أرسل الله سبحانه وتعالى جميع الرسول والأنبياء من أجل الدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد، ومن أجل إخراج الناس من ظلماتهم إلى النور، فكان أول الأنبياء نوح وأخرهم رسول الله محمد، حيث أن الله سبحانه بعث بكل أمة رسول منهم كي يدعوهم لعبادة الله ومن أجل اجتناب الطاغوت، وكان كل نبي يُرسل إلى قومه خاصة، وبُعث رسول الله محمد لجميع الناس كافة كي يبشرهم وينذرهم، ويهديهم لعبادة الله.
هو “محمد بن عبد الله بن المطلب الهاشمي القرشي” ولد في أم القرى مدينة مكة، في شهر ربيع الأول وولد في عام الفيل الذي جاء فيه أبرهة وأصحابه من أجل هدم الكعبة، وتوفي أبيه عبد الله وهو لا يزال في بطن أمه آمنة بنت وهب، وبعد ولادته أرضعته حليمة السعدية، وبعدما أصبح عمره ست سنوات ذهب مع أمه إلى المدينة من أجل زيارة أخواله وأثناء طريقهم في العودة لمكة توفيت أمه في البواء، وأصبح يتمياً الأم والأب وهو في السادسة، بعدها تكفل جده عبد المطلب به إلا أنه مات بعدها بعامين وكان عمر رسول الله حيتها ثمان أعوام، ومن بعده كفله عمه أبو طالب حيث كان يرعاه ويكرمه ودائما ما يدافع عنه، وكان عمه أبو طالب يحبه حباً جماً، وبعدما أشتد عوده ذهب نبي الله إلى الصحراء من أجل رعاية الأغنام كعادة العرب حيث كانوا يتركون أبنائهم يذهبون للصحراء من أجل تعلم فصاحة اللغة وعلومها المختلفة وكي يكون أكثر حكمة وقوة، لأن الجلوس في الصحراء يساعد على التأمل والتفكر، وبعدها عمل الرسول في التجارة ولقبه الناس بالصادق الأمين، حيث سافر لبلاد الشام بتجارة السيدة خديجة بنت خويلد والتي ربحت تجارتها معه كثيراً، وقد أعجبت السيدة خديجة بصدقه وخلقه وأمانته فتزوج منها وهو في عمر الـ25، ومنها أنجب جميع أبنائه ما عدا إبراهيم.
تزوج النبي من تسع نساء بنفس الوقت، وكانت أولى زوجاته والتي يتم يتزوج عليها هي السيدة خديجة بنت خويلد، ومن بعدها تزوج من سوده بنت زمعة، ثم تزوج من عائشة بنت أبي بكر وكانت هي البكر الوحيدة التي تزوجها وكانت أحب الزوجات لقلب رسول الله، ثم تزوج من حفصة ابنة عمر بن الخطاب، وتزوج من زينب بنت خزيمة، ومن بعدها أم المؤمنين أم سلمة، ثم تزوج زينب بنت جحش وجويرية بنت الحارث، وصفية بنت حي وأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وأم حبيبة، وتزوج من مارية القبطية المصرية التي رُزق منها بابنه إبراهيم.
أما عن أبنائه فهم ثلاثة أولاد القاسم وعبد الله وإبراهيم، أما البنات فرُزق بأربع وهن زينب وهي أكبرهن وابنته رقية وأم كلثوم وأخيراً فاطمة الزهراء أصغر أبنائه، وتوفي جميع أبناء النبي في حياته فيما عدا فاطمة التي ماتت بعده، وكانت هي أحب الأبناء لقلبه وهي الأقرب والأكثر شبهاً منه
قد أنبت الله النبي نباتاً حسناً، فقد أدبه الله فأحسن تأديبه وعلمه ورباه حيث كان أحسن قومه أخلاق وخلقاً، فكان أوسعهم حلماء وأحفظهم أمانة وأعظمهم مروءة وأصدقهم حديثاً، وكان نبي الله يحب الخلاء حيث كان يذهب إلى غار حراء يخلو هناك بالأيام والليالي ليتعبد فيه ويدعو الله، وكان مبغضاً للخمور والأوثان وكافة الرذائل حيث لم يلتفت إليها قط في حياته.
عندما بلغ النبي الخامسة والثلاثون من عمره شارك قريش بناء الكعبة التي هُدمت بسبب السيول التي جرفتها، ووقع نزاع بين القبائل المشاركة في بناء الكعبة حول وضع الحجر الأسود، وحكموا النبي في الأمر فدعا إلى إحضار ثوب ليتم وضع الحجر الأسود فيه وأمر من رؤساء القبائل أن كل واحد منهم يأخذ بأطرافه ورفعوا الحجر جميعاً، ثم أخذ النبي الحجر ووضعه بمكانه وبنى عليه فرضى كل الأطراف وانتهى النزاع.
انتشر الشرك والفساد بين الناس فبعث الله إليهم النبي محمد بعدما بلغ الأربعون من عمره، كي يدعوهم لعبادة الله والعزوف عن عبادة الأصنام، أما عن نزول الوحي فقد كان رسول الله يتعبد بغراء حراء، وفي أحد الأيام كان جالساً يتعبد ويتقرب من الله، حتى نزل عليه الوحي جبريل حينها أمره بالقرأة ونزلت سورة أقرأ، بعدها رجع إلى بيته يرتجف من الخوف قائلاً لزوجته السيدة خديجة دثريني وقامت هي بتدفئته حتى أن هدأ وحينها أخبر بكل ما حدث معه، فسألت حينها ابن خالتها ورقة ابن نوفل أحد علماء عصره فأخبرها بأنها النبوة، وكانت خديجة هي أول من آمن برسول الله من النساء، أما من الرجال فكان أول من آمن به صديقه أبو بكر، وكان أول من آمن من الصبية علي بن أبي طالب.
ثم فتر الوحي مدة فحزن نبي الله كثيراً وبينما هو يمشي في أحد الأيام رأى الملك مجدداً بين الأرض والسماء فرجع لمنزله وتدثر فأنزل عليه الله سورة المدثر، ومن بعدها تتابع الوحي على رسول الله، وظل النبي في مكة 13 عام يدعوا الناس لعبادة الله في السر وفي الجهر، وكان يدعو الناس باللين واللطف فآمن به القليل من الأشراف والأغنياء والعبيد والضعفاء والفقراء، حيث آمن به النساء والرجال وجميهم تعرضوا للأذى فمنهم من تعرض للعذاب وبعضهم من تعرض للقتل، ومنهم من هاجر لأرض الحبشة.
وبعد مرور عشرة أعوام من بعثة النبي مات عمه أبو طالب الذي كان يحبه ويحميه من أذى القريشيين، ومن بعده ماتت السيدة خديجة التي كانت تؤنسه حينها سمي هذا العام بعام الحزن، فاشتد البلاء على رسول الله من قبل قومه حيث أنهم كانوا يجرئوا عليه وقاموا بإيذائه بكافة أصناف الأذى وهو لا يزال يصبر ويحتسب عند الله، وبعدما اشتد البلاء عليه من قبل قريش خرد للطائف كي يدعوهم للإسلام إلا أن أهلها لم يستجيبوا وقاموا بإيذائه وإلقائه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، حينها عاد لمكة واستمر في دعوة الناس إلى الإسلام.
ثم أسرى رسول الله ليلاً من المسجد الحرام للمسجد الأقصى على ظهر البراق وكان بصحبته جبريل، فنزل النبي إلى المسجد الأقصى ليصلي بالأنبياء وبعدها عرج به للسماء ورُفع لسدرة المنتهي وهناك كلمه الله وأكرمه وتم فرض الصلاة، وبعدها عاد النبي لمكة قبيل الصبح وقص عليهم ما حدث فكذبه الكفار وصدقه المؤمنين.
ثم بعد ذلك هيأ الله للنبي من ينصره ويصدقه فالتقى أثناء موسم الحج برهط من المدينة من الخزرج فأسلموا حينها وعادوا للمدينة ينشرون الإسلام هناك، وفي عام الحج الذي تلاه جاء أكثر من 70 رجلاً من الخزرج والأوس وحينها دعوا الرسول أن يهاجر للمدينة، وبعدها أكر الرسول أصحابه أن يهاجرون للمدينة حتى هاجر جميع المسلمين ولم يبق سوى رسول الله وأبو كبر وعلي بن أبي طالب حينها خاف المشركون أن يلحق الرسول بهم فتأمروا على قتله إلا أن جبريل أخبر رسول الله، فطلب الرسول من على أن يبيت بفراشه وأن يقوم برد الوداع لأصحابها، وبات ليلتها المشركون عند باب الرسول كي يقتلوه، إلا أن الله أغشى أبصارهم فخرج النبي من بينهم وذهب لبيت صديقه أبي بكر وخرجا من مكة وذهبوا لغار ثور ومكثا به ثلاث ليال.
وكان عبد الله بن أبي اريقط هو من يدلهما على الطريق وكانت أسماء بنت أبي بكر تقوم بإعداد الطعام له وتذهب به إليهم، فذعرت قريش من خروج النبي من مكة وبذلوا قصارى جهدهم للعثور عليه وخصصوا هدية كبيرة لمن يجده، وعلم بمكانهما سراقة بن مالك وحاول الإلحاق بهما إلا أن قوائم فرسه ساخت في الأرض، حينها طلب منه سراقة أن يدعوا له ولا يضره ورجع سراقة لقومه ورد الناس عن النبي وصديقه، ويحكى أن سراقة أسلم بعدما فتح الرسول مكة.
بعدما وصل الرسول للمدينة كبر المسلمون فرحين بقدوم رسول الله، حيث استقبله الرجال والأطفال والنساء وهم فرحين مستبشرين، فنزل رسول الله في قباء وقام ببناء مسجد قباء وأقام هناك أحد عشرة ليلة ثن بعد ذلك ركب ناقته ودخل المدينة حيث قابله أهل المدينة فرجين وبركت ناقته بموضع مسجده اليوم، وبدأ الرسول بعد ذلك في بناء المسجد النبوي وآخى بين المهاجرين والأنصار، وبعدها فُرض على المسلمين الصيام وشرع الأذان.
بعدما أستقر النبي بالمدينة واجتمعت عليه القلوب حينها فُرض القتال في سبيل الله، فكانت غزوة بدر أولى غزوات المسلمين ثم غزوة أحد، وبعدها غدر يهود النضير وبني قينقاع برسول الله فأجلاهم الله عن المدينة، وبالعام الخامس من الهجرة كانت غزوة الأحزاب والتي إنتصر فيها رسول الله والمؤمنين، ثم جاء العام السادس من الهجرة حينما حاول الرسول أن يذهب للحج في بيت الله إلا أن المشركين منعوه وحينها تم صلح الحديبية والتي نص على ترك الحرية للناس في اختيار جينهم، وبعدها بعام كان غزوة خيبر التي قُضي فيها على اليهود، وبالعام الثامن كانت غزوة حنين من أجل رد عدوان هوازن وثقيف وانتصر المسلون فيها، وبالعام التاسع كانت غزوة تبوك لرد عدوان الروم والتي إنتهت بصلح بعض القبائل، وفي العام العاشر الهجري كان فتح مكة وانتصر المسلمون ودخلوا مكة وآمن أهل مكة برسول الله.
وبعدما أكمل الله دينه الإسلام وتقررت أصول هذا الدين، جاءت حجة الوداع التي ودع رسول الله الناس فيها والتي لم يحج بعدها وذهب للمدينة.
بالعام الـ11 من الهجر وبشهر صفر بدأ المرض بالنبي واشتد عليه إلى أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها في يوم الاثنين الموافق الثاني عشرة من شهر ربيع الأول، وحزن المسلمون لموت رسول الله أشد الحزن، وبعدها غُسل النبي وصلى المسلمون عليه ودُفن ببيت زوجته عائشة، بعدما حمل رسالة الله وأدى أمانته، وعليه أنزل القرآن تلك المعجزة الخالدة، وهو النبي الوحيد الذي سيقوم بالشفاعة لأمته يوم الحشر والعرض على الله.