موقفه مِمَن كان يقول أن القرآن مخلوق كان يحيى يقول: القرآن كلام الله، فمن قال إنه مخلوق يستتاب فإن تاب وإلّا ضربت عنقه”.
موقفه في تحريم زواج المتعة استطاع بذكائه وقوة حجته -رحمه الله- أن يحمل المأمون على تحريم زواج المتعة بعد أن كان مقتنعًا به، حينما أمر المأمون يومًا بإباحة نكاح المتعة، دخل عليه القاضي يحيى بن أكثم مهمومًا مغتمًا، فقال له المأمون: “ما لي أراك متغيرًا؟”، فقال: “هو غم يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام”، قال: “وما حدث فيه؟”، قال: “النداء بتحليل الزنا”.
قال: “الزنا؟”، قال: “نعم المتعة زنا”، قال: “ومن أين قلت هذا؟”، قال: “من كتاب الله وحديث رسوله -صلى الله عليه وسلم-“، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ).
ثم قال: “يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين؟”، قال: “لا”. قال: “فهي الزوجة التي عنى الله -عز وجل- ترث وتورث، ويلحق بها الولد ولها شرائطها؟”، قال: “لا”، قال: “إذن من تجاوز هاتين كان من العادين”.
أخذ عنه جمع غفير من مشاهير علماء الأمة، ومن أبرز تلامذته الذين رووا عنه:
لما مات المأمون وتولى بعده المعتصم الخلافة، عزل يحيى بن أكثم عن القضاء؛ فلزم بيته وآل الأمر إلى المتوكل فرده إلى عمله، ثم عزله سنة (240هـ) وأخذ أمواله؛ فأقام قليلاً وعزم على المجاورة بمكة، فرحل إليها، فبلغه أن المتوكل صفا عليه، فانقلب راجعاً، فلما كان بالربذة (من قرى المدينة)؛ مرض وتوفي فيها.
يقول الذهبي عن ابن أكثم
والوثيقه
أقول: