مع حلول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك يتساءل الكثير عن موعد ليلة القدر التي تعد أفضل الليالي وأفضل من ألف شهر كما قال تعالى في كتابه الكريم في سورة القدر (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وهي من الليالي التي يكثر فيها المسلمون من الدعاء لأنها الدعاء يكون فيها مستجاب، إلى جانب الاجتهاد بشكل عام في العبادات، وفيما يلي في موسوعة نوضح لك موعد ليلة القدر:
وقت ليلة القدر يأتي في الثلث الأخير من شهر رمضان أي في العشر الأواخر، حيث روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها :”كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”.
ليلة القدر ليلة فردية حيث أنها قد تأتي في اليوم الحادي والعشرين أو اليوم الثالث والعشرين أو اليوم الخامس والعشرين أو اليوم السابع والعشرين أو اليوم التاسع والعشرين.
وقت ليلة القدر بالتحديد غير معلوم وغير ثابت، حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه بالتماسها:” فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، والتَمِسُوهَا في كُلِّ وِتْرٍ”.
الحكمة من إخفاء ليلة القدر
اقتضت الحكمة من الله بإخفاء ليلة القدر في كل عام حتى لا يجتهد المسلمون فقط في تلك الليلة ويتكاسلون عن العبادات في الليالي الأخرى.
كما أن الحكمة من إخفاء ليلة القدر تكمن في المجاهدة في تجنب الوقوع في المحرمات، فلو علم العبد بموعد ليلة القدر سيتجنب فقط ارتكاب الذنوب والمعاصي في هذه الليلة.
كما أنه من بين الحِكم الأخرى من إخفاء ليلة القدر: نيل الثواب في الاجتهاد في تحريها والاجتهاد فيها وفي كافة الليالي الأخرى.
هناك العديد من الأمور التي أخفيت وقتها على العباد حكم يعلمها الله، من بينها موعد ساعة الاستجابة في يوم الجمعة، وموعد ليلة القدر.
العبادات في ليلة القدر
تشمل أبرز العبادات التي يجتهد فيها المسلمون في ليلة القدر ما يلي:
الدعاء في ليلة القدر
تعد العبادات الأكثر شيوعًا في ليلة القدر الدعاء حيث يكثر المسلمون من الدعاء إلى الله لأن ليلة القدر يُستجاب فيها الدعاء، فمنهم من يدعو إلى الله بالهداية ومنهم من يدعو بقبول التوبة ومغفرة الذنوب ومنهم من يدعو بالعتق من النيران، ومنهم من يطلب من الله أمور دنيوية مثل سعة الرزق.
كما يدعي المسلم من ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
كما يكثر في هذه الليلة التسبيح وذكر الله حيث يحرص الكثير على اغتنام هذه الليلة بشكل أفضل بالإكثار من العبادات.
قيام الليل
بجانب الدعاء في ليلة القدر فإن المسلمين يحرصون على قيام الليل، وهذا يعد من أسباب نيل مغفرة الذنوب حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه:” مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.
وصلاة قيام الليل يؤديها المسلم ركعتين ركعتين، ومن السنة النبوية أن تكون الصلاة 11 ركعة حيث روت السيدة عائشة رضي الله عنها إذ قالت:” ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً”.
قراءة القرآن
من أفضل العبادات الأخرى التي يكثر منها في ليلة القدر تلاوة القرآن الكريم، حيث ينال العبد الأجر والثواب، وهي من أبرز العبادات في شهر رمضان.
ومن تلاوة القرآن ينال العبد الرحمة وتسوده السكينة حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه:” وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ”.
الاعتكاف
من بين العبادات الأخرى التي تتم في ليلة القدر بشكل خاص وفي العشر الأواخر بشكل عام الاعتكاف والذي يكون فيه العبد متفرغًا للعبادة في المسجد ويداوم على الذكر وتلاوة القرآن والصلاة.
الاعتكاف من أبرز ما ورد عن السنة النبوية الشريفة حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه:” إنِّي اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوَّلَ، أَلْتَمِسُ هذِه اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ، فقِيلَ لِي: إنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ معهُ”.
هناك العديد من الضوابط في الاعتكاف حتى يكوم صحيحًا وتشمل هذه الضوابط ما يلي:
الامتناع عن الجماع.
الامتناع عن الشراء أو البيع حيث أن الخروج يكون لقضاء حاجة أو الوضوء.
الامتناع عن أمور غير واجبة مثل حضور جنازة.
علامات ليلة القدر
هناك عدة علامات تشير إلى ليلة القدر والتي نوضحها لك فيما يلي:
الجو يكون معتدلاً في تلك الليلة، فلا يُلاحظ الإحساس بالحر أو البرودة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه “:ليلةُ القدرِ ليلةٌ بَلْجَةٌ ، لَا حارَّةٌ ولَا بَارِدَةٌ.
لا يكون في هذه الليلة مطر ولا ريح ولا سحاب حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه:” ليلةُ القدرِ ليلةٌ بَلْجَةٌ، لَا حارَّةٌ ولَا بَارِدَةٌ، ولَا سَحابَ فِيه ، ولَا مَطَرٌ، ولَا ريحٌ”.
تكون الشمس ليس بها شعاع في تلك الليلة وفقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم :”أنَّهَا تَطْلُعُ يَومَئذٍ، لا شُعَاعَ لَهَا”، فتكون شبيهة بالقمر في مرحلة البدر.
الليلة يسودها حالة من الراحة والطمأنينة والسكينة (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ولا يشعر بها إلا من أدركها.
يزداد الاجتهاد في العبادة في هذه الليلة، ويجد العبد لذة في الطاعة.
دعاء ليلة القدر
من السنة النبوية الشريفة الإكثار من دعاء “اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي” في ليلة القدر.
فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها حيث سألت الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت:” يا رسولَ اللهِ، أرأَيْتَ إنْ علِمْتُ أيَّ ليلةٍ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي”.
فضل ليلة القدر
هناك العديد من فضائل ليلة القدر التي نوضحها لك فيما يلي:
في ليلة القدر نُزل القرآن الكريم وفقًا لقوله تعالى في سورة القدر (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
ليلة ينشرح فيها صدر العبد ويقبل على الطاعة وتسوده حالة من الطمأنينة حيث أنها ليلة سلام كما وصفها المولى عز وجل (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
ليلة ينال فيها العبد مغفرة الذنوب والتكفير عن السيئات إذا قامها، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه:” مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.
ليلة تتنزل فيها الملائكة حيث تنشر السكينة والرحمة بين أهل الطاعة (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
ليلة مباركة ينال فيها العبد الأجر والثواب (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ).
ليلة تُكتب فيها الأعمال والأرزاق (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
ليلة أفضل من ألف شهر حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه:” إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ”.