الرشد موسى في سورة الكهف ، من السور التي حتماً وبكل تأكيد تمهلت في إمعان التفكر بها، فبها تتعلم أن المحنة قد تضم في داخلها منحة جيدة، ولكنك تجهل ذلك لقِصر فكرك، أما المولى عز وجل فهو القدير الذي يُصرف الأمور وفق قدرته بما يتناسب مع أفضل تدبير لحياة الإنسان، فهيا بنا الآن نأخذكم في دراسة جديدة عن تلك السورة، معتمدة على أساس الرشد، من خلال مقال اليوم في موسوعة.
جاء ذكر كلمة الرُشد في القرآن الكريم وتحديداً في سورة الكهف بعدة مواضع مختلفة، نذكرها لكم فيما يلي:
لأننا اعتدنا على أن بلاغة القرآن الكريم لابد من التمعن بها من أجل تدبر حكمة الخالق سبحانه في هذا الأمر، فإنه من المؤكد أن يكون هذا التكرار يحمل رسالة لقارئيه.
فالرشد في تلك الآيات السابقة معناه صلاح الحال، والوصول إلى الصواب، ورُبما يكون معناه الاتصاف بالحكمة وسداد الرأي. وبكل تأكيد هو عكس الضلال.
هؤلاء الفتية الذين توجهوا إلى الله بالدعاء، مُخلصين منيبين يطلبون منه أن يمنحهم التوفيق والسداد.
سرعان ما استجاب الله لهم، لأنهم اخلصوا النية لله عز وجل، وتوجهوا إلى الخالق سبحانه، مما جعل منهم نموذج يذكره الكثير من المسلمين ليضربون به المثل على المعجزات.
فطلبوا من القدير أن يلهمهم الرشاد، وذلك لأن الرُشد من الله وحده، ومن يُرشده إلى الحق لا يضل من بعده أبداً.
وفي الموضع الثاني، نجد أن الله تعالى يُخبرنا بأن الرُشد يُمنح لمن يُراعي المولى، ويتوجه إليه، أما أهل الضلال فيتركهم الله بلا ولي ولا مرشد.
في الموضع الثالث من المواضع المذكورة أعلاه، نجد نبي الله موسى عليه السلام وهو يتطلب من الخضر أن يتبعه في رحلته، من أجل أن يتعلم منه، وجاء لفظ “أتبعك” بدلاً من “أرافقك”، كدلالة على أدب نبي الله موسى مع الخضر، الذي يُشبه تماماً أدب التلميذ مع معلمه.
وكانت الغاية من تلك التبعية هي الوصول للرشاد. فهناك من يطلب العلم من أجل أن يحصل على شهرة واسعة، أو ينال المال الوفير، إلا أن نبي الله موسى كانت غايته الأساسية هي الرُشد.
وبالانتقال إلى الموضع الرابع، نجد أن الله تعالى يبعث لنا رسالة هامة تُخبرنا بأنه على كل مسلم أن يتوجه إلى المولى، ويطلب منه الرشاد، لنعلم جميعاً أهمية تلك الدعوة في الوصول إلى الحق والصواب.
فمهما بلغت مكانة الإنسان، فهو حتماً يحتاج إلى الكثير من الرشد من أجل أن يصل إلى الحقيقة، حتى الأنبياء بكل ما أوتوا من العلم لا يزالوا بحاجة إلى التوجه بالدعاء إلى الله تعالى ليمنحهم الرشاد.
وتجدر بنا الإشارة إلى أن الرشد في سورة الكهف لم يقتصر على تلك المواضع السابق ذكرها فقط، بل هو محور أساسي دارت عليه فكرة السورة الأساسية.
فقصة أهل الكهف، وكذلك أصحاب الجنتين، وما قام به الخضر، وذو القرنين، كل تلك الأفعال والقصص، كان الرُشد هو أساسها.