وُلد سيف الدين بن ممدود بن خوارزم شاه والمُلقب بقطز في عام 1230ميلادياً في بلاد فارس، وبالتحديد في مملكة خوارزم، ولكن بعد سقوط الدولة الخوارزمية تم اختطاف سيف الدين من قبل التتار، ومن ثم نُقل مع باقي الأطفال إلى دمشق، وتم بيعه إلى أحد أثرياء البلاد آنذاك، وبدأ قطز يتنقل من مالك لأخر، حتى تملكه عز الدين أبيك، وهو أحد المماليك الأمراء بمصر.
وقام مُربيه بتربية سيف الدين وتعليمه أصول اللغة العربية، كما جعله يدرس علم الحديث، وحفظ القرآن الكريم فأحسن في تربيته وتعليمه، ومن الجدير بالذكر أن التتار هم من أطلقوا عليه اسم قطز، وذلك لأن قطز في اللغة المغولية يعني الكلب الشرس، ويرجع سبب تسميته بهذا الاسم إلى أنه قد قاوم التتار بشراسة وجرأة عندما قاموا باختطافه في صغره.
كان قطز في شبابه شديد الوسامة، كما كان أشقر الوجه والشعر، وكان عفيف الخلق والمبادئ، فلا ينظر إلى غير محارمه، وقد كتب التاريخ عن بسالته في المعارك وبطولته، فقاد الجيوش بشجاعة، وحقق الكثير من الانتصارات، وألحق الهزيمة بالأعداء، كما كان عابداً لله عز وجل، يواظب على أداء فريضة الصلاة والصيام، وكان يخرج الزكاة، فاشتهر بشجاعة قلبه وبتقواه وإيمانه.
بعد مقتل الملك عز الدين أبيك على يد زوجته شجرة الدر، عُين ابنه السلطان منصور نور الدين حاكماً على مصر، وكان عمره آنذاك لم يتخطى خمسة عشر عاماً، وكان جاهلاً بما يحدث في البلاد، وقد قامت الكثير من الصراعات في مصر بسببه، كما ازداد طمع المماليك في مصر بسبب ضعف حاكمها، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع، وازدياد الفقر، وسوء معيشة أهل البلاد، بالإضافة إلى ضعف القوة السياسية والعسكرية.
فقام سيف الدين قطز بجمع العلماء والأمراء وقادة الجيش وأصحاب الرأي في قلعة السلطان نور الدين، وبين لهم رغبته في تولي حُكم مصر، ووضح لهم أن الهدف من تولي الحكم هو القضاء على المغول، وأعداء البلاد الذين يطمعون بها، وأنه سيقوم بالتنازل عن الحكم فور القضاء على العدو، فاقتنع الأمراء، واتفقوا على تعيين سيف الدين قطز سُلطاناً لمصر، فقام قطز بالقبض على من قاموا بإشعال الفتنة ضده، وقبض على معارضيه، وقام بحبسهم في القلعة، ليستطيع توطيد حكمه في البلاد، ويبدأ في عملية تقوية الجيش.
قامت جيوش التتار بالاستيلاء على العديد من الأراضي الإسلامية، وبدأ خطرهم يدق أبواب الدولة المصرية، فأدرك قطز أن المواجهة مع جيوشهم أصبحت قريبة للغاية، فقام بالعفو عن المماليك البحرية، وكانت للمماليك البحرية قوة كبيرة آنذاك، كما كانت لهم خبرة طويلة في الحروب، فقام بإضافتهم إلى الجيش المصري، الأمر الذي عزز من قوة الجيش.
وقام بتزويد الجيش بالأسلحة والمتطلبات التي يحتاجونها لخوض الحرب، كما باع كل ما يملكه في سبيل مد الجيش باحتياجاته، وخاض قطز حرباً قوية مع التتار في الكثير من المعارك، مثل معركة غزة وعين جالوت التي قضى فيها عليهم، ومن ثم حرر دمشق وحمص وحلب، وامتدت فتوحاته إلى بلاد الشام.
تُوفي السلطان قطز في عام 1260 ميلادياً، وذلك بعد انتهاء معركة عين جالوت مع التتار بخمسين يوماً، فمات في منطقة الصالحية بفلسطين، وقد اختلفت آراء المؤرخين حول حقيقه موته، فقالوا أن من قتله هو الظاهر ركن الدين بيبرس، ولكن لم يتفق المؤرخون على سبب قتل بيبرس لقطز.