قد يتزامن سفر من اعتاد صيام يوم عاشوراء مع هذا اليوم، فيرغب في معرفة حكم صيامه في سفره، وهل يجب عليه ذلك أم لا.
وقد أجمع العلماء على أنه لا يجب على المسافر صيام يوم عاشوراء لعدة أسباب، أولها أن صيام هذا اليوم سُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فرض، وبالتالي لا يجب صيامه سواء في الأيام العادية أو في السفر.
والسبب الثاني أن الله عز وجل منح للمسافر رخصة الإفطار حتى وإن كان في رمضان، فقد جاء في قوله تعالى في سورة البقرة: ” فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”.
وقد وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي كلهم عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال:”ليس من البر الصيام في السفر”.
سبب صيام عاشوراء
يصوم المسلمون يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم، لأن في هذا اليوم نجا سيدنا موسى عليه السلام وقومه الذين آمنوا بدعوته من فرعون وجنوده.
فقد جاء في قول الله عز وجل في سورة الشعراء: “فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ”.
فعندما هم موسى وقومه بالذهاب بعيدًا عن بطش فرعون وجنوده؛ لاحقه الأخير حتى وصل إلى البحر، وهنا أمر الله عز وجل موسى باستخدام عصاه في ضرب البحر، فانفلق البحر نصفين، واستطاع موسى وقومه المرور، وعندما لاحقه فرعون وجنوده أغرقهم الله تعالى وانتقم منهم.
ولهذا يصوم المسلمون اليوم العاشر من شهر محرم في كل سنة هجرية، فقد قال ابن قدامة رحمه الله: عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ . وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنِ ; لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ , قَالَ : { أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ الْعَاشِرِ مِنْ الْمُحَرَّمِ } . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
أما عن السبب الذي جعل المسلمون يصومون هذا اليوم؛ فهو أنه سُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث صامه وأمر الصحابة بصيامه.
فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قدم النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى – عند مسلم شكراً – فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه”.
هل يصح صيام يوم عاشوراء وحده
لم يتفق أهل العلم على إفراد يوم عاشوراء بالصيام.
فهناك من يرى أنه من الأفضل عدم إفراده بالصيام، حتى لا يتشبه المسلمون باليهود.
فقد وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّهُ قَالَ : التَّاسِعُ وَرُوِيَ { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ التَّاسِعَ } . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ . وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ , أَنَّهُ قَالَ : “صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ”.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية، أنه لا حرج من إفراد يوم عاشوراء بالصيام.
فضل صيام عاشوراء
من فضائل صوم يوم عاشوراء ما يلي:
هو من أسباب تكفير ذنوب السنة الماضية، فقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ” رواه مسلم، فمن أعظم النعم التي أنعم بها الله على عباده، هو أنه منحهم فرصة تكفير ذنوب السنة الماضية من الصغائر بصيام يوم عرفة.
حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على صيام يوم عاشوراء، حتى ينال ثوابه، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ . ” رواه البخاري.
في صيام يوم عاشوراء السير على نهج الصحابة رضوان الله عليهم، فقد ورد عن الربيع بنت عفراء -رضي الله عنها- أنّها قالت: “أَرْسَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ، الَّتي حَوْلَ المَدِينَةِ: مَن كانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَن كانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ. فَكُنَّا، بَعْدَ ذلكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ منهمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إلى المَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إيَّاهُ عِنْدَ الإفْطَارِ”.
يُسن الصيام في شهر محرم، وهو الصيام الأفضل بعد صيام شهر رمضان، فقد رُوي أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (وأفضلُ الصيامِ، بعد شهرِ رمضانَ، صيامُ شهرِ اللهِ المُحرَّمِ).
متى صيام عاشوراء 2022
من المقرر أن يكون يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر محرم 1444، هو الموافق يوم الإثنين 8 أغسطس 2022.