كان سيدنا زكريا -عليه السلام- يعمل في النجارة، فهو كان نجاراً، يهتم بعمل نجارة الخشب، حيث جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان زكرياءُ نجارًا).
كان سيدنا زكريا -عليه السلام- يكسب قوته بعمل يده، وكان يحب أن يعمل بيده ويجتهد في عمله، وهذا ما كان يعمله أنبياء الله ورسله أجمعين.
وهذا يدل، ويؤكد على أن الاجتهاد بالعمل، وإتقان المهن، والعمل باليد والاجتهاد هو لا ينقص أحداً ولا يقلل من أحد.
كان زكريا -عليه السلام- يعمل ويكسب أجرته مقابل هذا العمل، ليكسب قوت يومه، وهو أفضل من التوسل إلى الناس وطلب المال.
العمل هو فضيلة أخلاقية عظيمة، تدل على العفة وعد الرضا بالذل والهوان، أو الخضوع للغير من أجل المال، فمن الأفضل كسب قوت اليوم من العمل والجد والاجتهاد والسعي.
زكريا عليه السلام
تم الاختلاف حول نسب النبي زكريا عليه السلام، وتكاثرت الأقاويل حول نسبه ويمكن معرفة ذلك من خلال السطور القادمة:
قيل زكريا بن برخيا، وزكريا بن دان، كما قيل أيضاً زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق بن حشيان.
يعود نسب سيدنا زكريا -عليه السلام- إلى نبي الله سليمان -عليه السلام- بن داود عليه السلام، وهو من أنبياء بني إسرائيل، وهو والد النبي يحيى عليه السلام.
رزق الله سيدنا زكريا -عليه السلام- ولداً بعد أن كبر في العمر، حيث كان زوجته عاقراً، حيث كانت كبيرة في السن.
أمر الله -سبحانه وتعالى- سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يقوم بإخبار الناس عن قصة سيدنا زكريا، وكان الهدف الأساسي من ذلك هو حث الناس على عدم اليأس برحمة الله -سبحانه وتعالى- وكرمه وفضله علينا، حيث يعلم الله تعالى ما يخفي وما يعلن، الله بصير حكيم.
من الجدير بالذكر أن سيدنا زكريا هو زوج خالة مريم بنت عمران، حيث إنه كفلها وتزوجها بعد وفاة والدها عندما كانت صغيرة في السن.
كان الله جل وعلا كافلها حيث كان يرزقها من حيث لا تحتسب، وكان يبارك في رزقها، حيث كلنا دخل أحد عليها ويجب عندها طعام كثير وطرح عليها سؤال من أين لك هذا الطعام، أجابته قائله أنه من عند الله تعالى ورزق الله لها.
ما قيل عند وفاة زكريا عليه السلام
اختلف أهل العلم والفقهاء على سبب وفاة سيدنا زكريا عليه السلام، واختلفت الكثير من الآراء والأقاويل والتي يمكن عرضها على النحو التالي:
قيل عند وفاة سيدنا زكريا -عليه السلام- أن وفاته كانت طبيعية، ولا يوجد بها مكائد أو تخطيط.
رأى مجموعة أخرى من العلماء أن سيدنا زكريا -عليه السلام- توفي قتلا، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال القرآن الكريم في أكثر من موضع ذكر أن بني إسرائيل قاموا بقتل البعض من الأنبياء.
ذكر بعض علماء التاريخ أن سبب فساد قوم بني إسرائيل الأول هو قيامهم بقتل سيدنا زكريا عليه السلام، وسبب فسادهم الثاني هو قيامهم بقتل ابنه سيدنا يحيى عليه السلام.
وقيل في هذا الصدد أن سيدنا زكريا قام بالهرب منهم، وذلك عندما أدرك ما يخططون له من الشر والحقد من ناحيته، فانفتحت له شجرة ما ودخل بها ثم أغلقت الشجرة نفسها.
سحب الشيطان جزءاً من ثوبه حتى ظهر لليهود، فعملوا على نشر الشجرة وتقطيعها، حتى قطعوا زكريا في داخلها، ولكن لا يوجد دليل ثابت على ذلك.
ما هي مهن الأنبياء
كان لك نبي مهنته الخاصة به، حيث أن العمل والجد والاجتهاد هي من الصفات النبيلة والمقدرة، لكسب قوت اليوم وعدم الحاجة لأحد ويمكن عرض مهن الأنبياء على النحو التالي:
الأنبياء الذين رعو الغنم
هناك العديد من الأنبياء الذين قاموا برعى الغنم ومنهم:
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برعي الغنم، وذلك كان في بداية حياته، وكان يعمل برفقة عمه أبي طالب.
وكانت الحكمة من رعى الغنم للكثير من الأنبياء، وذلك قبل النبوة، حيث كان ذلك يعتبر تدريب لما سوف يكلفهم به الله -سبحانه- وتعالى، وكان ذلك يعتبر من الشفقة والرحمة والصبر عندما يقومون برعي الغنم.
وكان تشتبه الغنم بتغير عقول الناس، وتنوعها حيث أن الغنم أضعف من غيرها، كما من السهل أن يقوم أحد بيقادتها، وكسب الشخص من تعبه وعرق جبينه.
يدل ذلك على تواضع الأنبياء، وأتخاذهم قدوة لنا.
سيدنا موسى عليه السلام: حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُعِثَ موسَى وهوَ راعي غنَم)، وتم ذكر ذلك في القرآن الكريم، أن سيدنا موسى عليه السلام كان يرعى الغنم لمدة سنوات عديدة، وكان يرعاها عند العبد الصالح وذلك مقابل أن يزوجه ابنته.
سيدنا شعيب عليه السلام: جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أن سيدنا شعيب -عليه السلام- كان يعمل راعي غنم.
الأنبياء الذين عملوا بالتجارة
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: عمل سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد عمله كراعي غنم، عمل بالتجارة، وذلك بعد أن طلب من عمه أبي طالب أن يأخذه معه في تجارته إلى بلاد الشام، حينما كان في سن الثانية عشر من عمره، وفي هذه التجارة التقوا بالهراب بحيرا الذي قام بإخبار أبي طالب أن سينا محمد -صلى الله عليه وسلم- سوف يكون له مكانة عظيمة، وكانت رحلته الثانية إلى بلاد الشام في تجارة للسيدة خديجة رضي الله عنها، وذلك كان مع غلامها ميسرة.
سيدنا موسى عليه السلام: كان سيدنا موسى -عليه السلام- يعمل بالتجارة بجانب عمله كراعي غنم، وهذا يدل على تقدير الأنبياء للعمل، وكان سيدنا موسى يعمل بالكتابة، حيث كان يكتب التوراة بيده.
الأنبياء الذين عملوا بالأشغل الصناعية والحرفية
سيدنا نوح عليه السلام: كان يعمل سيدنا نوح بالنجارة، حيث عمل على صناعة سفينته حيث قال الله تعالى: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ* وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ).
إبراهيم ولوط عليهما السلام: جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن كلا من سيدنا إبراهيم، وسيدن لوط كانا يعملان في الزراعة، وكان سيدنا إبراهيم -عليه السلام- يعمل في البناء، حيث قام ببناء الكعبة مع سيدنا إسماعيل -عليه السلام- حيث قال الله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
سيدنا داود عليه السلام: كان سيدنا داود -عليه السلام- كان يعمل حداداً حيث قال الله -سبحانه- وتعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وكان يقوم بصناعة الدروع التي كانوا يستخدمونها في الحروب، وكان من خلال هذا العمل ينفق على نفسه وأهله ويتصدق منها، حيث قال الله -سبحانه- وتعالى: (وَعَلَّمناهُ صَنعَةَ لَبوسٍ لَكُم).
خصه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (ما أكَلَ أحَدٌ طَعامًا قَطُّ، خَيْرًا مِن أنْ يَأْكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِيَّ اللَّهِ داوُدَ عليه السَّلامُ، كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ)، حيث خصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر على الرغم من أن العديد من الأنبياء كانوا يعملون، ولكن سيدنا دواود كان ملكاً، ونبياً وصانعاً في الوقت ذاته.