نتعرف اليوم على ما هو مفهوم اقتصاد الريع ، حيث ينقسم الاقتصاد من حيث مصادره إلى اقتصاد إنتاجي، واقتصاد ريعي، يعتمد الأول على الإنتاجية التي تقدمها الدولة، والثاني على استغلال الموارد الطبيعية التي تتمتع بها، دون أي عمليات اقتصادية أخرى تُذكر للنهوض بالدولة، وعبر المقال التالي من موسوعة نتعرف على الاقتصاد الريعي والفرق بينه وبين الإنتاجي، كما نتعرف على سلبياته فتابعونا.
ما هو مفهوم اقتصاد الريع
تنوعت تعريفات اقتصاد الريع التي وضعها له علماء الاقتصاد، وهي تخصصات أكاديمية لا يفيد الخوض فيها، لكن نعرّفه بشكل مبسّط، وهو عبارة عن اعتماد اقتصاد الدولة على الثروات الطبيعية الموجودة بها، والتي تشمل أشياء عديدة، كالبترول والغاز الطبيعي، والمعادن التي توجد في باطن الأرض. فالدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي لا يكون لديها اقتصاد حقيقي يمكن الاعتماد عليه في تطوير الدولة، وتنميتها وضمان استمرار التنمية للأجيال القادمة. فالثروات الطبيعية وخاصة غير المتجددة منها إذا نفدت سينهار اقتصاد هذه الدولة تمامًا حيث لا يوجد بها إنتاج حقيقي يُعتمد عليه ناتج عن الأنشطة الاقتصادية.
الفرق بين الريع والربح
على الرغم من أن هناك تشابهًا بين الريع والربح يتمثل في استغلال الموارد للحصول على المال، غير أن هناك العديد من الفروق بينهما تتمثل هذه الفروق فيما يلي:
الريع يعتمد على الحصول على المال دون جهد. بينما الربح يتم فيه الحصول على المال بعد بذل الجهد.
يعتمد الربح على استغلال الموارد في تكوين رأس مال يتم استثماره وتنميته بعد ذلك، بينما الريع يعتمد على المورد الطبيعي الذي يملكه والنسبة التي يتحصّل عليها من استغلاله دون أي تنمية.
الدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي ينتشر فيها السلوك الاستهلاكي، وهو من السلوكيات غير المفيدة، بينما الدول التي تعتمد على الاقتصاد الربحي تتميز بالنمط الإنتاجي الذي يغلب على أفراد شعوبها.
اعتماد الدول على الاقتصاد الريعي في بعض الأحيان يتسبب في وضع أعباء اقتصادية على كاهل المواطنين، في حين أن نمط الاقتصاد الربحي يساهم في تنمية الأفراد وتحسين مستوى معيشتهم بشكل كبير.
سلبيات الاقتصاد الريعي
هناك العديد من السلبيات التي رصدها المتخصصون في العلوم الاقتصادية، وهذه السلبيات تؤثر على الأفراد، كما تؤثر بشكل كبير على الدول ككل. ومن أبرز السلبيات لنظام الاقتصاد الريعي ما يلي:
يغيب مفهوم العدالة الاجتماعية عن الدول التي تعتمد في اقتصادها على الريع، وذلك لأن ناتج استغلال الثروات لا يتم توزيعه بشكل جيد على المواطنين، وإنما ينقسم المجتمع إلى شرائح متباينة بين الرفاهية الكبيرة، والفقر المدقع.
يتسبب الاقتصاد الريعي في اعتماد المواطنين على النمط الاستهلاكي في معيشتهم، ونتيجة لعدم وجود أنشطة اقتصادية إنتاجية في الدولة ويعتمدون في استهلاكهم على المنتجات المستوردة، وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين.
يتسبب الاقتصاد الريعي في حدوث الصراعات السياسية بين الأفراد الذين يتقلدون الحكم في الدولة والذين يسعون للإطاحة بهم والجلوس مكانهم حتى يحصلوا هم على الثروة القومية.
الدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي لا هتم بالجوانب الاجتماعية والثقافية للأفراد، فيُلاحظ فيها وجود إهمال كبير لقطاعي التعليم والصحة، وهما القطاعان الاجتماعيان المؤثران بشكل كبير جدًا على ثقافة الأفراد وصحتهم البدنية والنفسية، وبالتالي قدرتهم على العمل.
الدول الريعية غالبًا ما تكون دولًا ديكتاتورية ولا تسمح بوجود الديمقراطية في العمل السياسي، مما يخلق جوًا من الكبت والغضب الداخلي في نفوس الأفراد.
أهم السلبيات التي تحيط باقتصاد الريع أنه يؤسس لروح الاتكالية، والنفاق، والوصولية، فالأشخاص الذين يستطيعون الوصول إلى الطبقة المتحكمة في تقسيم الريع هم القادرون على الاستفادة بشكل كبير من هذه الثروات. كما أنها تُهدر قيم مهمة جدًا، كالتعليم والكفاءة، وغيرها من المعايير العامة للتفضيل بين الأشخاص وتعتمد بدلا عن ذلك على صفات سيئة.
وبهذا نكون قد تعرفنا بشكل مبسّط على الاقتصاد الريعي، ومفهومه، وأهم مساوئه، وفي النهاية نقول أن الريع هو جزء لا يتجزأ من اقتصاد الدول، ولكن لا ينبغي على الدولة أن تعتمد عليه بشكل كامل، كما أن الاعتماد على الاقتصاد الريعي بات من أنماط الدولة الكلاسيكية، حيث تتجه الدول الحديثة إلى الاقتصاد الإنتاجي الذي يساهم في تعزيز قيمة الفرد والدولة.