إن علم الدولة هو الطريقة الواضحة للتعبير عن هوية الدولة، حيث يختلف العلم باختلاف الدولة، فهو كبصمة الإصبع بالنسبة للإنسان، لا تجد شخصين لديهما نفس بصمة الإصبع، وكذلك لا تجد دولتين لهما نفس العلم، فكل دولة من الدول تتمتع بخصوصية ثقافية واجتماعية وعلمية، واقتصادية تختلف عن بقية الدول، مما يجعلها فريدة ومميزة بين الدول الأخرى، والعلم هو شكل من أشكال هذا التميز، كما أنه يدل على استقلال الدولة وسيادتها وعزها وكرامتها بين الدول الأخرى.
عَلَم الدولة ليس مجرد رمز من الرموز أو قطعة من القماش ترتديه الدولة لتتميز به عن غيرها، ولكن له أبعادًا أعمق، ومعاني أكبر من هذا المعنى السطحي، الذي لا يقول به محب لوطنه، فالعلم هو جزء من هوية الدولة وخصوصيتها، ورايته المرفوعة دليل على عز الدولة وقوتها، وله من التبجيل والحب، والإعلاء، ما للوطن وأرضه.
يجب أن يُرفع علم البلاد عاليًا فوق المباني والمؤسسات الحكومية، والمدارس، ويُرفع علم الدولة عاليا فوق الساحات والميادين الرئيسية، والمحافل الدولية، والاجتماعات الدبلوماسية والرسمية للمسئولين في الدولة.
إن علم الدولة ليس مجرد نقوش وألوان مزخرفة، بل هو تاريخٌ يُسطَر، لدولة قوية، وشعبًا عاش سنوات طويلة من الكفاح لنيل استقلال الوطن، إنه التاريخ في رمز، والحاضر والمستقبل في أيقونة.
بعض الدول تهتم بأن ترمز في أعلامها إلى ما تتمتع به الدولة من مقومات طبيعية، أو ما تتميز به في المجالات الصناعية أو الزراعية أو الاقتصادية المختلفة، كما أن العديد من الدول ترمز في أعلامها إلى الكفاح الذي عاناه شعبها وخاصة الدول التي كانت مستعمرة من المحتلين في فترة من فترات تاريخهاـ تخليدًا لهذا النضال، وحفظًا له من الاندثار والنسيان، والبقاء طي الكتمان.
كما أن العديد من الدول تعبر عن قوتها العسكرية والسياسية عبر بعض الرموز التي يتضمنها علم البلاد.
استخدمت الأعلام أو الألوية والرايات منذ فجر التاريخ، فقد عرفها الإنسان القديم، فالإنسان القديم الذي كان يعيش في البرية على صيد الغنائم وتناولها كان يستخدم الأعلام ليدل عائلته على الوصول إليه في المكان الذي يصيد به، وبعد تطور الجماعات البشرية، كان تطور العلم، فكانت كل قبيلة أو أسرة تتخذ لنفسها شعارًا يعبر عنها ويميزها عن غيرها من القبائل، أو الأسر.
وبعدها قام الإنسان القديم باستخدام الرايات في الحروب، ليعلم الجنود قائدهم، وكان وسيلة من وسائل تحفيز الجنود على القتال، فمتى كان العلم مرتفعًا، اطمئن الجنود وعلموا أن قائدهم لا يزال بخير، ويعرفون مكانه، وإذا سقطت الراية فيعرفون بأن قائدهم قد قُتل أو أُسر، وأنهم مهزومون لا محالة.
وتعددت استخدامات الأعلام في العصور الفرعونية، فكان الفراعنة أول من استخدم الشعارات المختلفة لكل فرقة من الفرق الجندية.
وعبر العصور التاريخية تطورت الأعلام، حتى صارت الأعلام المعروفة في وقتنا الحالي، والتي تعتبر جزء لا يتجزأ من هوية الدولة، وانتماء أفرادها إليها. يهتمون في المناسبات الهامة برفع علم بلادهم عاليا في الهواء، ويحملون له من التقدير والاحترام ما يحملونه لوطنهم الذي ينتمون إليه.
وفي النهاية، فإن علم الدولة هو مظهر من مظاهر سيادتها واستقلالها يتم رفعه عاليا خفاقا في المحافل الدولية وعند تحقيق الإنجازات في المجالات المختلفة سواء الرياضية أو العسكرية أو الدبلوماسية، وبعد، فما كان من توفيق في عرضي لهذا الموضوع الهام والحيوي، فهو بتوفيق من الله، وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا من العلم ما ينفعنا في ديننا ودنيانا وعاقبة أمرنا.
تتمثل أهمية علم الوطن بالنسبة للشعب في أنه رمزًا لكل ما يتطلع إليه المواطن من رفعة وازدهار في وطنه، إلى جانب أنه الرمز الأكبر للقيم والثقافة التي تسعى الدولة دومًا للدفاع عنها، بالإضافة إلى أنه دومًا ما يذكر المواطن بالتضحيات التي قدمها الجنود والقادة للحفاظ على أمن واستقلال وطنهم.
يُعد العلم هو رمزًا للوطن، وقدسيته تنبعث من قدسية الوطن، كما أنه يعكس ترابط أفراد المجتمع وتوحدهم تحت شعار واحد، فيغذي شعورهم القومي بأنهم أبناء نفس الأرض، ويمثل علم البلد تطورها اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا.