تأثير فراق و موت الأب على الأبناء ، الأب وما أجمل هذه الكلمة هي كلمة من حرفين لكن معناها كبير جدا ولا أحد يفهم دور الأب الكبير في حمايته أولاده وعندما يموت الأب تحدث لهم فاجعة كبيرة لأولاده وأهله وعندما يموت الأب يموت معه الأمان والحنان والسند والظهر وتموت السعادة وتموت الحياة كلها فموت الأب من أكبر المصائب التي تحدث في هذه الحياة فالحياة لا ترحم أحد وإذا أصحبت بلا أب تصبح تائه في هذه الحياة .
في هذه الوقت يكون ألم فقدان الأب فوق الاحتمال لا يستطيع أحد تصديق ما يحدث ففي تلك الوقت نحتاج أن ننكر لبعض فترة من الزمن أن الأب قد مات وفارقنا حتى تقدر أن نستطيع أن نكمل حياتنا بعد فقدان الأب فالحياة بعد موت الأب تكون بلا معني ولا فائدة وتظهر لنا الحياة بوشوش مرعبة ومريعة ونجد أنفسنا أننا فقدنا الطريق الصحيح ، ولا نستطيع السير مرة أخرى ثم يأتي الإحساس بالإنكار ليعمل علي مساعدتنا في تلك الفترة علي عبور وتخطي تلك المرحلة القاسية حيث يسمح لنا بأن نخرج المشاعر المؤلمة القاتلة التي لا نستطيع تحملها لكن هذا لا يدل علي أن مشاعر الحزن الشديد والغضب علي موت الأب و مازالت طاقة المشاعر الرهيبة الكبيرة موجودة لكن كل هذه المشاعر تختفي وراء الإنكار والخوف من أحساس موت الأب ومع مرور الوقت يقل الإنكار وكلما ظهرت هذه المشاعر بكل عنفوانها وقسوتها وحزنها لكن تظهر تلك المشاعر في الوقت الذي أصبحت فيه أنت أقوي .
بعد الشعور بالإنكار يأتي الغضب والشعور بالغضب يأتي بعدة الكثير من المشاعر ومن أكثرها أهمية هو الألم الرهيب من فقدان الأب التي لا يمكن استحماله وفي بداية الأمر يكون أحساس الغضب غير محدد ويكون أحساس الغضب من كل شيء ومن كل أحد وكلما سمحت لك نفسك أن تغضب أو تظهر مشاعر الغضب والحزن وكلما عرب عن هذا الغضب بالقول أو الفعل هذا كله يساعد علي التعافي من هذا الشعور والغضب ليس له حدود معينة ويمكن أن يوجه لأي أحد من المحيطين ( وهذا ما قد يفسر غضبك من أمك أو من اهلك ) كما يكمن أن نشعر أيضا ببعض السوء من اتجاه الله عز وجل لأنه حرمنا من والدنا لكن نستغفر الله ونصبر علي ما أصابنا .
في تلك المرحلة نغرق كثيرا في سؤال ماذا لو؟ وماذا لو قد قدرنا اكتشاف المرض مبكرا ؟ ماذا لو كنا أكثر اهتماما ورعاية له ؟ ماذا لو لم أفعل أي شيء يحزنه أو يغضبه ؟ ماذا لو كان هذا كابوس سيئ جدا وأستطيع الاستيقاظ منه ، ماذا لو كان يكمن أن نرجع بالزمان للوراء ؟ أسئلة كثيرة جدا لا تنتهي ولا نقدر أن نفعل شيء وماذا كان يمكن أن نفعل لنتفادى هذه النهاية المؤلمة الصعبة ؟ وتتصاعد مع هذه التساؤلات ومشاعر الحزن والإحساس بالذنب .
بعد مرحلة التفاوض نرجع إلي الواقع المؤلم ونشعر بالخواء والحزن القاتل وتقوم المشاعر بالتسلل داخلنا لتفقدنا حياتنا بشكل كبير وعميق وأكثر عمقا مما أحد أن يتخيل ونشعر أن في تلك المرحلة أنها ستستمر إلي أخر الحياة إلي مالا نهاية ومن الضروري أن نعرف أن هذا الاكتئاب لا يدل علي حدوث مرض نفسي لكن أنه بسبب تفاعل طبيعي لفقد شيء ذو قيمة كبيرة وهو الأب وتتطور المرحلة وننعزل من الحياة تماما مع الشعور القاتل بالحزن المروع ولا تريد أن تكلم أحد ولا تري أحد تريد العزلة فقط وما تشعر به هو أمر طبيعي من الاكتئاب اقبله ولا ترفضه ولا تتعجل من الخروج منه ففقد شخص عزيز مثل الأب و فاجعة كبيرة جدا ومن الطبيعي أن تمر بمرحله اكتئاب وعدم الشعور بالاكتئاب هو غير طبيعي فعندما تتركز المشاعر الفقد غي الروح وعندما تتأكد أن الشخص المحبوب لك وهو والدك لن يعود مرة أخري وحدوث الاكتئاب هو شعور طبيعي وإذا كان مرحلة التعافي بعد فقد الأحبة يكون من خلال المرور بمراحل فقدان المختلفة فيمكننا القول إن الاكتئاب مرحلة مهمة جدا من مراحل التعافي ونحتاج إلي أن نعيشها ونقبلها بما يحد ث فيها من ألم وحزن كبير يكون فقط هو الطريق لعبور أزمة الفقد ولكنة هو الطريق الصحيح للنضج الحقيقي أو كما نسميه ( الألم الشريف الشافي ) .
وأخيرا تأتي مرحلة القبول الذي يعني أن لا شيء سيعود كما كان في الماضي وأننا سوف نتعود علي ألم فقدان الأب وأننا أصبحنا أكثر قبولا للحقيقة ونصبح أكثر قبولا لفكرة استمرار الحياة بعد وفاة الأب ونسمح لأنفسنا أن نحيا حياة وأوقات سعيدة .
أبي أرجو أن تعود لي ليوم واحد أبي أنت وحدك تعلم شوقي أليك وبكائي ليلا لرؤيتك أبي أنت تعلم وحدك أني أتنفس وجعا علي فراقك يا أعز من روحي يا (أبي ).