أحدث قرار المجلس الاحتياطي في الفيدرالية الأمريكية ضجة واسعة بين كافة دول العالم، والكثير منا لا يعرف حجم الإيجابيات، أو السلبيات الناتجة عن هذا القرار، حيث حددت الفيدرالية زيادة سعر الفائدة بنسبة تصل إلى 0.5، لذلك نحن نقدم لك عزيزي القارئ تحليلًا اقتصاديًا دقيقًا لهذا الوضع الاقتصادي الشائل الذي – لا شك – سيؤثر على العالم أجمع.
يقاس تأثير الفائدة على النمو الاقتصادي على أساس القرار الذي يتخذه البنك المركزي، بمعنى أنه في حالة ارتفاع سعر الفائدة، فسيؤدي ذلك إلى حدوث بعض الركود في النمو الاقتصادي.
أما إذا قل سعر الفائدة بحسب البنك المركزي، فإن ذلك سيترتب عليه إنعاش الاقتصاد، ورفع معدل الطلب، وبالتالي زيادة النشاط الاقتصادي.
وإذا أردنا توضيح الصورة بصورة أكبر للعامة، فإننا نقصد أن زيادة سعر الفائدة سينتج عنه خفض أسعار السلع، والمنتجات بشكل كبير.
ولكن في حالة انخفاض معدل سعر الفائدة؛ فسينعكس ذلك على أسعار السوق، حيث ستشهد الأسواق ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المنتجات بوجه عام.
كل ذلك يتعلق بالقرار الذي سيقره البنك المركزي، وعلى هذا الأساس سنستطيع حينها دراسة الوضع الاقتصادي المتوقع بشكل أدق، ونتمكن من تحديد معدل التضخم.
مفهوم سعر الفائدة
نستعرض مفهوم سعر الفائدة بشكل مبسط من خلال ما يلي:
يقصد بسعر الفائدة السعر الذي تم تحديده من قبل البنك المركزي، ويقوم بدفعه من خلال إيداعات البنوك التجارية، ويشمل جميع الاستثمارات باختلاف مدتها الزمنية سواء كانت لمدة يوم واحد، أو شهر، أو أكثر.
تلتزم البنوك التجارية بسعر الفائدة الخاصة بالبنك المركزي، ويمكن سعر الفائدة البنك المركزي من السيطرة على عرض النقد في التداول عن طريق إحداث تغيير في هذا السعر سواء بالصعود، أو الهبوط.
يمثل سعر الفائدة العائد الذي يحصل عليه المستثمر من قبل البنك التجاري، ويكون نتيجة تنازله عن التصرف في أمواله لفترة زمنية معينة.
يتم تحديد سعر الفائدة على أساس معدل العرض، والطلب، بمعنى أنه إذ زاد الطلب على المعروض المتمثلة في الأموال، فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع سعر الفائدة.
ينتج عن النمو الاقتصادي، وزيادة النشاط الاقتصادي حدوث زيادة في معدل سعر الفائدة، ويرجع السبب في ذلك إلى زيادة معدل الإنتاج، وبالتالي زيادة الطلب على رؤوس الأموال.
تأثير رفع سعر الفائدة على الدولار
هناك علاقة وثيقة بين سعر الفائدة، وسعر الدولار الأمريكي، وهذا ما نتناوله بشكل مفصل خلال النقاط التالية:
يوجد صلة بين ارتفاع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، وبين زيادة أسعار الفائدة في كافة جوانب الاقتصاد، حيث يعمل العائد المرتفع على زيادة حجم الاستثمارات الخارجية.
يصبح الدولار أكثر قوة، وذلك نتيجة قدوم المستثمرين الأجانب، وبيع استثماراتهم بعملاتهم المحلية، حتى يتمكنوا من الاستفادة من استثمارات أخرى تتعامل بالدولار الأمريكي.
وحينما تزيد قيمة الدولار الأمريكي فإن الدول الأخرى ستتجه للاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية، مما ينتج عنه ضخ رؤوس أموال ضخمة، وبالتالي قوة الدولار الأمريكي بصورة ملحوظة.
ماذا يعني رفع الفائدة الأمريكية
نجيب عن هذا السؤال الشائع من خلال النقاط التالية:
صرح البنك المركزي يوم الأربعاء الماضي عن زيادة معدل سعر الفائدة بنسبة كبيرة، حيث لم يقرر تلك النسبة منذ أكثر من عقدين.
يبلغ معدل سعر الفائدة بحسب ما أعلن عنه مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الآونة الأخيرة نحو نصف نقطة مئوية، ويستهدف البنك المركزي بذلك التحكم في زيادة الأسعار، وخفض معدل التضخم.
يقدر معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو ثمانية، ونصف بالمائة في شهر مارس الماضي، وكان ذلك أعلى معدل سنوي في تاريخها منذ عام 1981 ميلادي.
أشار الكثير من رجال الاقتصاد أن ردة فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد جاءت متأخرة، حيث إن الولايات المتحدة منذ مدة تعاني من تفاقم الوضع الاقتصادي، وارتفاع أسعار الغذاء، والطاقة على حد سواء.
أوضح المحللون الاقتصاديون حول العالم أن أزمة الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة عدة عوامل، أبرزها انتشار جائحة كورونا، ونقص الإمدادات.
أضف إلى ذلك إعلان روسيا الحرب على أوكرانيا، وبالتالي أثرت تأثيرًا سلبيًا على أسواق الطاقة لديها، كما أن الحكومة الأمريكية أنفقت أموال طائلة منذ تفشي جائحة كورونا.
أضرار رفع سعر الفائدة
نقدم لك عزيزي القارئ أبرز الأضرار، والسلبيات الناتجة عن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة من خلال ما يلي:
يترتب على هذا القرار حدوث عزوف ملحوظ عن الاقتراض، وإقبالًا واسعًا على إيداع الأموال، وسينعكس ذلك على النمو الاقتصادي بالسلب، حيث تنخفض حركة الاستثمارات، ويقل الإنفاق.
الجدير بالذكر أن أكثر القطاعات التي ستتأثر سلبًا نتيجة رفع سعر الفائدة هما: قطاع التوظيف، والإنتاج، بالإضافة إلى انتشار البطالة، وضعف القوة الشرائية.
لعل أكثر القطاعات المستفيدة من ازدياد معدل سعر الفائدة هم البنوك، أضف إلى ذلك الشركات، والمؤسسات التي تختص في مجال السياحة، وتقديم الخدمات.
سيشهد قطاع الطاقة ارتفاعًا كبيرًا في سعر الوقود، وستزيد البنوك من قيمة الخدمات المصرفية التي تقدمها لعملائها أهمها خدمة القروض.