نروي لكم اليوم قصة عن الصدق ، لأنه من أهم عناصر الأخلاق والسلوك لدى الإنسان؛ فيجب أن ينشأ على أسسه و مبادئه، كما إنه ينال رضا الله سبحانه وتعالى ويحصل على حسنات وثواب كبير به، ووُرِد ذلك في قوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) صدق الله العظيم.
ولإن مُعظم الأطفال يُصعب فهمهم لتفسير الآيات القرآنية، بسبب صغر أعمارهم فيمكن عن طريق سرد القصص لهم أن نُعلمهم المقصود، وأهمها هو أن الكذب دائماً يؤدى بصاحبه إلى التهلكة، وإن كانت كذبة صغيرة، فمن شب على شئ شاب عليه، وهذا ما نعرض لكم من خلال قصة قصيرة عبر موسوعة.
هُناك طالب في الصف الثاني الابتدائي يُدعى خالد، يتميز هذا الطالب بدرجاته العالية في الامتحانات وتفوقه على زملائه، بالإضافة إلى أخلاقه وسلوكه، وهذا كان يدل على إن والديه جعلوه ينشأ على أُسس صحيحة، وفي يوم دخل المُعلم الفصل و شرح الدرس على السبورة بينما كان خالد جالساً مُنهمكاً في تدوين شرح مُعلمه في كراسته، وحينها كان المُعلم يقول الواجب الذي يحضره الطلاب معهم غداً، وبعد أن أنهى المُعلم حصته ذهب، ووضع خالد كراسته في كتاب المدرسة ومن ثم داخل حقيبته.
وفي اليوم التالي أثناء طابور الصباح علم خالد من زملائه إن المُعلم قال لهم على الواجب، ولم يتذكر خالد شيئاً هكذا لإنه كان مشغولاً في تدوين الشرح، فتوتر خالد قليلاً وعندما صعد إلى الفصل ودخل المُعلم انكمش في نفسه مُفكراً ماذا يفعل، فبدأ المُعلم أن يُفتش على الواجب و يُصححه للطلاب وعندما وصل إلى خالد قاله له إنه حل الواجب ولكنه نسى الكراسة في منزله، فقبل المُعلم اعتذاره، وبدأت الحصة.
وفي منتصف الحصة سأل المُعلم خالد عن درس الأمس، وقال له أن يشرح لزملائه من كتاب المدرسة، فأخذ خالد كتابه ووقف أمام الفصل وبدأ في الشرح، وأثناء شرحه سقطت الكراسة من منتصف الكتاب، وقد رأها المُعلم، فأخذها ونظر بداخلها فوجد أن الواجب لم يُحل، قام بإهانته أمام زملائه وأمام نفسه، وقام بمُعاقبته ليس لأنه لم يحل الواجب بل لأنه كذب، وبكى خالد أستوعب أن الكذب دائماً يؤدى إلى التهلكة وأن الحقيقة دائماً ستظهر أمام الجميع ولو بعد حين.
أن وقت الكذب قصير، وإنه كالخيط لا أحد يشعر بأنك تكذب ولكنه في لحظة من الممكن أن ينقطع، فلو كان خالد صريحاً أمام مُعلمه و أخبره بأنه لم يحل الواجب؛ فكان من المُمكن أن يُحترم صراحته ويُقبل اعتذاره، كما أن الصدق هو من أهم سمات الأخلاق الذي تُميز المُسلم، وليس الصدق مع زملائه أو مُعلمه فقط، بل الصدق مع ربه وأمه وأبيه بالإضافة إلى أن يكون صادقاً مع نفسه، ويكمن الصدق في أن يقول الإنسان الحقيقة كاملة لا زيادة فيها أو نُقصان لأن هذا سُيغير صورة الحقيقة وفي هذه الحالة يتحول الأمر إلى كذب أيضاً، ولم يكن الصدق في قول فقط بل في أفعال و سلوك و قيم يفعلها الإنسان في حياته يومياً، إلى جانب الصدق في المشاعر التي تجعل الإنسان مُطمئن بكل ما يفعله، ولأن الصدق ينجي من الوقوع في المعاصي فعلينا أن نُربي أولادنا على الصدق في القول والأخلاق والمشاعر كما في السلوك تماماً.