ما هي مشاهد يوم القيامة

أمل سالم 16 فبراير، 2019

يحاول كل مسلم أن يتخيل ما هي مشاهد يوم القيامة ، فالله تعالى تحدث عنها في القرآن الكريم بشكل واسع، وذكر العديد من المواقف التي ستحدث في هذا اليوم، كما جعلها المولى من شروط اكتمال الإيمان، ولكن لا يستطيع الإنسان أن يصل بذهنه إلى كل ما سيحدث في يوم الحساب، وذلك لأنه أمر في علم الغيب، ولكن يمكننا أن نعرف بعض منها من خلال ما جاء في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وسنعرض لكم اليوم من خلال هذا المقال على موسوعة بعض هذه المشاهد، فتابعونا.

يوم القيامة

  • وُرِد ذكر يوم القيامة في القرآن الكريم 70 مرة وبعدة أسماء مختلفة، ومنها يوم الدين، في قوله عز وجل بسورة الفاتحة “مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”، وكذلك أُطلق عليه الله تعالى في سورة هود اليوم المشهود وذلك في قوله “إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ “، وفي الآية الرابعة والثلاثين من سورة ق قال عنه المولى أنه يوم الخلود ” ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ”، وكذلك يوم الوعيد في قوله “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ”، وغيرها من المصطلحات الأخرى التي ذكرها الله سبحانه عن يوم القيامة مثل يوم التغابن، يوم التناد، يوم الحسرة، يوم الجمع، يوم الفصل، يوم التلاق، يوم الحاقة، يوم القارعة، واليوم الآخر.
  • ومن الأمور التي ذكرها لنا القرآن الكريم، أن يوم القيامة سيكون به العديد من الأحداث والأهوال، التي لا يُصدقها عقل، والتي لا يمكن لعقل بشري أن يتخيلها، أو يتوقع شدتها.

مشاهد يوم القيامة

المشهد الأول: النفخ في الصور

  • قال تعالى في الآية الثامنة والستين من سورة الزمر “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ”، ومن هذه الآية نستنتج أن أول مشهد من مشاهد يوم القيامة هو النفخ في الصور، وتكون النفخة الأولى هي الصعق، فيأمر الله عز وجل سيدنا إسرافيل، بأن ينفخ في الصور، فتُصعق جميع المخلوقات، إلا من أراد الله لهم النجاة، وبعدها تأتي النفخة الأخرى، وهي التي بعدها يقوم الناس من قبورهم للحساب.

المشهد الثاني: البعث

  • يُبعث الموتى من قبورهم بعد النفخ في الصور من أجل بدء الحساب، وعن هذا الأمر قال المولى ليوضح عملية البعث في سورة الأعراف، “وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”.

المشهد الثالث: الحشر

  • وبعد البعث، يجتمع الناس في أرض تُسمى أرض المحشر، فعن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: “يُحشَر النَّاس يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلًا  غير مختونين، قلت: يا رسول الله، النِّساء والرِّجال جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال صلَّى الله عليه وسلَّم: “يا عائشة، الأمر أشدُّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض”. وبهذا الحديث تفصيل لحال الناس على أرض المحشر، فهي أرض نقية بيضاء، لم يُرتكب عليها أي ذنب كان.
  • يقف عليها الناس حفاة عراة كما قال رسولنا الكريم، كما أن وقوفهم يطول طويلاً، كما تدنو الشمس منهم بشكل كبير، مما يجعلهم يتصببون عرقاً، فعن هذا قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم “إذا كان يوم القيامة أدنِيَت الشَّمس من العباد حتَّى تكون قيد ميلٍ أو اثنين، فتصهرهم الشَّمس فيكونون في العَرَق بقدر أعمالهم؛ فمنهم مَن يأخذه إلى عقبيه، ومنهم مَن يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم مَن يأخذه إلى حَقْوَيْهِ، ومنهم مَن يلجمه إلجامًا”.

المشهد الرابع: رسول الله يشفع لأمته

  • يؤذن إلى النبي ليرد حوضه، الذي يأتي إليه الماء من نهر الكوثر، فعنه قال النبي “حوضي مسيرة شهر، ماؤُه أبيض من اللَّبن، وريحه أطيب من المِسك، وكِيزَانُه كنجوم السَّماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدًا”، وذلك حتى يشرب منه كل من آمن معه، وسار على نهجه، ثم يؤذن للأنبياء غيره بأن يرد كل منه على حوضه حتي يسقون من عمل صالحاً من أمتهم.
  • يشتد الأمر على البشر، ولا يستطيعون تحمل الوقوف وانتظار الحساب، فيلجأ كل منهم إلى نبيه من أجل أن يشفع لهم عند الله تعالى، ليبدأ الحساب، ولكن كل نبي يُردد “نفسي نفسي”، حتى يصلوا إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فيقول “أمتي أمتي” صلوات الله عليك وسلامه يا نبينا الكريم.
  • يتوجه بعدها رسول الله، إلى الخالق العظيم، ويسجد تحت عرشه، ويسأله أن يبدأ الحساب، فيقول له المولى عز وجل كما جاء في حديث البُخاري “يا محمَّدُ، ارفع رأسَك وقل يُسمَع، وسل تعطَه، واشفع تشفَّع. فأقولُ: يا ربُّ أمَّتي أمَّتي. قال: فيقالُ لي: انطلِق، فمن كانَ في قلبِه إمَّا إن قال مثقالَ برَّةٍ وإمَّا أن قال مثقالَ شعيرةٍ منَ الإيمانِ فأخرجَه منها، فأنطلقُ فأفعلُ ثمَّ أعودُ فأحمدُه بتلكَ المحامدِ وأخرُّ ساجدًا، قال: فيقالُ لي: يا محمَّدُ ارفع رأسَك وقل يُسَمَعْ، وسل تعطَه، واشفع تشفَّع، فأقولُ: يا ربُّ أمَّتي أمَّتي. قال: فيقالُ لي: انطلِق فمن كانَ في قلبِه أدنى أدنى أدنى من مثقالِ حبَّةِ خردلٍ منَ الإيمانِ فأخرِجهُ منَ النَّارِ ثلاثَ مرَّاتٍ، فأنطلِقُ فأفعلُ”.

المشهد الخامس:الحساب

  • يتمثل المشهد الخامس في لحظة الحساب، والذي يتولاه الحق سبحانه، حيث تظهر صحائف الأعمال، ويمتثل البشر بين أيدي خالهم، ليُحاسبهم على أعمالهم في الدنيا، ولا يظلم الله أحداً أبداً.
  • تتطاير صحف الأعمال، ليمسك كل إنسان صحيفته، فمن نالها بيمينه كانت تلك علامة على صلاح حاله، أما من ينالها بيساره، فتكون إشارة على حسابه العسير، وجاء ذلك في قوله تعالى بسورة الانشقاق “فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا، وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا، وَيَصْلَى سَعِيرًا”.

المشهد السادس: الميزان

  • بعدما ينال كل عبد كتابه، يأتي إلى الله عز وجل ليخضع للميزان، والميزان له كفتان، يوزن بها أعمال الإنسان الخير والشر، ليعرف الكفة الراجحة، ولكن لله تعالى حسابات أخرى، وعن هذا قال رسولنا الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم “إنَّ الله سيُخلِّص رجلًا من أمَّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ فينشُرُ عليه تسعةً وتسعين سجلًّا، كلُّ سجلٍّ مثل مدِّ البصر، ثمَّ يقول: أتُنكر من هذا شيئًا؟ أظلَمَك كتبَتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عُذرٌ؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى، إنَّ لك عندنا حسنةً؛ فإنَّه لا ظُلم عليك اليوم، فتخرج بطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، فيقول: احضُرْ وزنَك، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السِّجلَّات؟! فقال: إنَّك لا تُظلم، قال: فتُوضَع السِّجلَّات في كفَّة، والبطاقة في كفَّة، فطاشت السِّجلَّات وثقُلَت البطاقة؛ فلا يثقُل مع اسم الله شيءٌ”.
  • ولا يمكن لنفس أن تُظلم أبداً، فقال الحق تبارك وتعالى “وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ”.
  • وتكون أُمة مُحمد هي أول الأمم التي ستأتي للحساب، ثم يتبعها غيرها من الأمم الأخرى، كما تكون الصلاة هي أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، وبعدها يأذن الله سبحانه لجوارح الإنسان أن تتكلم، وتشهد عليه بما يُنكره، وعن ذلك جاء قوله في سورة فصلت “وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ،حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”.

المشهد السابع: الصراط

  • وهو المشهد الذي يلي الحساب مباشرة، وهو الصراط، الذي لابد من أن يمر عليه جميع الخلق، وذلك من أجل العبور إلى الجنة، وهو عبارة عن طريق رفيع جداً، على ظهر جهنم، يمر عليه رسول الله أولاً، ويليه قومه على حسب أعمالهم، فمنهم من تكون سرعته على الصراط كسرعة البرق، ومنهم كسرعة الريح، وآخرين كالمطر، حتى يأتي بعض الناس زحفاً بطيئاً، والنبي على الجهة الأخرى يدعو لهم بالثبات قائلاً: “اللهم سلم”.
  • أما من يسقط، فيقع في جهنم وبئس المصير، نسأل الله الثبات.

المشهد الثامن: الجنة والنار

  • هو المشهد الأخير، والذي يلي الصراط، حيث يدخل الجنة من آمن بالله ورسوله وحسن عمله، ويُغمس في النار من كفر بالله وبرسوله وساء عمله.
  • وبعدها يُنادي المولى عز وجل، أهل الجنة وأهل النار، ويُجسد الموت في شكل كبش، ويأمر الله بذبحه، ليخلد أهل النار في نارهم أبداً، وأهل الجنة في الجنة أبداً.
نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يُنجينا وإياكم من النار، وأن يرزقنا مجاورة نبينا المختار صلى الله عليه وسلم في أعلى الجنان.

ما هي مشاهد يوم القيامة