الصداقة .. الصداقة من أهم العلاقات الإنسانية في حياة كل البشر ، و كما تقول العبارة الشهيرة “رب أخ لم تلده أمك ” تتضح لنا أهمية الصداقة و وجود صديق في حياتنا ، فالصديق ليس مجرد شخص تتعرف عليه لقضاء بعض الوقت أو الحديث و إنما الصديق هو المرآة التي ترى بها نفسك بوضوح و دون كذب أو خداع ..
صديقك الجيد يجب أن يقوم بدور الضمير في حياتك ، يخبرك متى تخطئ و يحذرك حين ترتكب شئ غير صحيح ، و يدفعك للأمام ، يحب لك الخير على الدوام و يحاول أن يأخذك دائما إلى الطريق القويم المستقيم .
وقد تعلمنا منذ الصغر أن إختيار الصديق ليس بالشئ السهل ، فالصديق هو فرد من عائلتك و لكنه بإختيارك ، لذا عليك أن تحسن الاختيار و أن تفكر جيدا هل يصلح الشخص ان يكون صديقا أم لا ؟
فالصديق السئ سوف ينعكس عليك دائما بالسوء و سوف يجعلك تقوم بالكثير من التصرفات الغير جيدة ، و ليس بالضرورة ان يكون الصديق سيئا لانه يجعلك تقوم بأشياء خاطئة ، و لكن أيضا يمكن أن يكون الصديق سيئا لأنه لا يشجعك او يعطيك نصائح غير صحيحة أو يحبطك او يسخر منك ، فالصديق الحقيقي هو الصديق الذي يفرح لفرحك و يسعد لنجاحك ، وليس مثلما نرى هذه الأيام أصبح الصديق يغار من فرح و نجاح صديقه ، فيصبح أكثر خطورة من العدو.
وكما تقول المقولة الشهيرة إحذر عدوك مرة و صديقك ألف مرة ، وذلك لأن الصديق يعرف عنك كل شئ ، يعرف نقاط ضعفك و كذالك نقاط قوتك وبالتالي إن كان صديقا سيئا يمكنه بسهولة أن يسبب لك الكثير من الاذى بما يعرفه عنك من جيد و سئ ومن نقاط قوة و نقاط ضعف .
و نجد أن التاريخ ملئ بسير الأصدقاء الذين ساندوا بعضهم البعض و الذين كانوا نعمة الأصدقاء و الأخوة ، فعلى سبيل المثال صداقة الرسول صلى الله عليه و سلم و أبي بكر الصديق ، هذه الصداقة التي جعلت أبي بكر يصدق النبي و يقف خلفه بكل قوته و أمواله و هيبته حتى يساعده في توصيل رسالته للعالم كله ، و حتى حين حدثت موقعة الإسراء و المعراج وذهب المشككون يحكون لأبي بكر حتى يشك هو الأخر في النبي و يتهمه بالكذب فيما رواه ، كان رد أبي بكر أن النبي إن قال فقد فعل ، و لم يشك لحظة واحدة في النبي صلى الله عليه و سلم ، و في هذا أبلغ دليل على مدى حب و ثقة أبي بكر الصديق في النبي صلى الله عليه و سلم و مدى قوة الصداقة التي جمعتهم معا.
الصداقة أمرا جميلا يحتاجه كل إنسان حتى يحيا حياة سوية و مثمرة ، فالإنسان يحتاج أن يجد بجواره من يتحمله في وقت حزنه و من يفرح معه في وقت فرحه ، و ما أجمل أن يختار الإنسان صديقا مقاربا له في كل شئ ، في ظروفه و معيشته حتى يجدان سبلا للتواصل و التفاهم .
ولا بأس إن حاول الإنسان أن يحول علاقاته بمن حوله إلى علاقات صداقة حتى تصبح أكثر إمتاعا و أكثر إثمارا ، فما المشكلة لو حول الأب علاقاته بأولاده إلى علاقة صداقة ؟ و ما المشكلة إن حولت علاقاتك بأخوتك علاقات صداقة ، أو لو حول الزوج علاقته بزوجته إلى علاقة صداقة و حب معا ، سنجد أن العلاقات إنتظمت كثيرا و صارت أجمل و أنقى و أكثر إمتاعا و تفاهما و ستختفى الخلافات تدريجيا بين الجميع ليعم الحب و السلام و الوفاق المجتمع ..