أفضل معلمٍ للإنسان عبر تاريخ البشرية هو الكتب؛ لذا تقدم الموسوعة مقالًا عن فوائد الكتب الورقية ؛ فالكتب لابد وأن يكون صديق الإنسان الوفي الذي لا يتخلى عنه في جميع أوقاته؛ لأن الكتب تُكسِب الإنسان كثيرًا من المهارات التي لا يستطيع أن يكتسبها من غيره؛ فالكتب على اختلاف أنواعها وتخصصاتها؛ تُوسع أُفق الإنسان، وتُوسع مداركها، وتجعله يُفكِّر بطريقةٍ أكثر فاعليةً، ولقد فضل الله عز وجل الإنسان عن غيره من الحيوانات بنعمة العقل؛ فلا بد من استغلال هذه النعمة المُهداة من الله جل شأنه أحسن استغلال؛ لأن العقل أمانةٌ من الله لك أيها الإنسان، أتُريد أن تخون أمانة الله لك أيها الإنسان! فهيا معًا نتعرف على فوائد الكتب.
الكُتب لها فوائد كثيرة، ولعل من أبرز تلك الفوائد:
الكتب تُكون للإنسان ثروةً لغويةً كبيرةً؛ فهي تحتوي عدد كلماتٍ كبيرٍ، وقد لا تعرف منه إلا بعض الكلمات القليلة، فلكي تعرف ما يدور حوله هذا الكتب؛ ستلجأ إلى البحث عن هذه الكلمات التي لا تعرفها، وبالتالي ستُكون ثروةً لغويةً ليست عند غيرك، ولذلك قالوا قديمًا: كلّ إناءٍ كلما أفرغت فيه ضاق إلا العقل؛ كلما أفرغت فيه اتَّسع؛ فأي إناءٍ له مساحةٍ معينةٍ؛ لن تستطيع أي شيء يزيد عن تلك المساحة؛ إلا العقل ؛ فالعقل لا حدود لمساحته؛ فإن يتّسع باتساع ما يوضع فيه، وكأنه يتمدد للاستجابةِ مع المعلومات التي توضع فيه.
وكذلك العرض المتناقض التي تعرضه بعض الكتب الأدبية أو الفكرية؛ ستُمكن الشخص من أن يتسم بصدرٍ رحبٍ؛ يتعامل مع المواقف أفضل، وستمكنه أيضًا من أن يتقبل الآراء المختلفة؛ وإن كانت تلك الآراء تتعارض مع آرائه الشخصية التي يُؤمن بها؛ ورحم الله الشافعي إذ يقول: رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأي غير خطأ يحتمل الصواب؛ فهذه كان سمة العلماء قديمًا؛ فلا بد أن نتحلى بتلك الصفات في زماننا هذا.
ولا بُد لعقل الإنسان ألا يكتفي بمجرد التحصيل فقط، أن يقرأ لمجرد القراءة، وإنما يجب عليه أن يُنتج من الفكرِ الذي قرأه فكرًا آخر؛ حتى يُصبح عقله نشطًا ليست وظيفته الاستقبال فقط، بل الاستقبال الذي يجعله على أن يكتب هو بعقله وفكره.
فالإنسان حينما يقرأ قصةً أو رواية، أو حتى كتابًا أدبيًّا؛ يُكون صورة هذه القصة أو الكتاب في خياله؛ ثم بعد ذلك تكون هذه الصورة الخيالية صورة حيةٌ، وكانه يعيشها؛ فلذا قال البعض: الرواية أفضل من الفيلم؛ لأنك عند قراءة الرواية أنت من تصنع الصورة الحية لتلك الرواية؛ بعدما كانت صورةً خياليةً؛ أما الفيلم؛ فأنت مجرد مشاهدٍ للصورة التي كوّنها المُخرج، لا دخل لك بتكوين تلك الصورة.
فإذا كنت تحب كاتبًا من الكتاب وتُريد أن تُقابله، ولكن هذا الكاتب قد مات؛ فلا تقلق يُمكنك مقابلته من خلال قراءة كتبه؛ فكل كتابٍ من كُتبه يحمل شخصية هذا الكاتب؛ ومن خلال الخيال تستطيع أن تتعرف على انطباعات الكاتب وإحساسه حينما كتب هذا الكتاب؛ ولذا قالوا: إذا أردت أن تعرف شخصًا؛ فاقرأ ما كتب.
فالكتب ما هي إلا خلاصة تجارب الكتاب؛ كل كاتبٍ مر بمرحلةٍ من مراحل حياته؛ يصفها في كتابٍ من كتبه؛ ولذا من خلال الكتب يمكن التعرف على التجارب المختلفة للكتاب، واكتساب الخبرات من تلك التجارب.
فالكتب هي باب العلم، وباب العلم لا يُفتح إلا لشخصٍ شرح الله عز وجل صدره للعلم؛ والعلم يُعد عبادةً لله عزز وجل؛ لأن بالعلم تعرف الله جل شأنه حق المعرف، وتعرف رسوله-صلى الله عليه وسلم-، وتستطيع أن تُفرق بين ما أحل الله وما حرم؛ كذلك العلم يدعوا إلى عمارة الأرض، وإقامة السلام الدائم بين جميع أفراد المجتمع؛ وتستطيع أن تفصل الخير عن الشر، وتتبع الخير وتجتنب الشر، كما أنه سببٌ في اكتساب الأخلاق الحميدة، والصفات التي تجعل المجتمع يعيش حياةً مليئةً بالمحبة، والأُلفة، والاحترام.