يعد عقوق الوالدين من أهم الكبائر وهو بعد الشرك بالله وهذا يعد تعظيما من رب العالمين لقدر الوالدين بعد الكثير من التعب والمشقة في تربية الأبناء فهذا التقدير هدية رب العالمين للوالدين والمؤسف في هذا الأمر بعد تقدير رب العالمين لهما يعوقهما الأبناء بمنتهى الجحود ونكران الجميل لهذا كان عقوق الوالدين ثاني الكبائر التي لا يقبلها رب العالمين فهذا غضب من الله في الدنيا والأخرة.
وجدير بالذكر أن الله سبحانه وتعالى قد حث على طاعة الوالدين والاحسان إليهم في سورة الاسراء، ويعد معنى العقوق هو عدم برهما وعدم طاعتهم ومن المؤكد أن هذا الأمر يسبب لهم الكثير من المشكلات النفسية التي تفسد عليهم حياتهم ولكن لابد أن نعلم أن هذا الأمر يحدث نتيجة لأسباب لها أكبر تأثير على هذا الرد العنيف من الأبناء تجاه الوالدين.
لم يكن عقوق الوالدين أبداً على مر الأزمان والعصور سبيلاً إلا لكل خزي وخسارة عظيمة، ولعل في كنعان بن نبي الله نوح- عليه السلام- خير دليل، ذلك الفتى الذي على الرغم من أنه يرى بوادر الفيضان الذي حذر منه أباه نوح- عليه السلام- إلا أنه قرر أن يكفر بما جاء به والده، ويرفض حتى النصيحة بركوب سفينة النجاة الوحيدة على الأرض مع والده، لمجرد الغرور والعظمة، وكونه كان يظن أنه عندما يمكث في مكان مرتفع عن الأرض فوق قمة جبل مثلاً سينجى من كل ذلك، ولكن هيهات، فبسبب كل ما فعله من عقوق لوالده كانت نتيجته غرقه مع الكافرين، وتلك القصة ذكرت كاملة في القرآن الكريم، وكان ذلك في قوله- تعالى-:
(۞ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43))
سورة هود، الآيات 41: 43
فعقوق الوالدين، وعدم الانصياع إلى أوامرهما أوسع طريق للهلاك دائماً، وقد جعل الله للوالدين مكانة عظمية في مختلف الأديان، حتى الدين الإسلامي، والذي جعل الله- سبحانه وتعالى- للوالدين حق الطاعة والبر، حتى وإن كانا كافرين! أتصدق ذلك؟ عليك أن تطع والديك حتى ولو كانا كافرين وأنت مسلم، ما داما لم يأمرانك بشيء قد حرمه الله، وحتى وإن أمروك بشيء من ذلك القبيل ليس عليك منهم إلا اللين والرفق والبر، وذلك كما ذكر الله- تبارك وتعالى- في القرآن الكريم:
(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
سورة لقمان الآية: 15
وقد جعل الله من بر الوالدين هو أمراً تابعاً لطاعة الله- تبارك وتعالى-، فقد جاء بالأمر ببر الوالدين بعد عبادة الله، وكأن من أولى صور طاعة الله هي بر الوالدين، وأبهى صور عصيان الله هي عقوق الوالدين، فقد قال الله- جل جلاله- في القرآن الكريم:
(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
سورة الإسراء الآية: 23
وعقوق الوالدين ليس له شكل محدد، ولكن يتم تعريفه على أنه كل ما يتسبب لأي من الأبوين بأي أذى، سواء أذى نفسي أو جسدي، ولعل صور الأذى كثيرة، ولكن المولى- تبارك وتعالى- في القرآن الكريم نهى حتى عن التفوه بكلمات تشير على الضيق أو الضجر لأي منهمها، والتي من أشهرها كلمة “أف”، وقد جاءت صريحة بالمنع عن ذكرها لأي منهما في القرآن الكريم، وذلك في قوله- تبارك وتعالى-:
(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
سورة الإسراء، الآية 23
توجد مجموعة من الأسباب التي من شأنها أن تتسبب في عقوق الوالدين، والتي من بينها ما يلي.
ونظرا لتلك العوامل يكون الأبناء غير صالحين مطلقا لتحمل الوالدين في كبرهما وهنا يبدأ العقوق الذي يفسد حياة الأبناء والأباء ويجعل الأجيال بعد ذلك يتوارثوا الجفاء والمعاملة السيئة لهذا لابد من احياء أخلاقيات ديننا الحنيف لنربي جيل يقدر حق الوالدين وكيفية التعامل معهم ليكونوا قدوة لأبنائهم بعد ذلك، ولابد من تأكيد فكرة هامة للأبناء في التربية أن عقوق الوالدين من الذنوب التي لابد أن يكون عقابها من رب العالمين في الدنيا قبل الأخرة كما يقال (كما تدين تدان) فهي قاعدة يضعها الخالق ليذوق من عاق والديه نفس المرارة والألم الذي تسبب فيهما من قبل، وبهذا نجعلهم يفكرون كثيرا قبل فعل هذا الذنب خوفا من العقاب في الدنيا والأخرة.
مع ظروف الحياة التي نراها الآن من التفكك الأسري نجد انخراط الوالدين في مشاكلهما الخاصة وهذا يؤثر على تربية الأبناء لأننا قدوة لهم ومن الطبيعي أن يفعلوا ما نفعل وعلى هذا لابد أن نضع أولادنا نصب أعيننا لأنهم بالفعل يفعلون مانفعل، فالقدوة هامة لهم ولا ننسى امر غاية في الأهمية أن إذا أطعما الوالدين أبنائهما من مال حرام فليتوقعوا منهم كل الشرور وأولها العقوق فلابد أن نتقي الله فيهم ليكونوا نبتا حسنا فيكونوا صالحين يخافون الله ويجتنبون ما نهانا الله عنه.
حتى تتمكن من الإجابة عن هذا السؤال، فكل ما عليك فعله هو أن تقوم بالاستفادة من بعض النصائح، والتي من بينها ما يلي.
تعد تلك الأمور هامة لنصنع جيل يتقي الله ويسير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا نكون حاربنا هذا الذنب وقمنا بحماية أبنائنا منه ومن عقابه في الدنيا والأخرة، فنحن نجني ما نزرع في أبنائنا فمن الضروري أن نهتم بكل قول وفعل، فاذا نال الطفل الحب والرعاية والاهتمام هنا ينمو انسان ذو خلق كريم مع والديه ومع من حوله ثم ينشأ أولاده كما كانت نشأته ولكن يتعرض الكثيرين لضغط نفسي أو مشكلات حياتيه ولكن يغلب على كل تلك الأمور ما تربوا ونشأوا عليه فيكون الفعل على أفضل ما يكون ويكون أيضا في طاعة الله.
يعد عقوق الوالدين هو كل فعل أو قل يؤدي إلى التسبب في أذى للوالدين من ولدهما، والذي يظهر في كل الأفعال التي تتسبب لهم الأذى، بداية من رفع الصوت عليهم، وحتى الهجران والضرب، فأي إيذاء من قبل الأبناء لأي من الوالدين هو عقوق.
تعد عقوبة عقوق الوالدين من العقوبات التي جاءت صريحة في الإسلام، والتي تؤدي إلى دخول النار، فالعاق يحرم من دخول الجنة أبداً.