من الطبيعي والوارد جدا أن يصاب أي شخص بالخوف أو القلق نتيجة لتعرضه لأي موقف في حياته، فعلي سبيل المثال في حالة ما إذا كان عندي امتحان في صباح الغد، فمن الطبيعي أن أشعر بالقلق والتوتر والرهبة قليلا، إلا أنه ليس من الطبيعي أن أقلق تجاه أي موقف اجتماعي قد اتعرض له، وخصوصا لو كان هذا الموقف مكرر أو هو موقف يومي، ولهذا فيجب علينا معرفة ماهية الرهاب الاجتماعي تحديدا والتوغل في تفاصيله.
فالرهاب الاجتماعي أو كما يعرف أيضا باسم القلق الاجتماعي، هو عبارة عن حالة مزمنة من الخوف الشديد وحالة من الهلع تصيب الفرد أثناء مخالطته وانخراطه بأقرانه والمجتمع، والجدير بالذكر هو أن هذه الحالة المزمنة من الخوف والهلع ناتجة عن خوف الفرد من تعرضه للخضوع لأي أحكام أو نظرات أو حتي انتقادات سلبية من المجتمع، والخوف الشديد والهلع من إمكانيه الشعور بالرفض.
أعراض الرهاب الاجتماعي
تتواجد العديد من العلامات التي من شأنها أن تشير إلى أن الفرد يعاني من مشاكل الرهاب الاجتماعي، فعلي الرغم من كافة الصفات التي قد ذكرناها سلفا، إلا أن القلق أو عدم الشعور بالراحة أو القلق من بعض المواقف لا يعد مؤشرا لإصابة الفرد بالرهاب الاجتماعي، وتحديدا لدي الأطفال، خصوصا لاختلاف الشخصيات الذاتية للأفراد، فهناك من هم منفتحون واجتماعيون والبعض منهم يكون متحفظ، وبناءا علي هذا فسنقوم فيما يلي سرده بتوضيح أبرز الصفات التي من شأنها الدلالة علي الرهاب الاجتماعي.
الخوف الشديد والقلق من أي موقف قد يعرض الفرد للتعرض للحكم عليه، وخصوصا لو أمكن أن يكون الحكم سلبيا.
القلق المزمن من التعرض للإخفاق أو الإهانة والإحراج.
بالإضافة إلى الخوف الزائد من فكرة التعامل مع أشخاص غرباء.
علاوة عن كون أن مريض الرهاب الاجتماعي، يقلق بكثرة وبشكل محدد من أن يظهر عليه بأنه قلق أو أن يعرف من حوله بأنه قلق.
كما أن مريض الرهاب الاجتماعي، يقلق من أن تظهر عليه أي أعراض جسدية قد تكون محل أنظار المحيطين به، كاحمرار وجهه أو إصابته بالعرق أو الارتجاف في الصوت.
زيادة عن كون أنه يخاف وبشدة من أن يقوم بفعل أي شيء لمن حوله حتى لا يصاب بأي إحراج.
حتى أن مصاب الرهاب الاجتماعي يلجأ إلى الهروب من أي موقف قد يعرضه لأن يكون هو محور الاهتمام أو الحوار.
ومن الجدير بالتوضيح هو أنه فيما يتعلق بالأطفال، فإن خوفهم وقلقهم الاجتماعي مع أقرانهم أو المجتمع، قد يظهر في صورة نوبات الغضب والبكاء أو التشبث بالوالدين، بل وحتى من الممكن أن يكون عبارة عن رفضهم للتكلم أمام أحد، وأيضا تتواجد العديد من الأعراض الجسدية التي من شأنها أن تشير إلى تواجد مشكلة الرهاب الاجتماعي، والتي قد تتواجد بنسبة أكبر لدى البالغين، وتتمثل هذه الأغراض فيما يلي.
احمرار الوجه.
الارتجاف، سواء كانت رعشة في اليدين أو الصوت.
زيادة معدل ضربات القلب.
التعرق الشديد.
تواجد صعوبة ومشكلة في التنفس.
الدوخة والتوتر العضلي.
الإصابة باضطرابات المعدة.
أسباب الرهاب الاجتماعي
تتواجد العديد من العوامل التي من شأنها أن توصل المرء إلى الإصابة بمرض الرهاب الاجتماعي، خصوصا وأن علماء النفس قد أشاروا إلى أنه في الأغلب يعد مرض الرهاب الاجتماعي كغيره من الأمراض النفسية أو العقلية، يعود سببه إلى تواجد تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والبيئية، وفيما يلي سنتعرف سويا على أبرز الأسباب المتعلقة بالإصابة بالرهاب الاجتماعي.
من المنتشر بكثرة أن تكون العوامل الوراثية هي السبب الرئيسي في إصابة الفرض بمرض كالقلق الاجتماعي، إلا أنه على الرغم من ذلك، فليس من المعروف أو الممكن أن يصل إليه حجم العوامل الوراثية وحكم السلوكيات المكتسبة ناتجة منها.
بالإضافة إلى أحد أبنية الدماغ، والتي تعرف باسم “اللوزة” والتي تشتمل على دور كبير جدا في عملية التحكم والاستجابة لشعور الخوف والقلق والتوتر، وفي حالة لو كان الفرد يعاني من تواجد اللوزة المفرطة النشاط، ففي هذه الحالة سيعاني من استجابات عالية وقوية للخوف، ومما يؤول إلى معاناته من القلق والتوتر الخوف بشكل زائد وتحديدا في المواقف الاجتماعية.
علاوة عن البيئة المحيطة بالفرد، حيث أن الفرد قد يصاب بالرهاب الاجتماعي نتيجة للسلوكيات المكتسبة من البيئة المحيطة به، فيمكن للمرء أن يصاب بالهلع أو بالخوف الشديد من المواقف الاجتماعي، وذلك نتيجة لموقف سيئ أو محرج قد حصل له، ومن الواجب ذكره هو أنه في العديد من الأحيان يتواجد رابط قوي بين الرهاب الاجتماعي وبين الآباء، خصوصا لو كانت تظهر عليهم علامات القلق والخوف من المواقف الاجتماعية، كالتسلط علي أولادهم بحجة حمايتهم.
زيادة عن كون أن ارتفاع مستوى الناقلات العصبية عن حدها يؤدي للإصابة بالرهاب الاجتماعي، وذلك مقل ارتفاع في مستويات السيروتونين أو الغلوتامين، أو تواجد زيادة في نشاط العديد من الدوائر العصبية للدماغ.
علاج الرهاب الاجتماعي
كما هو معروف فإن الله لا يخلق الداء إلا ومعه الدواء، أي أنه يتواجد حل وعلاج لمشكلة الرهاب والقلق الاجتماعي، والجدير بالذكر هو أنه يتواجد أكثر من حل أو طريقة للتخلص من هذه المشكلة، حيث أنه يتواجد الحل النفسي والحل الدوائي، وفيما يلي سنتعرف على كلا من الحلين عن كثب.
العلاج النفسي
العلاج السلوكي المعرفي: وهو القائم على تعليم المرضى العديد من السُبل المختلفة للتفكير، والتي من شأنها أن تؤهلهم لمواجهة المواقف التي يخافونها وتسبب لهم الرعب والقلق، مما يؤدي إلى إكساب المريض القوة والفرصة التي تمكنه من التغلب على القلق والتوتر، وهذا نظراً لكون أنه يتعلم العديد من طرق التفكير التي تساعده في تخطي هذا الخوف.
المساعدة الذاتية ومجموعات الدعم: من الواجب عدم إغفال أن الكثيرون من مصابي الرهاب الاجتماعي يتحسنون بشكل كبير جدا وملحوظ، حالما يجالسون وينخرطون بأشخاص يعانون من نفس مشكلتهم، أو حتى كانت مشكلة أخرى.
استخدام آليات إدارة الأزمات والضغوط: والتي من شأنها مساعدة المريض في الشعور بحالة من الراحة الكبيرة، بالإضافة إلى كون أن البيئة المحيطة بالمريض تعد واحدة من أبرز وأهم سبل علاجه وخصوصا وسطه العائلي، فيقع على عاتقهم الاهتمام بحالته الصحية والنفسية والوقوف بجانبه ومراعاة مشاكله، بل ومساعدته في تجاوزها، على الأقل من خلال توفير جو وبيئة مناسبة لحالته.
العلاج الدوائي
قبل البدء في العلاجات الدوائية، وجب توضيح أن هذا العلاج الدوائي ليس الغرض منه هو علاج المريض وتخليصه من المشكلة بشكل نهائي، وإنما يتم اللجوء إلى هذا الحل بغرض الحد من سيطرة الأعراض الناتجة عن المرض وتقليل مفعولها وتأثيرها، ولهذا ففيما يلي سرده سنقوم بتوضيح أبرز العلاجات الدوائية التي يمكن اللجوء إليها.
مضادات الاكتئاب: والتي قد تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى يبدأ مفعولها في الظهور، حتى أن هذا الوقت قد يصل إلى أسابيع، علاوة عن كون أنها قد تصيب المريض ببعض الأعراض الجانبية، والتي تتمثل أهمها في الشعور بالغثيان أو الصداع أو تواجد مشاكل في النوم بأريحية.
مضادات التوتر: والتي يعد أشهرها هو البينزوديازبينات، والتي يلجأ إليه الطبيب في الأغلب مع أدوية مضادات الاكتئاب.
بيتا بولكر: وهي الأدوية التي يحتاج إليها الطبيب بغرض الحد من الأعراض الجسدية لمرض الرهاب الاجتماعي، والتي يعد أشهرها هو التعرق وزيادة معدل ضربات القلب واحمرار الوجه وغيرها، ومن أشهر هذه الأدوية هي البروبرانولول والاتينولول.