حرص الإنسان منذ سنوات طويلة على استكشاف الفضاء أو ما يُعرف بغزو الفضاء الخارجي، رغبة منه في معرفة المزيد عن كل ما يخص القمر والكواكب والشمس والمجرات والأرض.
وهو ما جعله يُطلق العديد من المركبات التي تطوف حول وخارج الأرض، من أجل استكشاف المزيد من المعلومات الهامة حول هذا الكون.
واعتمد الإنسان من القِدم على أحدث التطورات والتقنيات لاستكشاف الفضاء والأجرام السماوية الموجودة به.
وبمرور السنين، تطورت تكنولوجيا الفضاء، وتطورت الآلات التي يستخدمها الإنسان لمعرفة المزيد من المعلومات عن الفضاء الخارجي، حتى تمكن علماء الفلك من إطلاق رحلات فضائية مأهولة، واستخدام التقنيات الروبوتية دون طيار.
أما عن تاريخ رصد الفضاء، فهو يعود إلى عام 1957، ففي هذا العام، أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي، والذي دار حول الكرة الأرضية.
وفي عام 1958، زادت آليات معرفة المزيد عن الفضاء، بفضل تطور عدد المجسات الفضائية، ففي هذا العام تم إطلاق مجس فضائي والذي اصطدم بمجس آخر.
ثم انطلقت رحلة الطيران الفضائية الأولى عام 1961، وقاد تلك الرحلة القائد الفضائي السوفييتي يوري جاجارين، حيث قاد السفينة الفضائية فوستوك 1، والتي استغرقت رحلة دورانها حول الكرة الأرضية حوالي 180 دقيقة.
وفي عام 1962، حلق مجس فضائي أمريكي واقترب من كوكب الزهرة.
وفي ديسمبر 1968، تم إطلاق أول مركبة فضائية مأهولة إلى القمر، وهي مركبة أبولو 8 الأمريكية، والتي دارت حول القمر 8 دورات، ثم عادت إلى نقطة انطلاقها دون خسائر.
وفي عام 1969، انطلق رائدا الفضاء الأمريكيان نيل أرمسترونج وإدوين ألدرين، في رحلة فضائية إلى سطح القمر على متن مركبة أبولو 11، وكان نيل أرمسترونج هو أول إنسان يطأ بقدمه في سطح القمر.
وبعد هذه الخطوة، توالت الرحلات الفضائية المأهولة، فقبل أن ينتهي برنامج أبولو القمري عام 1972، كان قد تم إطلاق 5 مركبات فضائية مأهولة، على متنها 5 رواد أمريكان.
تطور إطلاق الرحلات الفضائية
وبعد ذلك، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مجسين فضائيين ألمانيين، وذلك خلال الفترة ما بين 1974 إلى عام 1976، ووصلا المجسين إلى مدار كوكب عطارد، وهو أقرب كوكب إلى الشمس.
وفي نفس العام، تم إطلاق مجسين أمريكيين إلى سطح كوكب المريخ، ومن خلال تلك الرحلة استطاع علماء الفضاء إجراء دراسات على جميع الكواكب عدا كوكب بلوتو، إلى جانب استكشاف المزيد من الكويكبات والمذنبات.
ومن الحوادث التي وقعت في تاريخ رصد الفضاء، هو الانفجار الذي لحق بمكوك الفضاء الأمريكي كولومبيا، وكان ذلك في عام 1981، وكان هو أول مركبة فضائية يمكن إعادة استخدامها، إلى جانب قدرته على الهبوط في مدرجات المطارات العادية.
ثم وقعت الحادثة الأخرى في تاريخ رصد الفضاء ولكنها الأكثر فجعًا، ففي عام 1986 انفجر مكوك الفضاء تشالنجر، ونتج عن هذا الانفجار وفاة جميع أفراد طاقم المكوك، ولكن تمت إعادة تصميمه مجددًا، وفي عام 1988 انطلق برحلاته مرة أخرى.
لم يكن إطلاق الرحلات الفضائية بغرض علمي فقط؛ بل كانت هناك أهداف عسكرية أيضًا، ففي فترة الثمانينات من القرن العشرين تم تخصيص ربع الرحلات الفضائية لأغراض عسكرية، حيث كان يتم اختبار الأجهزة العسكرية، وكانت تلك الرحلات تتم في سرية شديدة، فلم تعلن وكالة ناسا عن مواعيد إطلاقها أو نتائجها أو معلومات عن أطقمها وروادها.
التنافس في مجال رصد الفضاء
وبدأت الحرب الباردة التي اندلعت بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي سابقًا، فتمثلت تلك الحرب في منافسة شرسة بينهم في مجال اكتشاف الفضاء، فكانت كل دولة تريد إثبات تفوقها على الأخرى في تطوير البرامج المتعلقة بالفضاء.
وقد حققت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي استكشافات كبيرة في مجال الفضاء، وبعد أن انشغلت كلًا منهما في تحقيق ما تسعى له من أهداف فضائية؛ قلت حدة التنافس بينهما في هذا المجال.
وقد تم الوصول إلى كوكب الزهرة من قِبل المجلس الأمريكي ماجلان، وكان ذلك في عام 1990، واستطاع في تلك الرحلة رسم خرائط جميع مساحة سطح الكوكب.
ثم أطلقت اليابان مجسين صغيرين في عام 1992، ثم أطلقت المجس الفضائي جيتو بعد تنشيطه، فتعدت سرعته سرعة المذنب (جريج – سكجيلرب)، وبعد ذلك بثلاث سنوات، وصل المجس الفضائي جاليليو كوكب المشترى.
وفي عام 1993 كلف الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وكالة ناسا بإعادة تصميم المحطة المقترحة، توفيرًا لما تحتاج إليه عملية بناء محطة من مال ووقت.
وبحلول عام 2000، نفذت الصين برنامج إطلاق الرحلات الفضائية المأهولة، وهو الوقت الذي خططت فيه الهند واليابان ودول الاتحاد الأوروبي لإرسال الرحلات الفضائية المأهولة في القرن 21، أما إطلاق رحلات فضائية مأهولة إلى القمر والمريخ في نفس القرن، فكان الاتجاه الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2004، تم إطلاق 3 رحلات فضائية شبه مدارية قصيرة إلى الحافة السفلية من الفضاء، وقد أدى نجاح تلك الرحلات إلى تنشيط مجال السفر التجاري والسياحي.
وقد أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة للأغراض السلمية للفضاء الخارجي، وذلك بعد تزايد الأنشطة المتعلقة بمجال استكشاف الفضاء، وشارك في هذه اللجنة 17 دولة، من أجل مناقشة أهم القضايا المتعلقة بالأنشطة الفضائية الدولية، على الصعيد القانوني والتقني والعلمي.
فوائد استكشاف الفضاء
هناك الكثير ممن يعتقدون أن رحلات استكشاف الفضاء هي نوع من الرفاهية، ولكن هناك فوائد عديدة من الاهتمام بهذا المجال وهي:
نتج عن رحلات استكشاف الفضاء إتاحة قدر كبير جدًا من المعلومات التي يستفيد منها الناس في معرفة المزيد عن الكوكب والكون، وكيف كانت بدايات الكون.
من خلال الرحلات الفضائية يمكن اكتشاف المخاطر التي تحيط بكوكب الأرض، وأبرزها الكويكبات التي يزيد عرضها عن 100 متر، والتي ينتج عن اصطدامها إطلاق عاصفة نارية من الشظايا الساخنة، والتي تنشر الغبار في الغلاف الجوي، والذي يقوم بدوره بحجب أشعة الشمس، وبالتالي موت الكائنات الحية من الانفجار أو جوعًا.
تمكنت محطة الفضاء الدولية ناسا من الوصول إلى اكتشافات طبية هامة، أبرزها أداة تحملها الممرضة لإجراء الفحوص فوق الصوتية ثم ترسلها إلى الطبيب الذي يبعد عنها، وذراع آلية تُستخدم في إجراء العمليات الدقيقة داخل أجهزة الرنين المغناطيسي.
من خلال الرحلات الفضائية يمكن اكتشاف التهديدات الفضائية للدول، ومن تلك التهديدات مهاجمة الأقمار الصناعية للمراقبة أو الاتصالات أو الملاحة باستخدام أسلحة فضائية تلجأ إليها جماعات إرهابية أو دول معادية.
من فوائد إطلاق الرحلات الفضائية، إجراء عمليات التعدين الفضائية، حيث يمتلئ بمواد ثمينة مثل الفضة والذهب والبلاتين، إلى جانب وجود نسبة عالية من الهيليوم 3 في القمر، وهو ما يمكن الاستفادة منه واستخدامه كوقود للمحطات النووية واستخدامه في أجهزة الرنين المغناطيسي، واحتواء القمر على نسب من اليوروبيوم والتانتاليوم، وهي مواد هامة يتم استخدامها في الألواح الشمسية والإلكترونيات.
بعد إطلاق الأقمار الصناعية، زادت دقة توقعات الطقس، حيث يتم التقاط صور للسحاب عندما تدور حول الأرض، ومن ثم مراقبة الظروف المناخية على الكوكب، وتوفير المزيد من المعلومات لخبراء الأرصاد حول حالة الطقس وتوقعاته.