في المقال التالي نقدم لكم إجابة على سؤال ماهي اول معركة بحرية اسلامية ومن هو قائدها، فيُذكر أن الجيش الإسلامي قديماً كان يعتمد على القتال في البر فقط، وقاموا بتحقيق العديد من الفتوحات بتلك الطريقة، ولكن مع مرور الوقت وتطور قوة الجيوش الأخرى، اقترح الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه على خليفة المسلمين عُمر بن الخطاب أن يقوم المسلمون ببناء أسطول لهم، ولكن لم تُنفذ الفكرة آنذاك، ونُفذت فيما بعد في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه.
فقام عثمان ببناء بعض السفن البحري، ثم بدأ في إنشاء أسطول بحري ضهم للمسلمين، وخاض هذا الأسطول معركة كبيرة ضد الأسطول البيزنطي في معرفة بحرية، والتي تعد أول معركة بحرية يشارك فيها جيش المسلمين، وفي الفقرات التالية من موسوعة سنوضح لكم اسم تلك المعركة، بالإضافة إلى أسباب حدوثها، فتابعونا.
أول معركة بحرية شارك فيما جيش المسلمين هي معركة ذات الصواري، وبالرغم من قلة عدد سفن المسلمين مقارنة بسفن الأسطول البيزنطي، وبالرغم من قلة خبرة المسلمين في القتال البحري، إلا أن جيش المسلمين استطاع تحقيق نصر كبير، وقد سُميت معركة ذات الصواري بهذا الاسم نسبة إلى أعداد السفن التي شاركت في تلك المعركة، وفي الفقرات التالية سنوضح لكم سبب قيام تلك المعركة، بالإضافة إلى توضيح نتائجها.
قاد معركة ذات الصواري عبد الله بن سعيد بن أبي سرح القرشي، والذي كان والياً على مصر آنذاك، وُلد الصحابي الجليل في العام الثالث والعشرين قبل الهجرة، وكان أخو الصحابي الجليل عثمان بن عفان في الرضاعة، وكان أخوه الصحابي وهب بن سعد، والذي كان أحد شهداء غزوة مؤتة، ويُذكر أنه قد تعلم القرآن على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اتصف عبد الله بن سعيد بالشجاعة وحسن التخطيط، فقد قاد الجيوش وانتصر في العديد من المعارك، فقد شارك في قيادة الميمنة عند فتح مصر، كما قاد معركة ذات الصواري والتي انتصر فيها ضد الأسطول البيزنطي.
اختلفت آراء المؤرخين حول سبب قيام معركة ذات الصواري، وسنوضح لكم في الفقرات التالية أبرز الآراء التي وردت في أسباب قيام تلك المعركة:
قام الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان بعقد صلح مع جزيرة قبرص في العام الثالث والثلاثين هجرياً، ولكن تم نقض هذا الصلح من قبل أهل قبرص، حيث ساعدوا جيش الروم، وقاموا بتقديم الأسلحة والسفن لهم حتى يهزموا جيش المسلمين، فقام الصحابي الجليل بقيادة 500 سفينة بحرية، وهجم بها على الجزيرة، واستطاع إجبار أهل قبرص على الخضوع والالتزام بشروط الصلح الذي نصت عليه المعاهدة.
ومن ثم قام معاوية بن أبي سفيان بالتعاون مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وقاموا بتجهيز أسطول إسلامي، وشرع القتال بين الأسطول البيزنطي والأسطول الإسلامي في كليكيا التي تقع في جنوب آسيا الصغرى، وفي بداية المعركة، وبسبب قلة الخبر التي يمتلكها المسلمون في القتال عبر البحر، كان الأسطول البيزنطي أن يُحقق نصراً كبيراً على المُسلمين ويقضي عليهم، ولكن استطاع القائد الذكي والشجاع عبد الله بن سرح القيام بوضع خطة تُمكن المسلمين من السيطرة على الأمور في المعركة.
فاتفق الأسطولان على القيام بهدنة والتوقف عن القتال طوال الليل، وفي تلك الفترة قام المسلمون باستخدام الحبال القوية لربط سفن البيزنطيين بسفنهم، ومن ثم قاموا بسحب تلك السفن نحو البر، الأمر الذي يجعل القتال على البر أسهل بكثير، وبالفعل نجحت تلك الخطة، فتقابل الجيشان مع بعضهما، وتقاتلوا بالرماح، وقاموا بالتراشق بالحجارة الكبيرة، ثم استخدموا السيوف والخناجر في القتال، وكان المسلمون أبرع من جيش العدو في المبارزة، الأمر الذي أدى إلى انتصار جيش المسلمين على الجيش البيزنطي، ويُذكر أن قسطنطين بن هرقل قائد الأسطول البيزنطي قد فر هارباً من المعركة بعد أن أصيب بجراح كبيرة.
بعد انتهاء المعركة التي درات بين جيش المسلمين وبين الأسطول البيزنطي، هرب قسطنطين بين هرقل إلى جزيرة صقلية، وقام أهل الجزيرة بقتله عندما علموا أنه قد تسبب في خسارتهم، ويُذكر أن لم يتبقى من الأسطول البيزنطي إلا عدد قليل من السفن، وقامت الرياح بتفريق تلك السفن عن بعضها.
ثم رجع الأسطول الإسلامي إلى ساحل عطا، وقام القائد الشجاع عبد الله بن سعد بإرسال رسالة إلى الخليفة عثمان بن عفان ليبشره بانتصار الجيش الإسلامي، ففرح الخليفة بهذا النصر، وبها يكون قد استطاع جيش المسلمين السيرة على مصر والشام والعديد من مناطق البحر المتوسط، والقضاء على نفوذ البيزنطيين في تلك المناطق.