يخلط العديد من الأشخاص بين هذه الكلمات، دون علم منهم بأن هناك فرق في المعنى والاستخدام.
ومن يتمعن في قراءة القرآن الكريم، ويتدبر كلام المولى سبحانه يستطيع ملاحظة الفرق واستنتاجه.
أولاً: المقصود بالموت
الموت هو عكس الحياة، وهو أمر اختص به الله ذاته، وهو عبارة عن خروج الروح بأمر من المولى سبحانه، دون عودة، وهو لفظ يُطلق على كل الكائنات الحية، سواء كانت من البشر أو من غير البشر.
أي أن الموت متلق بالروح، ولا يقتصر على الإنسان فقط، بل يشمل كل كائن حي، فنقول مات الزرع، وماتت القطة، ومات الكلب، وهكذا.
ثانياً: معنى الوفاة
الوفاة هي أمر يقتصر استخدامه على البشر، حيث أنهم خلق الله الذي يجري عليه الحساب، ولا يمكن أن يُطلق على أي كائن آخر لا يُحاسب.
والوفاة هي أمر متعلق بالنفس، وليس الروح، فلا يُمكن أن نقول توفى النبات، أو توفى الكلب، وذلك لأنهم لا يملكون نفس بل يملكون روح.
ومن هذا يمكننا القول أن هذا الشخص مات أي خرجت روحه من جسده، فتوقفت أعضاءه، ولم يتمكن جسمه من أداء وظائفه الحيوية.
أما قولنا توفى فلان، فتلك تُعني أنه انقطع عمله، من الدنيا، وتوقف حسابه، ولن تُكتب له أي حسنات أو سيئات بعد ذلك.
وفي هذا جاء قوله عز وجل في سورة آل عمران “فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ”.
ومن هنا يمكننا القول بأن كل موت هو بالتأكيد وفاة، ولكن ليس كل متوفى ميت، فكل من توقف حسابه هو متوفى، كما يحدث في حالة النوم، أو فقدان العقل، وذلك لأنه لا يُحاسب على ما يقوم به في هذه الحالة.
كما نستطيع أن نقول أن المتوفى يمكن أن يعود مرة أخرى للحياة، وذلك عند استيقاظه، أو شفاءه من الجنون أو قصور العقل.
لكن الميت لا يمكن أن يعود مرة أخرى مهما حدث.
ولهذا جاء قوله عز وجل في سورة الزمر “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
فنجد أن الله تعالى ذكر عن الأنفس أنها تتوفى أثناء النوم، ولم يذكر أنها تموت، وهنا نجد الأعجاز القرآني في استخدام المصطلح الأمثل.
ثالثاً: مفهوم القتل
القتل هو القضاء على الأفعال التي يمكن أن يقوم بها الكائن الحي في الدنيا، سواء من وظائف حيوية، أو أعمال الخير أو الشر التي يقوم بها البشر.
ولكن القتل يكون من فعل إنسان وليس من الله سبحانه، فإذا تدبرنا القرآن الكريم، سنجد أن الله تعالى لم يخص ذاته بالقتل في أي موضع من الآيات.
ويمكننا القول بأن القتل هو موت على يد شخص، أي أن المُتسبب به هو إنسان، ولكن الذي أحدث فعل الموت هو الله سبحانه.