في المقال التالي نعرض لكم قصة النبي ايوب عليه السلام مختصرة جدا ، بالإضافة إلى عرض أهم العبر والمواعظ التي نتعلمها من تلك القصة، فقد ذكر الله عز وجل في كتاب القرآن الكريم الكثير من القصص التي نتعلم منها العبر والمواعظ، مثل قصص الأنبياء التي تقوي الإيمان في القلوب، فقد قال المولى سبحانه وتعالى في كتابه “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”، ولهذا سنعرض لكم من خلال فقرات موسوعة التالية قصة من أجمل قصص الأنبياء، وهي لنبي الله أيوب عليه السلام.
ينزل الله عز وجل الابتلاءات على عباده، ليبين المؤمن والصادق، من المنافق ضعيف الإيمان، فإن الابتلاء هو اختبار من المولى عز وجل، وذلك لأنه قال في كتابه الكريم “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ”، فيُصاب المؤمن ويمر بالمحن بقدر الإيمان الكامن في قلبه، وقد كان الأنبياء والرسل من أكثر الناس الذي ينزل الله عليهم المحن ليمتحن قوة إيمانهم وصبرهم، وقد كانت لنا في قصة سيدنا أيوب عبرة وموعظة وقدوة حسنة، نتعلم منها قوة الإيمان بأقدار الله عز وجل، والتوكل عليه في خير الأمور وشرها.
كان نبي الله يعقوب عليه السلام ثرياً وذو سلطان، ويمتلك الأراضي الواسعة الكبيرة، وأنواع المواشي والأغنام المختلفة، ولكنه نزل عليه ابتلاء فقدان الأموال والمرض، فقد عانى من الفقر، وأصاب المرض جميع أعضاء وأطراف جسده، ما عدا القلب واللسان، فلم يصبهم المرض، وذلك لأنه كان يذكر الله عز وجل في كل وقت وحين، وحين مرض يعقوب عليه السلام، ابتعد عنه كل الناس الذين يعرفونه واجتنبوه، إلا زوجته هي التي ظلت بقربه في وقت مرضه وفقره، وعاشت ترعاه وتهتم بأمره، فأحسنت رعايته وحافظت على جميع حقوقه، فكانت تخرج للعمل لجني الأموال، وتعود بالطعام والغذاء إلى زوجها المريض، فكانت زوجته أعظم مثال للزوجة المخلصة والوفية.
ومع مرور الوقت بدأ الناس يرفضون عمل زوجة يعقوب عندهم، لخوفهم من انتقال المرض إليهم، فلم تجد سبيلاً لإطعام زوجها، حتى ذهبت إلى بيت أحد الأشراف، وقصت واحدة من ضفائر شعرها، وقامت ببيعها لهم مقابل الطعام لزوجها، وفي مرة أخرى قامت بيع الضفيرة الأخرى للحصول على الطعام، فسألها يعقوب عليه السلام من أين يأتي هذا الغذاء، فكشفت زوجته عن رأسها ليعلم أنها باعت شعرها في مقابل جلب الغذاء له، فدعا يعقوب ربه وقال “أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”.
فاستجاب الرحمن لدعائه، وأمره الله عز وجل بأن يقوم بضرب قدمه في الأرض، فقد قال المولى عز وجل في كتابه “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ”، فقام سيدنا يعقوب بضرب قدمه في الأرض، حتى انفرجت في الأرض عين تخرج منها مياه بارده، فاغتسل النبي عليه السلام من تلك المياه وشرب منها، حتى شُفي من جميع الأمراض التي أصابت جسده، ليبدله الله عز وجل بالصحة والرزق والأموال، جزاءً لما صبر واحتسب، فقد قال الله عز وجل في كتابه “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ “.