بذل عدد كبير من الفلاسفة والعلماء مجهودًا كبيرة من أجل تعريف الوعي، وفي البداية رفض عدد كبير من العلماء الفكرة برمتها، بل وتم رفض دراستها في الأساس، ولكن دراسة الأمر بدأت في الانطلاق بدايةً من القرن الحادي والعشرين، فما هو الوعي؟ الوعي هو الحالة العقلية التي يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق التي تجري من حولنا، ومع هذا فإنه ظاهرة معقدة يصعب تعريفها بشكل دقيق، ومن هنا نسلط الضوء على تعريف مفهوم الوعي في نواحي متعددة وكل المصطلحات الخاصة به عبر الفقرات التالية لموقع موسوعة.
ما هو الوعي؟
إجابة على سؤال ما هو الوعي؟ نشير إلى أن الوعي هو تلك الحالة العقلية التي ينتبه فيها الإنسان لوجوده، ويصبح قادرًا على التواصل بسهولة وسلاسة مع نفسه ومع الآخرين، إذ يقال بأنه القدرة على إدراك الذات والبيئة المحيطة، بما في ذلك الأفكار والمشاعر والأحاسيس.
بينما ينبع الوعي من استخدام الحواس الخمس التي يملكها الإنسان، ويختلف بشكل جوهري عن الوعي الصحي الذي يركز على سلامة وصحة الجسم والعقل.
الوعي ليس مجرد شعور أو إحساس، بل هو عملية مُعقدة تتضمن العديد من الوظائف العقلية المختلفة.
كما يُعدّ الوعي عنصرًا أساسيًا للحياة، فهو يسمح لنا بالتفاعل مع العالم من حولنا، واتخاذ القرارات، وتحقيق أهدافنا.
بينما يمكن تطوير الوعي من خلال التعلم والممارسة، واكتساب مهارات جديدة، وفهم أنفسنا والآخرين بشكل أفضل، ومع الوعي تأتي المسؤولية، فنحن مسؤولون عن أفكارنا ومشاعرنا وأفعالنا، فضلًا عن أنه رحلة مستمرة، رحلة اكتشاف الذات وفهم العالم من حولنا.
بالإضافة إلى أن الوعي محدود بالقدرات الحسية، والقدرة على التركيز، بجانب معالجة المعلومات، كما أنه محدود بالذاكرة.
ما هو الوعي لغة واصطلاحاً
الوعي مصطلح غني بالمعاني والدلالات، وفي قواميس اللغة العربية، نجد أن “وعَى” تعني حفظ الشيء وفهمه وقبوله، ونستنتج من ذلك أن الوعي مرتبط بامتلاك المعرفة وفهمها، كما أنه يتضمن التفاعل مع هذه المعرفة سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
كما أن الوعي هو ما يُشكّل منظومة الأفكار ووجهات النظر والمفاهيم التي يكوّنها الإنسان عن الحياة والطبيعة من حوله، فهو عملية إدراكية تُمكّن الإنسان من فهم العالم المحيط به، وتوجيه سلوكه بناءً على هذا الفهم، وتتمثل مكونات الوعي في:
المعرفة، وهي المعلومات والحقائق التي يمتلكها الإنسان عن العالم.
الفهم، أي قدرة الإنسان على تحليل المعلومات واستخلاص المعنى منها.
بالإضافة إلى التفاع، وهو استجابة الإنسان للمعلومات والحقائق التي يمتلكها، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
أنواع الوعي
هناك العديد من المصطلحات المُندرجة في قائمة أنواع الوعي، ومن خلال توضيحها يمكن إيضاح إجابة سؤال ما هو الوعي بشكل أفضل، ومنها:
الوعي العفوي التلقائي
هو النوع الذي يُشكل أساس القيام بنشاط معين دون أن بذل مجهودًا ذهنيًا كبيرًا، ولا يمنعنا من مزاولة أنشطة ذهنية أخرى في نفس الوقت، ومنه:
المشي.
الكتابة.
التحدث.
الوعي التأملي
عكس الوعي العفوي، إذ يتطلب حضوراً ذهنياً قوياً، ويرتكز على قدرات عقلية عليا مثل الذكاء والإدراك والذاكرة.
بينما يمنعنا من مزاولة أي نشاط آخر في نفس الوقت، ومنه:
التأمل.
حل مسائل رياضية معقدة.
قراءة نص فلسفي.
الوعي الحدسي
هو الوعي المباشر والفجائي الذي يجعلنا ندرك أشياء أو علاقات أو معرفة دون أن نكون قادرين على تفسيرها.
غالبًا ما يرتبط بالإلهام والإبداع، ومن الأمثلة عليه:
الشعور المفاجئ بالحل لمشكلة معقدة.
ابتكار فكرة جديدة.
الشعور بحدس قوي حول شيء ما.
الوعي المعياري الأخلاقي
هو الوعي الذي يجعلنا نصدر أحكام قيمة على الأشياء والسلوكيات فنرفضها أو نقبلها بناءً على قناعات أخلاقية.
غالبًا ما يرتبط بمدى شعورنا بالمسؤولية تجاه أنفسنا والآخرين، ومن الأمثلة عليه نجد:
الحكم على تصرف شخص ما بأنه “صواب” أو “خطأ”.
الشعور بالندم بعد ارتكاب خطأ.
مساعدة شخص محتاج.
الوعي الذاتي
هو إدراك الإنسان لنفسه وأفكاره ومشاعره وسلوكه.
الوعي الاجتماعي
هو إدراك الإنسان للمجتمع الذي يعيش فيه وقواعده وثقافته.
الوعي البيئي
إدراك الإنسان لأهمية البيئة والحفاظ عليها.
الوعي في الإسلام
يُعدّ مفهوم الوعي من أهم المفاهيم في الإسلام، فهو يُشكّل أساسًا لفهم العديد من المبادئ الإسلامية، مثل التكليف والإيمان والعبادة، والأخلاق.
بينما يُعتبر الوعي في الإسلام مسؤولية عظيمة تقع على عاتق كل مسلم، حيث يُؤدّي الوعي إلى فهم الدين الإسلامي فهمًا صحيحًا، وإلى تطبيق أحكامه تطبيقًا سليمًا، وإلى الإسهام في إصلاح المجتمع وبناء الحضارة الإسلامية، وأركان الوعي في الإسلام تتمثل في:
الوعي بالله تعالى، وهو إدراك وجود الله تعالى وصفاته، والإيمان به إيمانًا واعيًا.
الوعي بالنفس، أي إدراك الإنسان لوجوده وخصائصه، وفهمه لواجباته تجاه نفسه.
بالإضافة إلى الوعي بالمجتمع، وهو إدراك الإنسان لوجوده كجزء من المجتمع، وفهمه لواجباته تجاه المجتمع.
فضلًا عن الوعي بالكون، أي إدراك الإنسان لعظمة الكون، وفهمه لواجباته تجاه الكون.
أما عن مظاهر الوعي في الإسلام فتتمثل فيما يلي:
التفكر والتأمل، فهو من أهم وسائل تنمية الوعي في الإسلام.
طلب العلم، حيث يُعتبر طلب العلم من أهم وسائل تنمية الوعي بالله تعالى وبالنفس وبالكون.
كما يُعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم مظاهر الوعي بالمجتمع.
فضلًا عن أن الجهاد في سبيل الله من أهم مظاهر الوعي بالله تعالى وبالكون.
من هذا المنطلق، يُمكن القول بأنّ مفهوم الوعي في الإسلام هو مفهوم شامل، يشتمل على جميع جوانب حياة الإنسان، من عقيدة وأخلاق وسلوك.
الوعي والإدراك
عبر الجدول التالي نتعرف على الفرق بين الوعي والإدراك:
أوجه المقارنة
الوعي
الإدراك
التعريف
هو حالة عقلية يتم فيها استقبال المثيرات المختلفة من حولنا من خلال الحواس، والانتباه واليقظة والتعرف إلى الأسباب والنتائج.
هو تصور الشىء وإدراكه ومعرفته والإحاطة به بعد حدوثه، وهو استخدام القوة العقلية التى تعرف بها النفس الأشياء وتميزها.
الرابط بين الوعي والإدراك
الوعي هو الأساس للإدراك، فلا يمكننا إدراك أي شيء دون أن نكون واعين به.
الإدراك هو عملية معالجة المعلومات التي يجمعها الوعي، حيث يقوم الدماغ بتحليل المعلومات وفهمها وتفسيرها.
أوجه الاختلاف بين الوعي والإدراك
حالة ذهنية.شامل.يشتمل على المشاعر والعواطف.كما أن الوعي يسبق الإدراك.
عملية عقلية.محدد.يقتصر على المعلومات.
ما هو اللاوعي
يُشير مصطلح “اللاوعي” إلى مجموعة من العمليات والنشاطات الذهنية التي تحدث دون وعي أو إدراك منا، وأهم الخصائص الخاصة به:
غير قابل للوصول، أي لا يمكننا الوصول إلى المعلومات والعمليات اللاواعية بشكل مباشر من خلال الوعي الذاتي.
على الرغم من عدم إدراكنا له، إلا أن اللاوعي يلعب دورًا هامًا في سلوكنا ومشاعرنا وأفكارنا، ولهذا فهو يملك تأثيرًا قوي.
كما يشمل اللاوعي مجموعة واسعة من العمليات، مثل:
الذاكرة الضمنية، وهي الذاكرة التي تتعلق بالمهارات والعادات، مثل ركوب الدراجة أو العزف على آلة موسيقية.
العمليات الإدراكية، مثل معالجة المعلومات الحسية والتفكير التلقائي.
الدوافع، مثل المشاعر والرغبات والاحتياجات.
الصراعات النفسية، مثل المشاعر المكبوتة أو الأفكار المزعجة.
بينما تتمثل التأثيرات على اللاوعي في:
التجارب المبكرة، إذ تلعب التجارب التي نمر بها في طفولتنا دورًا هامًا في تكوين اللاوعي.
الصدمات النفسية، إذ يمكن أن تؤدي الصدمات النفسية إلى كبت المشاعر والذكريات في اللاوعي.
الحالة العقلية، حيث يمكن أن تؤثر الحالة العقلية على وصولنا إلى المعلومات والعمليات اللاواعية.
أما عن طرق الوصول إلى اللاوعي فتتمثل في التحليل النفسي، والتنويم المغناطيسي، بالإضافة إلى أحلام اليقظة.
بينما يساعد اللاوعي في فهم الذات، والتطور الشخصي.
من أشهر النظريات المرتبطة باللاوعي نجد:
نظرية فرويد، إذ يشير إلى أنه خزان للمشاعر والرغبات والدوافع المكبوتة التي لا نستطيع مواجهتها بشكل واعي، ويُعتقد أن هذه المشاعر المكبوتة تؤثر على سلوكنا ومشاعرنا بشكل غير مباشر.
نظرية المعالجة المعرفية، وتركز هذه النظرية على العمليات الإدراكية التي تحدث دون وعي مثل التفكير التلقائي، والانتباه الانتقائي.