نوضح في هذا المقال ماذا كانت مهنة نبي الله ادريس عليه السلام، قال الله تعالى في سورة النساء: “رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ ومُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ”، فلقد أرسل الله عز وجل الأنبياء لدعوة الناس لعبادة الله الواحد الأحد دون شريك له، وحتى يقيموا عليهم الحجة فلا يكون لهم عذرًا في عدم الإيمان به، فضلًا عن توجيه وإرشاد الناس لما فيه صلاحهم والخير لهم في الدنيا والآخرة، ولإثبات صدق الأنبياء في دعواتهم؛ فقد أيدهم الله تبارك وتعالى بالآيات المبينات، والتي لا تدع مجالًا للشك في صدق دعواتهم، ويُعد النبي إدريس عليه السلام من الأنبياء الذين أثنى الله عليهم في كتابه العزيز في سورة مريم: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا”، وفي السطور التالية على موسوعة نوضح ماذا كان يعمل إدريس عليه السلام.
مهنة نبي الله ادريس
جعل الله سبحانه وتعالى لكل نبي من الأنبياء مهنة يكسب منها قوت يومه، وتعددت تلك المهن ما بين رعي الأغنام والزراعة والنجارة والنجارة والحدادة والخياطة.
وفي مهن الأنبياء رسالة هامة وهي ضرورة وجود وسيلة للسعي والحصول على الرزق وكسب قوت اليوم، وحتى يقتدي الناس بالأنبياء، ويتعلمون منهم أن السعي ضروري لنيل الرزق الذي كتبه الله لعباده.
ولقد عمل سيدنا إدريس عليه السلام بمهنة الخياطة، وكان أول من يعمل في تلك المهنة، لأنه قبل ذلك كان الناس يرتدون ملابس من الجلود.
وكان سيدنا إدريس عليه السلام يسبح الله عز وجل كلما قام بغرز الإبرة في الثوب، وكان يستخدم الصوف في صناعة الملابس، حيث يقوم بغزله ثم يخيطه بالإبرة.
ولقد انتشرت مهنة الخياطة بفضله عليه السلام؛ وذلك بسبب حرصه على تعليم الناس أصول المهنة.
قصة إدريس عليه السلام مختصرة
حسب ابن إسحاق والعديد من أئمة النسب، فإن الاسم الكامل للنبي إدريس عليه السلام هو: إدريس بْنُ بَرْدَ بْنِ مُهَلْيِلِ بْنِ قَنِينَ بْنِ يَانِشَ بْنِ شيث بن آدم عليهم السَّلَامُ، ولقد عُرف في الكتب القديمة باسم إخنوخ.
وُلد سيدنا إدريس عليه السلام في المدينة العراقية بابل، وقِيل أنه وُلد في مصر، واستلهم العديد من السنن من سيدنا آدم عليه السلام، ثم انتقل إلى مصر حتى يدعو الناس لعبادة الله وحده، مثل الأنبياء الذين سبقوه.
ولم يُذكر بالتحديد الزمن الذي بعث الله فيه سيدنا إدريس، فمن العلماء من قال أنه جاء بعد سيدنا آدم وقبل سيدنا نوح عليهما السلام، ومنهم من قال أنه جاء بعد سيدنا نوح عليه السلام.
سُمي بإدريس بسبب كثرة دراسته وقراءته للصحف التي أُنزلت على سيدنا آدم وسيدنا شيت عليهما السلام.
تعلم سيدنا إدريس عليه السلام الكثير في بلده العراق، وهو سبب تسميته بأبي الحضارتين، فقد عاصر الحضارة البابلية والحضارة المصرية.
يعود الفضل إلى إدريس عليه السلام في استخدام القلم واختراع أدوات الكتابة ومعرفة قومه بها، وهناك الكثير من العلوم التي حرص عليه السلام على تعلمها، مثل الحساب وعلم الفلك وحركة الكواكب والنجوم، وبراعته في الكيمياء والطب، فضلًا عن اللغات العديدة التي كان يتحدث بها للناس والتي بلغ عددها 72 لغة.
عُرف عن سيدنا إدريس صدقه وأمانته، فقد وصفه الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة مريم: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا”.
قال الله عز وجل عن سيدنا إدريس في سورة مريم: “وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا”، وقد جاء في تفسير تلك الآية أن الله رفع سيدنا إدريس عليه السلام في السماء الرابعة وفيها قبض ملك الموت روحه.
وهناك من العلماء من فسر تلك الآية بأن الله منح نبيه إدريس عليه السلام النبوة والعلم حتى يرفع من شأنه، فكانت مكانته عظيمة.
صفات سيدنا إدريس
هناك العديد من الصفات التي ميزت سيدنا إدريس عليه السلام وهي:
كان عليه السلام مخلصًا وصادقًا، وهو ما جعل الله عز وجل يحمله الرسالة ويرزقه النبوة.
ذكر الله تعالى سيدنا إدريس بأنه من ذرية سيدنا آدم الذين رزقهم الله الهداية، فقد قال عز وجل في سورة مريم: “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا”.
كان صابرًا قوي الإيمان مجاهدًا في سبيل الله، فقد قال الله عنه في سورة الأنبياء: “وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ”، تلك الصفات جعلته صالحًا لحمل رسالة هداية العاصيين والضالين من قومه.
كان يعبد الله حُسن العبادة، مسلمًا له في جميع أموره.
رزقه الله تعالى الحكمة، فأنزل عليه 30 صفحة سماوية.
كان يدعو قومه بترك كل ما يغضب الله عز وجل، والقيام بأداء العبادات لنيل رضا الله.
النبي إدريس والاهرامات
هناك العديد من الأقاويل التي أشارت إلى أن فكرة بناء الأهرامات الثلاثة في مصر تعود إلى سيدنا إدريس عليه السلام، وذلك بفضل ما كان لديه من علم.
ولقد فكر إدريس عليه السلام في تلك الفكرة بعد أن أخبره الله بالطوفان في عهد سيدنا نوح عليه السلام، ولذلك كان لا بد من حماية جميع كتبه وتعاليمه وعلومه من الغرق في مأمن بعيد عن الطوفان.
معجزة سيدنا إدريس
لم يذكر القرآن الكريم معجزة جاءت عن نبي الله إدريس عليه السلام، ولكن قيل أن معجزته تمثلت في رفع روحه إلى السماء الرابعة.
فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم – لعله من أهل زمانه – فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال “له”: إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك وقد بلغ من العمر ثلاثمائة وخمس وستون سنة.
علم التنجيم النبي إدريس
خص الله نبيه إدريس عليه السلام بمعرفة الأجرام السماوية ومعرفة العلاقة بينها، وقراءة الأحداث التي يمكن أن تحدث في المستقبل.
ولذلك أُتيح علم التنجيم والأبراج والفلك في شرع سيدنا إدريس عليه السلام، ولكنه مُنع بعد ذلك، بعد حدوث عدة حوادث كونية تركت أثرًا على تلك الحسابات.
سيدنا إدريس والفراعنة
وحول العلاقة بين سيدنا إدريس والفراعنة، فقد رجح العلماء أن أول من استخدم علم التحنيط ومن بدأ ببناء الأهرامات فقد كان سيدنا إدريس عليه السلام، وأن تمثال أبو الهول تم تجسيده على صورة إنسان للإشارة إلى نبي الله.
وقيل أن هناك العديد من البرديات الفرعونية التي تحدثت عن أوزوريس، وذُكر أن سيدنا إدريس عليه السلام هو أوزوريس.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا والذي أوضحنا من خلاله ماذا كانت مهنة نبي الله ادريس عليه السلام، كما أوضحنا قصته مختصرة وصفاته وعلاقته بالفراعنة وعلم التنجيم، تابعوا المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة.