امتلأ الأدب العربي بقصص الحب العذري؛ لذا تقدم الموسوعة مقالًا عن قيس وليلى؛ فقيس وليلى من اشهر قصص الحب العذري في الأدب العربين التي انتهت كمعظم قصص الحب في الأدب العربي بانفصال كلًّا من الحبيبيْن؛ فقيس كان مُتَيَّمًا في حب ليلى العامرية، وهي أيضًا كانت تعشقه، وذاع صيت هذه القصة جميع أرجاء العرب، فرفض أبو ليلى العامرية تزويجها لقيس؛ فحزن قيس حزنًا شديدًا على فراق ليلى، وذهب يُنشد الأشعار في كل مكان، يحكي على ما كان بينه وبين ليلى من وصالٍ؛ حتى إنه من شدة حبه لها؛ سُمِّي مجنون ليلى، مع إنه لم يَكُن مجنونًا؛ فهيا معًا نتعرف على قصة قيس وليلي، وبعض الأشعار التي قالها قيس في حب ليلى.
هو قيس بن الملوح بن مزاحم، كان من قبيلة العامري فنُسب إليها، وهو من أهل نجد، وكان من الشعراء الذين يُجيدون شعر الغزل العفيف الذي لا يُخالطه الفحش والمجون، وقيس أمضى حياته هائمًا في حب ابنة عمه ليلى الذي رفض أبوها زواجها منه، فتنقل في البلاد يقول الأشعار فيها؛ حتى يُرى مرة في الحجاز، ومرة في الشام؛ حتى وُجِد ميِّتًا على بعض الصخور؛ فأُعيد إلى قومه مرةً أخرى، ولُقِّب بمجنون ليلى مع غنه لم يكن مجنونًا؛ لارتباطه الشديد بليلى.
هي ليلى بنت مهدي العامرية، كان عشيقة لقيس بن الملوح ابن عمها، ولما رفض أهلها الزواج من قيس؛ رفضت أن تتزوج بأي شخصٍ آخر؛ لكن والدها فرض عليها الزواج من شخصٍ آخر، وكانت تُعرف بحفظها للأخبار والروايات.
لقد ذكرت كتب الدب العربي قصصًا كثيرةً في حب قيس وليلى، ولك اقرب القصص للصحة هي التي قيل فيها: إن قيس وليلى كانا أبناء عمومة؛ فهي كانت ابنة عمه، وقد نشأ قيس وليلى في نفس البيئة وهما صغار، فكانوا يرعون الغنام مع بعضهما، وبدأت المشاعر العاطفية بينهم منذ هذه الفترة، وكلما كبرا؛ بدأت تلك المشاعر في الزيادة؛ حتى وصلت إلى ذروتها، فتقدم قيس لخطبتها من عمه؛ لكنه رفض؛ فأخذ بالتجول في معظم البلدان مُتغزلًا في ليلى، وفي الذي كان بينهما من الود، والألفة، والمحبة التي كانت بينهما، وقُطع كل هذا بسبب رفض والدها.
والرواية الأخرى لهذه القصة تقول: إن قيس كان دائم السفر، وفي يوم من أيام سفر إذ مر على مجموعةٍ من النساء؛ فنادين عليه، فأقبل قيس وجلس معهن، وأخذن يتجاذبن الحديث معه، حتى قال قيس بن الملوح بعض أشعاره؛ فأعجبن به إعجابًا شديدًا، وفي مرةٍ أخرى ذهب من نفس الطريق، فلم يجد من النساء غلا واحدة؛ كانت هي ليلى بنت العامرية؛ فتحدثا مع بعضهما؛ فوقع حبها في قلب قيس، ووقع حب قيس في قلبها، وتواعدا ألا تُبعدهما الأيام؛ فذهب قيس لخطبتها من أبيها؛ فلم يُوافق، فعاش طوال حياته يكتب الشعار في حب ليلى، حتى وُجِد ميّتًا، ولُقِّب بمجنون ليلى من شدة هيامه بها.
قيل: إن قيس بن الملوح قد ذهب غلى حج بيت الله الحرا؛ حتى يدعو الله عز وجل أن يشفيه من حب ليلى، وأن ينسه إياها، فذهب غلى الكعبة المشرفة، وتعلق بأستارها، وقال: اللهم زدني لليلى حبًّا، ولا تُنسني ذكرها”، وهذا إن دل فإنه يدل على مدى حب لقيس لليلى، وعشقه لها، وقيل إنه ذهب إلى زوج ليلى التي أجبرها والدها على الزواج به، وقال له:
بربّك هل ضممت إليك ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفّت عليك قرون ليلى رفيف الأقحوانة في نداها
كأن قرنفلاً وسحيقَ مِسك وصوب الغانيات شملن فاها
فقيس يُحلف زوجها، ويقول له هل ضممت ليلى إليك اليوم، أو قبلت فيها في الصباح، ثم بعد ذلك يُشبه فم ليلى بأن رائحة فاها كرائحة المسك، وأن الغانيات كأنهن جُمعن في فِيها، قال زوجها: أما إنك حلفتني؛ فأنا فعلت ذلك حقا، فقبض قيس على جمرٍ من نارٍ من شدة الغيظ؛ حتى أُغشيَ عليه، وهذا من شدة حبه ليلى.
ولقد كانت تُبادله ليلى العشق، فحينما قال:
ألست وعدتني ياقلبُ أنّي إذا ماتُبتُ عن ليلى تتوبُ
فها أنا تائبٌ عن حُبِ ليلى فما لك كلما ذُكرت تذوبُ
فهو هنا يُكلم قلبه، وكأنه شخصٌ أمامه ( يُسمون الأدباء هذا الأسلوب أسلوب تجريد)، ويقول له يا قلبي أنت وعدتني إن أنا تُبت عن حب ليلى، وتركت ذكرها؛ ستتوب مثلي عن حبها، وها أنا قد أعلنت أني تُبت عن حبها، فما بالك يا قلبي كلما ذكرت؛ تذوب في حيها.
فردت عليه ليلى وقالت:
كلانا مظهر للناس بغضا وكل عند صاحبه مكين
تحدثنا العيون بما أردنا وفي القلبين ثم هوى دفين
وقيل إن قيس بن الملوح قد ألف ديوانًا للشعر؛ لأجل ليلى؛ فلذا كانت قصة قيس وليلى من أشهر قصص الحب العذري في الأدب العربي، وتوفى قيس بن الملوح في عام 68 من الهجرة.