تتعدد الأمور الدنيوية التي يحتاج الإنسان إلى استخارة ربه فيها حتى يعينه على اتخاذ القرار السليم وما هو فيه خيرًا له.
وكما سبق وأن ذكرنا؛ فالزواج أمر دنيوي هام يحتاج فيه الإنسان إلى التفكير جيدًا قبل أن يختار شريك حياته.
والكثير من الشباب والفتيات تنتابهم الحيرة الشديدة عند الإقدام على تلك الخطوة خشية الإخفاق فيها.
وعندما يُقدم أحد الشباب على خطبة إحدى الفتيات وكان متحيرًا من أمره؛ فمن الأفضل أن يصلي صلاة استخارة حتى يدله الله على ما هو فيه الخير له سواء المضي قدمًا في هذا الأمر أو صرف النظر عنه.
والعكس صحيح؛ فإذا جاء لإحدى الفتيات خاطبًا يطلب الزواج منها وكانت تشعر بتخبط وحيرة في قبول طلبه أو رفضه فهي تلجأ إلى استخارة ربها لإرشادها للقرار الصحيح.
وتُعد صلاة الاستخارة من السُنن النبوية، فقد روى البخاري عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ““اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ”.
كما رُوي عن عَنْ جَابِرٍ وعن سعد بن أبي وقاص أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال:”من سعادة ابن آدم استخارة الله، ومن سعادة بني آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله”.
ولا يُشترط عند أداء صلاة الاستخارة سوى أن يكون العبد منزهًا من أي ميل قلبي لأي أمر يتحير فيه، فيتوضأ ويصلي ركعتين ثم يقول دعاء الاستخارة.
دعاء الاستخارة للخطوبة من شخص معين
لا يختلف دعاء الاستخارة للزواج أو الخطوبة من شخص معين للمقبلين عن الزواج عن الدعاء الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي كان يعلمه لأصحابه وهو كالتالي:
إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هذا الأمْرَ – ثُمَّ تُسَمِّيهِ بعَيْنِهِ – خَيْرًا لي في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – قالَ: أوْ في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، اللَّهُمَّ وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّه شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثُمَّ رَضِّنِي بهِ”.
صلاة الاستخارة للمقبلين على الزواج
أما عن كيفية أداء صلاة الاستخارة للمقبلين على الزواج أو للمتحيرين في أي أمر من أمور الدنيا فهي تشترط النية أولًا، وألا يكون هناك ميل قلبي لأمر عن الآخر، وتتم صلاة الاستخارة من خلال اتباع الآتي:
أن يذهب المسلم ليتوضأ لأداء الصلاة، وأن ينوي الصلاة سواء سرًا أو جهرًا.
أن يصلي المسلم ركعتين بخلاف الفروض، تنفيذًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ”.
في الركعة الأولى يقرأ المسلم الفاتحة ثم يقرأ سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية يقرأ المسلم الفاتحة ثم يقرأ سورة الإخلاص.
بعد انتهاء المسلم من أداء الركعتين يقول دعاء الاستخارة الذي تم ذكره في الفقرة السابقة، وإن كان يشق عليه حفظه فيمكن أن يقرأه.
ثم يسلم ويثني على الله عز وجل ويصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يدعي الله أن يهديه لما هو فيه خيرًا له، فييسر له الخير ويصرف عنه الشر، ثم يصلي على سيدنا محُمد عليه الصلاة والسلام.
وعلى العبد المتحير في أمره أن يتقين تمام اليقين أن الله سبحانه وتعالى لن يقدر له سوى الخير، وأن ما سيصرفه عنه هو الشر حتى وإن بدا له غير ذلك في بادئ الأمر.
دعاء الاستخارة للزواج بدون صلاة
يتساءل الكثير عن مدى جواز قول دعاء الاستخارة في أي أمر من أمور الدنيا ولكن دون صلاة.
فقد تطرأ بعض الظروف التي تمنع العبد من أداء الصلاة، مثل الحيض أو النفاس عند السيدات، أو لوجود ظرف يمنع أداء تلك الصلاة.
ويمكن أن يعجز العبد عن أداء صلاة الاستخارة إذا كان متعجلًا في أمره ويرغب في اتخاذ قرارًا فيه في أسرع وقت.
ولقد أجاز العلماء والفقهاء قول دعاء الاستخارة دون أداء ركعتي الصلاة إذا كان هناك مانعًا من الموانع السابق ذكرها.
فمن رحمة الله سبحانه وتعالى على عباده أنه لم يقصر اللجوء إليه وطلب العون منه على المتطهرين منهم فقط، فقد أجاز ذلك لجميع خلقه في مختلف أوقاتهم وظروفهم.
أوقات صلاة الاستخارة للزواج
وحول الأوقات التي تتم تأدية صلاة الاستخارة فيها فيمكن تأديتها في أي وقت عدا أوقات الكراهة التي يُنهى فيها المسلم عن أداء الصلاة وهي ما بعد الفجر وبعد العصر وعند شروق الشمس وعند غروب الشمس.
ومن الأفضل تأدية صلاة الاستخارة خلال الثلث الأخير من الليل، وهو وقت النزول الإلهي الذي يستمع فيه الله سبحانه وتعالى لأدعية عباده ويستجيب لها.
علامات صلاة الاستخارة في الزواج
من الاعتقادات الشائعة أن علامات صلاة الاستخارة سواء في الزواج أو في أي أمر آخر تظهر في المنام على هيئة حلم يبشر أو ينذر صاحبه من هذا الأمر الذي استخار الله فيه.
ولكن ليس هناك أي دليل في القرآن الكريم أو السُنة النبوية حول صحة هذا الأمر.
وما يمكن الاستدلال منه على علامات صلاة الاستخارة هو مدى تيسير الأمر المُستخار فيه أو تعقيده.
فإذا قدّر الله عز وجل الخير للإنسان في هذا الأمر؛ سيجد الإنسان تيسيرًا كبيرًا فيه، كما سيجد أنه مقبلًا عليه إقبالًا شديدًا، وأنه لم يعد مترددًا فيه كما كان يشعر من قبل.
وإذا أراد الله عز وجل أن يصرف هذا الأمر عن الإنسان لما يحمله له من شر؛ فسيجد الإنسان تعقيدًا شديدًا فيه وأنه لا يتم بسهولة، مما سيجعله يصرف قلبه وعقله عنه.
وحول إمكانية تكرار صلاة الاستخارة إذا لم يشعر الإنسان براحة أو نفور من أمره؛ فقد أجاز ذلك الشافعية والمالكية والحنفية، بأنه يمكن للعبد تكرار صلاة استخارته حتى 7 مرات حتى تنتهي حيرته.
وإذا كرر الإنسان استخارته وظل في نفس حيرته؛ فعليه أن يتوكل على الله عز وجل ويختار ما يميل له عقله.
حكم الاستخارة للزواج من شخص لم يتقدم للخطبة
تتساءل بعض الفتيات حول حكم أداء صلاة الاستخارة للزواج من شخص لم يتقدم للخطبة.
ولقد أشار العلماء والفقهاء إلى جواز أداء صلاة الاستخارة على شخص متقدم للخطبة، أما إذ لم يتقدم هذا الشخص للخطبة فلا وجه للاستخارة في الزواج منه.
والحالة الوحيدة التي يمكن أن تستخير فيها الفتاة ربها للزواج من شخص لم يتقدم هي رغبتها في عرض نفسها عليه للزواج، وهذا جائز إذا كان هذا الشخص ذو دين وخُلق.