من هو المتنبي ؟ حياته ومؤلفاته وصفاته ، الخيل والليل والبيداء تعرفني… والسيف والرمح والقرطاس والقلم، من منا لا يعرف هذا البيت الذي قاله محمد هنيدي في فيلم رمضان مبروك أبو العلمين، ولكن هل نعرف صاحبه؟ وإن كنا نعرف أن صاحبه هو المتنبي فما مقدار معرفتنا عنه؟ ،خلال سطور ذلك المقال على الموسوعة نتعرف أكثر على أعظم شعراء العرب (المتنبي).
المتنبي:
اسمه هو الحبيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفري الكندي الكوفي، واشتهر بالمتنبي، ولد في الكوفة بالعراق عام 915 م وتوفي عام 965 م، كان من أشهر شعراء العصر العباسي، ويعد بالنسبة للكثيرين من أعظم شعراء اللغة العربية، تميزت أشعره بالمعاني المؤثرة العميقة والنمط المنمق.
عرف المتنبي بذلك اللقب لأنه ادعى النبوة، وألف كلام وقرأه على الناس وأخبرهم أنه وحي من عند الله مثل القرآن، ومن هذا الكلام (النجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، وأن الكفار لفي أخطار)، وقام باتباعه العديد من الناس، ومنهم بني كلب، ولكن قام لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيدية قام بالتصدي له، وأمر بأن يسجن لفترة طويلة، ثم استتابه وأطلق سراحه.
كان أبو الطيب المتنبي أعظم شعراء العرب على الإطلاق، وكان يعد أكثرهم تمكن من قواعد اللغة العربية وكيفية استخدام ألفاظها ومفرداتها، كان له مكانة سامية لم تكن لغيره من الشعراء، فكان يعرف بأنه أعجوبة زمانه، ونادرة عصره، وحتى اليوم تظل أشعاره متداولة ومصر إلهام للأدباء وغيره من الشعراء، كان في عصره إحدى مفاخر العرب.
صفات المتنبي:
تميز بحكمته، وكان شعره ذا مضمون كثيف، فالبيت الواحد قد يضم تجارب العديد من الحكماء.
كان والده يعمل حامل في خزانات المياه، وكان يفتخر والده بأن له أصول عربية قديمة ونبيلة، فهم من أصل قبائل كندة، وساعده والده على إتمام تعليمه لما رأى من موهبة موجودة داخل ابنه.
وعام 924 م عندما قام القرامطة بطرد جماعة الشيعة من الكوفة، عاش المتنبي وعائلته بين قبائل البدو عندما التحقوا بهم، وخلال تلك الفترة تعلم المتنبي اللغة العربية وأتقنها وكذلك الأدب، ثم قاد المتنبي ثورة قرمطية عام 932 م في سوريا، مما تسبب له بالسجن لمدة عامين، ثم خرج من السجن وعمل شاعرًا متجولًا.
النهايات
عندما عاد إلى الكوفة أكمل دراسة العر العربي، وتتلمذ على يد مجموعة من شعراء عصره منهم أبو نواس، ابن المعتز، ابن الرومي، وكان مهتم كثيرًا بدراسة شعر أبي تمام والبحتري.
التحق كذلك بالكتاب ليتلقى مزيد من دروس اللغة العربية وأشعارها وأدبها، وظل في الكوفة حتى عام 928 م، ثم رحل خارجها.
عندما أتم الرابعة عشرة انتقل مع والده إلى بغداد وظل بها لمدة عام، وخلالها حضر العديد من جلقات ودروس اللغة والأدب، وتعرف بعمق على الوسط الأدبي، فاحترف نظم الأشعار.
قام بمدح رجال الكوفة وبغداد، ثم رحل إلى الشام برفقة والده، فاختلط مع المزيد من الأعراف وتعلم المزيد عن اللغة والأدب، ومدح أمراء البادية وقبائلها، ثم انتقل إلى حمص، وطرابس، ودمشق، واللاذقية.
أجبر المتنبي عام 957م على ترك سوريا، واتجه إلى مصر وكان يحكمها الإخشيديون، فتعرف على شخص يسمى أبو المسك كافور وكان أثيوبيًا، وعندما أساء إليه في إحدى قصائه هرب المتنبي عام 960م من مصر، ثم استقر بعدها في إيران تحت حماية أمير البلاد عام 965م، وعاد بعد ذلك إلى العراق وقتل بها على إحدى العصابات قريبًا من بغداد.
كان المتنبي قد هجا رجل يدعى ضبة بن يزيد الأسدي، وفي يوم كان عائد المتنبي مع غلامه إلى الكوفة، فلقيه خال ضبة وجماعة من قومه، فتصارعوا مع المتنبي، وعندما أيقن المتنبي بهزيمته وقتله هرب، فذكره غلامه ألست قائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني؟ فتوقف عن الهروب وعاد إليهم ولقي حتفه.
المتنبي وسيف الدولة:
كان المتنبي دائمًا يشعر بالعزة والفخر، وكان النصيب الأكبر في قصائده يستغله لمدح نفسه أكثر من مدح الأمراء والملوك، مما أدى إلى كراهيته في بلاط سيف الدولة الحمداني، فتم زرع الفتنة بين المتنبي وسيف الدولة حتى حدثت فجوة عميقة بينهما ألغت تاريخ الوفاق والود، وبعد مرور عشرة أعوام حينما تعدى ابن خالويه على المتنبي في حضرة سيف الدولة ولم ينتصف له كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير فرحل المتنبي عن سوريا.
تراث المتنبي:
كانت تدور أغلب قصائد المتني حول المدح وخاصة مدح الملوك.
ترك ما يقرب من 326 قصيدة، تعتبر عنوان لسيرته الخاصة، وفيها قام بتصوير وتمثيل الحياة خلال القرن الرابع الهجري.
نظم أول شعر له وهو يبلغ من العمر تسع سنوات والذي مدح فيه سالم شلبي والي مصر في ذلك الوقت، ولذلك عرف باجتهاده وحدة ذكائه، وموهبته الشعرية المبكرة.
ظهرت في أشعاره الافتخار بالنفس، الاعتزاز والمباهاة بالعروبة، والتشاؤم، وكذلك نظم أشعار عن فلسفة الحياة والحكمة والمعارك وتعد أفضلهم.
لا يتكلف أو يتصنع في أشعاره، وجاءت قصيدته الأخيرة وكأنه يودع الحياة وقال :أبلى الهوى بدني.
من أغراض شعره المدح، ومنها ما مدح به سيف الدولة الحمداني حين قال: على قدر أهل العزم تأتي العزائم… وتأتي على قدر الكرام المكارم.
استخدم الوصف في أشعاره ومنها: ملاعب جنة لو سار فيها سليمان لسار بترجمان.
استخدم العتاب حينما عاتب سيف الدولة الحمداني وقال: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي… وأسمعت كلماتي من به صمم.
من أشعار المتنبي:
أردت من زمني ذا أن يبلغني… ما ليس يبلغ من نفسه الزمن… ما كل ما يمنى المرء يدركه… تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
وإذا أتتك مذمتي من ناقص… فهي شهادة بأني كامل.
إذا غامرت في شرف مروم… فلا تقنع بما دون النجوم… فطعم الموت في أمر صغير… كطعم الموت في أمر عظيم… يرى الجبناء أن العجز قتل… وتلك خديعة الطبع اللئيم.
أرى كلنا يبغي لنفسه حريصًا علىها مستهامًا بها صبا… فحب الجبان النفس أورده البقا وحب الشجاع الحرب أورده الحرب… ويختلف الزرقان والفعل واحد إلى أن ترى إحسان هذا لذا ذنبا.
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه… ولكن من يبصر جفونك يعشق.