ما معنى كلمة إن مع العسر يسرا ، نحتاج كثيراً إلى أن نعيش حالة من الدعم النفسي، وخير الدعم هو ما يأتي من الله الرحمن الرحيم، وذلك لأن علمك بكونه رب الكون خالق المعجزات ورب المستحيلات، سيجعلك على يقين بأنه لابد وأن يكون هناك مخرج من الأزمة، وفرج من بعد الشدة، وعافية من جراء المصائب، ستجد أنك تنعم بالهدوء والأمان، لا تضع الحسابات، ولا تفكر كثيراً فيما هو أتِ، ستعيش حالة من التوكل المصحوب باليقين بأن لا عسر دون أن يعقبه يسر، ومن خلال مقال اليوم على موسوعة سنتحدث عن قوله تعالى “إن مع العسر يسرا” لمختلف علماء تفسير القرآن الكريم فتابعونا.
ورد في القرآن الكريم الكثير من الكلمات الحاملة للمعاني الجليلة، والمؤكدة على عظمته ومدى براعة وصفه ودقته، ومن ضمن تلك الآيات آية “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)”، والتي سوف نتعرف على معنى الآيات الحاملة لها في التالي ذكره:
يرى ابن كثير أن قول الله عز وجل “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” وتكرارها علامة على التأكيد الذي يوَّد الله تعالى أن يخبر به نبيه والمؤمنين جميعاً، كما جاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “لن يغلب عسر يسرين”.
تحققت هذه الآية وصدق الله العظيم في ذكرها إذ يمكننا أن نشهدها كثيراً في الواقع، كما جاء اليُسر للنبي بعد العسر، فبعد أن واجه العديد من المشكلات والأذى وصبر وتحمل، جاء النصر من عند الله، وها نحن نشهد اليُسر الذي تحقق للنبي بعد أن أصبحت الأمة الإسلامية من أكبر الأمم بالعالم.
يؤكد القرطبي على أن هذه الآية جاءت للدلالة على الفرج الذي سيعيشه المسلمين بعد حالة من الضيق واليأس، كما أنزلها الله لتُزيد من صبرهم وقوة احتمالهم، وتبشرهم على أن اليسر سيأتي إليهم لا محالة، وأنه لا يوجد عسر في الدنيا إلا وصحبه اليسر، وأكد الله تعالى على ذلك مرتين، ويرى القرطبى أنه قد تكون هذه الآية بشرى من الله تعالى على فتح مكة، وبذلك يكون العسر المقصود هو إخراج المسلمين من مكة كرهاً، ثم عودتهم مرة أخرى لفتحها وتحقيق النصر.
فسر الإمام الرازي الآية الكريمة بأنه عند تواجد الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم”، عايره المشركون بفقره، قائلين له إنه في حال كان يطلب بدعوته تلك المال، فهم قادرون على إعطائه العديد من الأموال، بشرط تركه لتلك الدعوة، الأمر الذي أحزن الرسول “صلى الله عليه وسلم” بشكل كبير، وظن أن الكفار ممتنعين عن قبول دعوته لهمك بالإسلام بسب فقره.
لذا نزلت سورة الشرح، التي بيّن الله “عز وجل” مدى عظمة الفضائل التي يمتلكها الرسول الكريم، كما حمل السورة تبشير للنبي الكريم بالغنى بعد بعد العسر، كما أكد الله “سبحانه وتعالى” على أن سبب تنكير كلمة يسر هو تعظيم وتوضيح لعظمة اليسر الذي سيمتلكه الرسول في الآخرة، بالأجر العظيم، والدنيا بفتح البلاد وإعلاء كلمة الإسلام في مختلف البقاع من حوله.
أكد الإمام البيضاوي على أن العسر المذكور في الآية الكريمة، مثله كمثل ضيق الصدر والإيذاء من القوم الضلال، لذا نزلت سورة الشرح، لتؤكد للنبي الكريم “صلى الله عليه وسلم” أنه بعد كل العسر الذي واجهه من المشركين في سبيل الهداية والدعوة سيقابله يسر كبير من الله “عز وجل” وفرج، كما أكد على أن كلمة ” إن مع” المذكورة في الآية تؤكد على مدى قرب موعد اليسر بعد العسر.
فسر الإمام السعدي الآية الكريمة بأن قال أن اليسر دومًا ما يكون مصاحبًا للعسر، حتى وإن طال وأشدت، وما يؤكد على هذا أن كلمة العسر جاءت معرفة ب ” أل” مما يدل على إنها تستلزم استغراق مدة والعموم، وذلك لتفيد أنه مهما طالت مدة العسر والكرب، يأتي بعدها اليسر لا محالة.
أكد الإمام البغوي على أن الآية منزلة لتأكيد الرخاء والنعم التي سيحظى بها الرسول “صلى الله عليه وسلم” بعد الشدة والكرب الذين عانى منهم في طريق دعوته للمشركين، كما أكد الإمام على أن تكرار ذكر الآية من باب تعظيم وتأكيد البشرى للرسول “صلى الله عليه وسلم”.
هناك بعض الأبيات الشعرية التي تحدثت عن مكنون الآية، وأكدت على أن العسر لابد وأن يعقبه يسر، ومنها:
أيها الدهر الكئيب تبسم إن بعد العسر الشديد يسرا
وترنم فالنصر آت قريباً يصرع الخير في الوجود الشرا
سيسود الخلاص كل قبيل ويعم الســلام برا وبحرا
ويطل الربيع يرقص بشراً وتفوح الرياض طيباً وعطرا
نعرب في التالي ذكره مفردات آية : “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)”:
https://www.youtube.com/watch?v=R_mUDWXWciY