كما تمتلك كل أمة أو دولة دستورها ونظامها الخاص بها، تمتلك الأمة الإسلامية بكافة دولها دستورا واحدا، ونظاما كونيا واحدا، ألا وهو القرآن الكريم، فهو دستورنا الذي نستمد منه قوانيننا وأحكامنا التي تقوم حيواتنا عليها، ولهذا فيجدر بكل عبد مسلم أن يكون على دراية تامة بكيفية قراءته بطريقة صحيحة وسليمة، وهذا هو السبب الواضح والصريح المؤدي لطلب خليفة المسلمين علي بن أبي طالب من أبي الأسود الدؤلي القيام بوضع علم خاص بأصول قراءة القرآن الكريم وأحكامه، خصوصا بعد تزايد دخول العجم في الإسلام وظهور الأخطاء القرائية، والجدير بالذكر هو أن الميم الساكنة تعد واحدة من أبرز أحكام هذا العلم، ولهذا فسنورد في البدء بضع الشواهد المجسدة لحكم الميم الساكنة ومن ثم سنتعرف عليها عن كثب، وذلك من خلال ما يلي ذكره.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة النساء في الآية رقم 174 “قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ”.
علاوة عن قوله في سورة آل عمران في الآية 101 “وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”.
بالإضافة إلى ما أورده الله تعالى في القرآن الكريم في سورة المائدة في الآية رقم 42 “فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ”.
كما ذكر الله تعالى في قرآنه الكريم في سورة الكهف في الآية رقم 18 “وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ”.
بجانب قول ربنا العزيز في سورة الفيل في الآية الرابعة “تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ”.
الجدير بالذكر هو أنه يمكننا أن نستدل من كافة هذه الشواهد من كتاب الله عز وجل، هو أن الميم الساكنة هي عبارة عن الميم الغير متحركة.
وهذا نظرا لكون أنها تظل ثابتة، سواء كانت في حالة الوصل أو الوقف، سواء كانت في اسم أو فعل أو حتى حرف كان، كما أنها تظل ثابتة حتى لو تحرك مكان تواجدها، فسواء كانت متطرفة أو متوسطة هي ساكنة.
ويضم حكم الميم الساكنة في باطنه ثلاثة أحكام خاصين به ألا وهم الآتي ذكرهم فيما يلي.
حكم الإخفاء.
حكم الإظهار.
حكم الإدغام.
فقد قال الجوزي في حكم الميم الساكنة في تحفة الأطفال الأتي ذكره.
بعدما قد تعرفنا على أبرز الشواهد التي كان من شأنها أن تبيين لنا حكم الميم الساكنة، والتي تتواجد بكثرة كبيرة جدا في القرآن الكريم، فنجد بأن الكثيرين قد تساءلوا حول حكم الإظهار، وما السبب في تسميته بهذا الاسم، خصوصا وأن حكم الإظهار كما قد سبق، وأوضحنا يعد واحد من أحكام الميم الساكنة، وبناء على هذا فقد كثرت التساؤلات حوله، ولهذا فستحمل طيات السطور التالية إجابة وافية حول هذا السؤال وذلك من خلال ما يلي ذكره.
يعود السبب في تسمية الإظهار الشفوي بهذا الاسم، نظرا لكون أن الميم الساكنة حينها يتم إخراجها من الشفاه.
علاوة عن كون أن أوجه التباعد تواجدت في كون أن بُعد مخرج الميم يزداد عن مخارج بقية الأحرف الظاهرة، خصوصا وأن حروف الإظهار في اللغة العربية هي عبارة عن ستة وعشرين حرفا، حتى أن هذا العدد كان بعدما تم إسقاط حرف الباء، وهذا نظرا لتواجده في حكم الإخفاء الشفوي.
بالإضافة إلى حرف الميم، وهذا بناء على ضمه لحكم الإدغام الصغير، مما يؤدي إلى أنه في حالة تواجد أحد هذه الأحرف بعد تواجد الميم الساكنة سواء كانت متواجدة معه في نفس الكلمة أو الكلمة التالية له، فيجب أن يتم إظهارها، وحينها يتم تسمية هذا الحكم بالإظهار الشفوي.
ومن الجدير بالتنويه هو أن إظهار حرف الميم الساكن، يكون في الأغلب مع حرفي الفاء والواو بشكل مؤكد، وهذا نظرا لخشية اللسان من الوقوع في خطأ إخفائها مع هذين الحرفين تحديدا، وهذا بسبب قرب النون الساكنة من الفاء والواو من ناحية المخرج.
حتى أن الجوزي قد أكد على أنه من المهم أن نحذر من إخفاء حرف الميم الساكن في حالة تواجد حرفي الفاء والواو، وذلك من خلال قوله الآتي.
والثالث الإظهار في البقية من أحرف وسمها شفوية
واحذر لدى واو وفا أن تختفي لقربها والاتحاد فاعرف
من الأمثلة للاظهار الشفوي قال تعالى
من الجدير بالذكر قبل البدء في إرفاق العديد من الشواهد المختلفة على حكم الإظهار الشفوي، هو أنه من الواجب أن نكون على علم بأن كافة حروف اللغة العربية يمكن أن تظهر شفهيا، وذلك في حالة وقوعها بعد حرف الميم الساكن، كافة الحروف عدا حرف الباء، وهذا نظرا لكون أنه في هذه الحالة فيكون حكمه هو الإخفاء الشفهي، بينما حرف الميم حينها يتحول حكمه إلى الإدغام، وبناء على هذا ففيما يلي ذكره سنقوم بالتعرف سويا على أبرز الشواهد المتعلقة بالإظهار الشفوي، وذلك من خلال السطور التالي ذكرها.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم بسورة الأنفال في الآية الرابعة “لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ”.
علاوة عن قول الله تعالى في سورة البقرة في الآية رقم 114 “لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.
كما أن الله تعالى قد أورد في كتابه العزيز في سورة البقرة وتحديدا في الآية رقم 17 “مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا”.
بجانب آيته الكريمة في سورة التوبة في الآية رقم 128 “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”.
بالإضافة إلى ما قد ذكره الله تعالى في سورة الروم في الآية رقم 17 “فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ”.
زيادة على كافة هذه الشواهد، فيتواجد أحد الشواهد التي ننطقها جميعا دون استثناء دون دراية، وهو قول الله تعالى في فاتحة الكتاب في الآية رقم سبعة “صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ”.
من الأمثلة للإدغام الصغير قال تعالى
قبل البدء في إرفاق بعض الشواهد التي تشير إلى حكم الإدغام الصغير، فقد وجب التعريف بهويته، ولهذا فالإدغام الصغير هو عبارة عن عملية التقاء حرفين مع بعضهما البعض أحدهما ساكن والآخر متحرك حتى يصبحان حرفا واحدا مشددا من جنس الحرف الثاني، ولعل أبرز الشواهد القرآنية على هذا الحكم هو إدغام حرف التاء بشبيهه، وهذا هو ما سنتعرف عليه سويا فيما يلي إرفاقه.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم بسورة البقرة في الآية رقم 16 “فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ”.
كما أنه يجب التنويه عن كون أن هذا الحكم، والذي يعرف باسم الإدغام الصغير هو عبارة عن “إدخال الميم الساكنة في الميم المتحركة بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا مع الغنة”.
