خطبة عن ايام الصبر تساعد المؤمنين على التمسك به، فالصبر هو حبس النفس عن الشكوى على البلوى و عدم السخط والجزع أو السأم والضيق مما كتبه الله لنا،فالصابر أجره الجنه في الآخر والنعيم و الرغد في الحياة، فالعبد الصبور خير عند الله من العبد اليؤوس الذي لا يتحمل المصائب والشدائد،و قد حثنا الله تعالى على الصبر في آياته في سورة الأحقاف في الآية 35 “اصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل”، صدق الله لذلك و مع احتياجنا الشديد إلى الصبر تقدم لكم موسوعة خطبه عن أيام الصبر، تابعونا.
بسم الله والحمد لله ولا إله إلا الله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد آخر المرسلين، الحمد لله الذي هدانا و خلقنا على هذا الدين، نحمد الله ونستعينه ونشكره، خطبتنا اليوم عن الصبر وما أحوجنا إلى الصبر في يومنا هذا، فمعظمنا قليل الصبر ملول جزوع لا يتحمل مرور الريح بجانبه أو كلمة من والده والدته فيبدأ في الصراخ والتململ و رفع صوته عالياً متذمرا، واصبح الكثير منا يهمل عمله ولا يصبر عليه ويترك الطالب دروسه متذرعه بحجة الملل وان المواد أصبحت كثيرة وغير مسلية، وكم منا يترك الصلاة و عن أدائها فهذا قله صبر، وانهارت الأسر وسار الطلاق عاده في الزواج بسبب قله الصبر وعدم الاستعانة بالله في قضاء حوائجنا.
أيها الناس سأقص عليكم النبي الصابر العابد أيوب عليه السلام الذي صبر على الأمور التي لا يطيقها أحد ولا يتحملها مخلوق ولم يشتكي، فقد كان أيوب صاحب جاه ومال وزوجات عديدة و أبناء وسيد قومه ولكن ما إن أصبح نبي فقد كل ذلك فلم يجد حوله إلا زوجه واحده وابتلي بمرض معدي وهجره الجميع، وأخرجة قومة من البلدة خشية من أن ينتقل إليهم المرض، فيعيش في خيمة في الصحراء بعيداً عن الجميع وتبكيه زوجته ولكنه يحتسب عند الله وقد جاء في القرآن الكريم في سورة الأنبياء 83 ” وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”، وقد دعا سيدنا أيوب الله لكي يكشف عنه المرض والحزن والألم فكان باكياً راضياً صابراً فاستجاب الله لدعوته وجاء في سورة الأنبياء في الآية التي تلت الآية السابقة “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ”.
المؤمنين التائبين الراكعين المتصدقين الذي يؤمنون بالقدر خيره وشره، يكرمهم الله بالجنة ويخفف من ذنوبهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه”، كما ترفع من درجاته عند الله و تساعده على التقرب من الناس الصالحين والأتقياء، و كما يرزق الله الإنسان الصبور الأخلاق العالية والرفيعة، وتبلغ أهمية الصبر ذروتها عند تعرض الإنسان للابتلاء والمرض، فحين يضرب مثلاً الطاعون البلاد قد يرحل الكثير منا دون التمهل والصبر والاحتساب و لكن جاء عَنْ عائشَةَ رضيَ اللَّهُ عنها أنَهَا سَأَلَتْ رسولَ اللَّه ﷺ عَن الطَّاعونِ، فَأَخبَرَهَا أَنَهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى منْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ تعالَى رحْمةً للْمُؤْمنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُون فَيَمْكُثُ في بلَدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيد رواه البخاري.
وإلى هنا أحبابي في الله انتهت خطبتنا، فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم وقوموا واعتدلوا و أعلموا أنكم واقفين بين يدي الله …الله أكبر.
انتهت خطبتنا التي ذكرتنا بصبر سيدنا أيوب وناقشت العديد من القضايا التي لا نصبر عليها في حياتنا هذه الأيام، لعلها تذَكره تساعدنا في الصبر على أحوالنا.